لا أظن أن أعضاء مجلس الوزراء كانوا يدركون تمام الإدراك الأبعاد والمتطلبات الكاملة لقرارهم في العام الماضي بجعل العام الحالي عاماً للبيئة في البلاد.. لو كانوا كذلك ما اتخذوا القرار في الأساس، فعام البيئة يعني تكريس الدولة والمجتمع جهوداً استثنائية وموارد مالية وفيرة في بلد كل ما فيه معاد للبيئة.
منذ يومين دعا وزير البيئة سركون لازار صليو المفوضية العليا للانتخابات إلى حثّ المرشحين من أجل استخدام وسائل دعائية صديقة للبيئة تزامناً مع عام البيئة، وهو ما يعني تجنب وسائل الإعلان التي تدخل في صناعتها مواد تصعب معالجتها بعد انتهاء الحملات الدعائية للمرشحين، مثل البلاستيك والنايلون، ممّا يتسبب في إحداث تلوث كبير في البيئة. ويعني الأمر كذلك الامتناع عن نشر الملصقات الدعائية بشكل عشوائي، ما يتسبب في تلوث بصري.
برغم ان موعد الحملة الانتخابية لم يبدأ بعد، فان الكثير من المرشحين، وبخاصة مرشحي الكتل الكبيرة بما فيها كتلة دولة القانون وأخواتها الحاكمة، استباحوا الشوارع والطرقات والساحات واستحوذوا عنوة على أفضل الزوايا والأركان، ونشروا ملصقاتهم الدعائية من النوع الذي أراد وزير البيئة تجنب استخدامه لتفادي تلويث البيئة.
بوسعي الزعم منذ الآن ان عام البيئة سينتهي كما بدأ من دون أن نلمس أي أثر للاموال المفترض انها رُصدت له وللجهود التي ستبذلها وزارة البيئة وسواها. هذا الحكم يستند في جانب منه الى تجربة العام الماضي الذي كُرس لتكون فيه بغداد عاصمة الثقافة العربية، فقد انتهى العام هو الآخر كما بدأ من دون أن ينبثق على أرض بغداد أي أثرٌ ثقافي ذو قيمة.. نعم كانت هناك مهرجانات فنية ونشاطات ثقافية ونشر للكتب (نصفها لم يوزع)، بيد ان هذا هو مما يمكن أن تقوم به وزارة الثقافة في أي وقت وليس في عام مميز مكرّس للثقافة .. كنا نتطلع الى أن نشهد في العام 2013 بناء منشآت ثقافية كبيرة، أو في الأقل إعادة الروح الى المنشآت الثقافية والفنية الصغيرة التي قتلتها حقبة الدكتاتورية وحروبها وفوضى ما بعد 9 نيسان 2003 غير الخلاقة، كالمسارح ودور السينما والصالات الفنية والمكتبات العامة.
العراق كله من أقصاه إلى أدناه ملوّث على نحو مروّع، ويحتاج إلى جهود جبارة ومليارات الدولارات للتخفيف من وطأة تلوثه، وحتى الان لم نلمح أي علامة لإشارة البدء بفعاليات للتوعية البيئية ولا رأينا عملاً يجتذب الانتباه الى هذا العام وفعالياته، بل نجد أعمالاً مناهضة ومنها ما اشار اليه وزير البيئة بخصوص عملية التلويث التي يقوم بها المرشحون لأن يكونوا نواباً للشعب في البرلمان!
هل هي مفارقة؟
أبداً فأكبر الفَسَدة في دولتنا هم أعضاء في البرلمان والحكومة وسائر مؤسسات الدولة!
مقالات اخرى للكاتب