Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
الانتفاضة الشعبانية العام 1991
الجمعة, أيار 20, 2016
هادي حسن عليوي

أدى الانهيار المريع للقوات المسلحة العراقية في الكويت.. وانقطاع الاتصالات وتدمير معظم وسائط النقل والآليات.. وهروب العديد من قادة تلك القوات وترك هذه القوات في العراء.. الى الانسحاب بشكل غير منظم لتلك القوات.. وتحت وابل القصف الجوي لقوات التحالف الدولي.. وقتل من قتل وأصيب من أصيب.. ليصل من بقى منهم حياً الى جنوب العراق.. والإحباط والجوع والتعب والرعب مسيطر عليهم.. وقد انعكس حقداً على قيادتهم التي تركتهم في تلك الحالة المأساوية ..
الشرارة الأولى للانتفاضة :
عجت منطقة البصرة حال إعلان وقف إطلاق النار في 28 شباط 1991.. بآلاف العراقيين من مختلف المناطق.. الذين قصدوا هذه المدينة للاستفسار ومعرفة مصير أبنائهم من الجنود والضباط في الجيش العراقي بعد انسحاب القوات العراقية من الكويت.. وكانت الأجواء في البصرة مشحونة ضد النظام والسلطة.. وسط دخان حرائق آبار النفط التي أضرمتها القوات العراقية في أبار النفط الكويتية.. وكان الناس ينتظرون ما يحفزهم على الانتفاض ضد النظام.. ويبدو كأن شرارة الانتفاضة الأولى قد انطلقت من ساحة سعد وسط مركز هذه المدينة يوم ألأول من آذار 1991.. عندما لم يتحمل أحد جنود دبابة كانت تقف مقابل جداريه هائلة لصدام بزيه العسكري.. كانت الجداريه شاخصة بالقرب من مبنى قيادة حزب البعث هناك.. فقد هاله الموقف.. فأخذ يهتف ويصرخ في وجه الصورة.. مطلقاً الشتائم ضد صدام في لهجة حادة متوقدة.. ويروي شهود عيان: ثم أخذت الجموع تتوافد.. وأصبح الجو مشحوناً بقوة.. فقفز جندي الدبابة عائداً الى داخلها.. ثم أدار فوهة المدفع صوب الجداريه.. وأطلق عليها بضعة قذائف.. وهنا ارتفعت أصوات هتافات الحشد المنفعل تهتف له.. وتنشد (صدام انتهى.. وكل الجيش مات).. وسرعان ما التهبت في انتفاضة شعبية كبيرة حيث خرج سكان المدينة إلى الشوارع.. وهم يهتفون ضد النظام.. وخرج بعض الشباب وهم يعلنون سقوط نظام صدام.. مما زاد من الهيجان الشعبي فتوجهت مجاميع كبيرة نحو مراكز الشرطة والمباني الحكومية ومعسكرات الجيش.. وإخراج من كان فيها من السجناء الأبرياء.. والاستيلاء على مخابئ الأسلحة الصغيرة.. وحدثت اشتباكات بين القوات العراقية والمنتفضين في المدينة كانت الغلبة للمنتفضين.. امتدت الانتفاضة في اليوم التالي إلى المناطق والقرى القريبة من البصرة أول رد فعل شعبي ضد نظام صدام..
انتفاضة الناصرية :
هناك رواية نشرتها جريدة الجهاد.. في عددها الصادر في 11 آذار 1991 (أي خلال الانتفاضة).. جاء فيها: إن الانتفاضة بدأت في قضاء سوق الشيوخ.. التابع لمحافظة ذي قار.. فقبل وصول قوات التحالف الى حدود مدينة الناصرية.. خرجت مظاهرات على مراكز الشرطة واستولت على أسلحتها وتحركوا باتجاه أهداف أخرى.. تم التغلب عليها واحتلالها بسهولة نسبية ..
فيما تذكر تقارير أخرى إن شرارة الانتفاضة انطلقت من منطقة الشرقية ذات الكثافة السكانية العالية.. حتى وصلت الى شارع ألحبوبي (قلب المدينة).. ومنه كان التوجه لإسقاط سرية الانضباط العسكري وقيادة فرع ذي قار.. واجه الثوار مقاومة شديدة من قبل أزلام النظام في دائرتي المخابرات والاستخبارات.. حيث وقع عدد من الشهداء ..
