كل ما يتعـلّـق بالنساء جميل .. حتى نظام الكوتا .. أوّل خرَق لـنظام الكوتا حصل عندنا في البيت ، لـدي ثلاثة نسوان يشكـلـّن أغلبية بسيطة ، النصف زائد واحد .. وهذا الواحد زوجتي .. و نـُشكـّل نحن صنف الرجال أقلـّية في البيت .. عليه النظام السائد عندنا هو الكوتا الرجالية ..!
مفردة الكوتا ( quota ) تعنـي حصـّة أو نصيب ... و النصيب هنا ليس مرتبطاً بقسمة الزواج و نصيبه .. بل هو مصطلح سياسي أستـُعمل لـزجّ المرأة (عـنوة ) في الحياة السياسية .. لمعالـجة إشكالية ضعف مشاركة النساء في العملية السياسية ومواقع صنع القرار و تواجد المرأة في المجال العام .. وهو إقرار بـحقوقها في العالم أجمع . تختلف نسب المشاركة النسائية من دولة لأخرى حسب الطبيعة الاجتماعية والثقافية والقوانين المقرة في كل بلد. ويُعد تمثيل المرأة في مواقع صنع القرار وسيلة لدعم النساء للمشاركة في الحياة العامة والسياسية لبلادهن على اختلاف خلفيات تلك النساء الطبقية والسياسية والاجتماعية والثقافية .. كان نظام الكوتا أو تخصيص حصص للنساء إحدى الآليات المقترحة في المؤتمر الرابع العالمي عن النساء، في بكين عام 1995 كحل مرحلي لمشكلة ضعف مشاركة النساء في الحياة السياسية ومراكز صنع القرار ، ولما طال النساء من تهميش وإقصاء أدى إلى عدم تمثيلهن أو على أقل تقدير ضعف هذا التمثيل ، وعزوفهن في كثير من الأحوال عن المشاركة في مراكز صنع القرار.
هناك ثلاثة أشكال للكوتا : وهي الكوتا القانونية أو الدستورية التي يتم من خلالها تخصيص نسبة محددة من المقاعد في المجالس التشريعية للنساء، مثل الكوتا المطبقة في العراق حيث ينص الدستور العراقي على نسبة 25% من المقاعد أن تكون مخصصة للنساء في مجلس النواب .. وأيضاً في الأردن حيث خصص القانون 10% من المقاعد للنساء ..!
والشكل الآخر للكوتا هي الكوتا الترشيحية التي قد تكون مُـقـننة فـتـُجبر الأحزاب على ترشيح نسبة محددة من النساء على قوائمها مثلما هو الحال في فلسطين حيث نص قانون الانتخاب في عام 2005 على أنه : ( يجب أن تتضمن كل قائمة من القوائم الانتخابية المرشحة للانتخابات حداً أدنى لتمثيل المرأة لا يقل عن امرأة واحدة من بين كل من : 1.الأسماء الثلاثة الأولى في القائمة ، 2.الأربعة أسماء التي تلي ذلك ، 3. كل خمسة أسماء تلي ذلك )..!
والشكل الثالث للكوتا هي الكوتا الطوعية التي تتبناها الأحزاب و القوائم الأنتخابية في لوائحها دون وجود نص قانوني مُـلزم مثلما هو الحال في العديد من الدول الاسكندنافية كالسويد والنرويج ..!
وتعتبر الكوتا النسائية حلاً مرحليا للمشاركة الضئيلة للنساء في الحياة السياسية .. حيث يعتبر بعض المعارضين لنظام الكوتا و أنا أوّلـهم ، أنه أحد أشكال التمييز في تمثيل النساء ، وقد لا يعبـّر عن إرادة الناخبين بشكل حقيقي أو أنها تحدّ من خيارات الناخبين خاصة عندما تخصص مقاعد مُحدّدة للنساء في المجالس التشريعية .. يُـفترض أن تبقـى الكوتا إجراءاً مؤقتا لحين القضاء على المعوقات التي تواجه النساء في الحياة السياسية ولحين تمكينهن بشكل فعلي ، وكما نعرف أن الواقع الفعلي يقول أن النساء فرصهن أقل في الترشح والانتخاب نتيجة لعدة عوامل من بينها العوامل الاجتماعية والثقافية للعديد من المجتمعات التي يحكمها الطابع الذكوري السلطوي، ويظهر هذا جليا في نسب تمثيل النساء في العالم العربي.
أهم تـغييّر جاءت بـه نتائج الأنتخابات التشريعية العراقية التي أُعلنـت أمس هو بدلة أنور الحمداني في برنامج التاسعة .. و عدد النساء الفائزات بدون كوتا .. 22 سيدة عراقية ( بغض النظر عن أسماء قوائمهن ) فــُزنَ بأصوات الناخبين ، بجهدهن و أسمائهن دون الحاجــة الى مـنـّـية رئيس القائمة او الحزب .. وهذا يعطيهن أمكانية التملـّص من القائمة و الأصطفاف مع قوائم أخرى تبعاً للمواقف و المزاج و المصلـحــة ..!
هذه النتيجة تــُشير الى تنامـي وعي شعبي عام بأهمية دور النساء في الحياة العامة و مواقع القرار السياسي ، وفي نفس الوقت هو تشجيع لباقـي النساء للأنخراط في الحياة العامـة .. و الخروج من نطاق الطبخ و غسل المواعين .. الى رحاب المشاركة في صنع القرار و تفعيل دور النصف الجميل من المجتمع في تطوير الحياة السياسية و الأقتصادية و الأجتماعية .. كما تــُشير النتيجة الى رغـبة الناخب العراقي في أن يـرى في برلمانـه وجوهاً جميلة و منوّرة .. بدلاً من شوارب حسن السنيد أو خشم صالح المطلك ...!!
هذا يدفعنا الى القول ان نظام الـكوتا النسائية من النوع الأول و الثانـي قـد تـنتـفـي الحاجـة لـهُ في أنتخابات 2018 بعد عمر طويل لكم و لنا .. و نذهب الى النوع الثالث الـطوعـي .. لـكي تـنفتح الآفاق امام المرأة العراقية لـتـأخذ مكانتها الطبيعية و حقوقها الأعتبارية .. و كذلك الأفلات من سطوة زعماء الكتـل السياسية أو الأحزاب ...! و لكـي نفلت أنا و أبني من التهميش و الأقصاء أيضاً ...!!
مقالات اخرى للكاتب