استولى ثوار الانتفاضة على بعض الأسلحة التي كان يحملها ضباط القوة الجوية العائدين من الكويت.. واستخدمت هذه الأسلحة في مواجهة البعثيين في مقراتهم الحزبية.. خلال عمليات دهم مقرات حزب البعث ودوائر الأمن..
انتفاضة العمارة :
انتقلت الانتفاضة بسرعة كبيرة إلى مدينة العمارة مركز محافظة ميسان.. وذلك لقربها من البصرة.. فكانت الناقلات العسكرية والسيارات العادية تنقل أنباء الانتفاضة من مدينة إلى أخرى.. واخذ آلاف الشباب يتوجهون إلى مناطق بعيدة عن مناطقهم لتحفيز الجماهير على المشاركة.. وكان عصر يوم 2 آذار 1991 انطلاق عدد من شباب المدينة في احد شوارعها.. وكلما ساروا التحق بهم شباب.. واخذوا يهتفون ضد صدام.. فهرب أمامهم بعض البعثيين.. وأفراد الأمن والشرطة.. وخلال ساعة واحدة عمت التظاهرات مدينة العمارة لتسقط بيد الشباب.. ولاذ مناصري النظام بالهرب إلى مناطق أخرى.. فيما أحرقت دوائر الأمن ومؤسسات الدولة.. واستولى الثوار على مخازن الأسلحة الخفيفة فيها.. أما في قضاء المجر الكبير جنوبي المدينة فقد هاجم المنتفضون مقرات الأمن والمؤسسات الحكومية.. وقتلوا ثلاثة عشر عضواً من حزب البعث متورطون مع النظام في جرائمه.. كونهم جواسيس له وتسببوا في قتل العشرات من أبناء المنطقة بعد اتهامهم بالهروب من الخدمة العسكرية أو النشاط السياسي المعارض ..
انتفاضة كربلاء :
تتفق جميع الروايات على إن انتفاضة كربلاء بدأت في نهاية موكب جنائزي لأحد ضحايا حرب الخليج الثانية.. فما أن غادر المشيعون المسجد حتى سمعت هتافات تردد: (لا اله إلا الله.. صدام عدو الله) في ساحة ضريح العباس.. وعندما وصل المعزون الى منزل المتوفى.. كي يقدموا عزاءهم.. اكتشفوا إن رجال الشرطة والأمن كانوا يراقبونهم عن كثب ..
في هذا الوضع المتوتر فتحت الشرطة النار.. فردً عليها الأهالي بالنار أيضا.. وكانت حصيلة المواجهة خمسة عشر قتيلاً.. وهكذا اشتعلت الانتفاضة.. وسيطر الثوار على المدينة.. واستولوا على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر.. وشكلوا فرقاً موزعة على المناطق لإغراض الحراسة والتفتيش.. وإقامة الإدارات في كل المدن الثائرة ..
انتفاضة النجف :
انطلقت شرارة الانتفاضة في مدينة النجف ظهر يوم الأحد الثالث من آذار 1991 حيث خرجت مجموعة من الشباب إلى الشوارع الرئيسية في المحافظة.. وتوجهوا إلى مرقد الإمام علي بن أبي طالب.. وكانت مكبرات الصوت تعلو بالنداءات المتكررة إلى الشعب بالخروج والتظاهر
ضد النظام.. فانضم إليهم الآلاف من سكان المدينة.. ومن كان فيها من الزائرين.. وسقطت مديرية الشرطة وبعض مراكزها ومقرات الحزب بأيدي الثوار.. وما أن حل صباح يوم الاثنين حتى انطلقت الجماهير بموكب كبير يردد شعارات مختلفة ضد النظام.. ويتقدم الموكب مجموعة من المسلحين.. وقد اعتلى بعضهم سيارة إطفاء.. وتابع الموكب سيره على امتداد شارع الكوفة.. الذي تقع قيه أكثر مراكز النظام كمديرية الأمن ومقر قيادة الجيش الشعبي ومقر إدارة المحافظة.. مع بعض جيوب المقاومة لأفراد حزب البعث.. الذين تحصنوا في بعض الأبنية لمقاومة زحف الثائرين.. وتم إسقاط كل هذه البنايات والمقرات بأيدي الثوار..
وأصبح مرقد الإمام علي ابن أبي طالب المقر الرئيسي للانتفاضة.. حيث كانت تجتمع قيادات الانتفاضة فيه.. والتحق ضباط وعسكريون كثيرون من أهل النجف وأبي صخير والمشخاب والمناطق الأخرى.. واستلموا بعض الأسلحة.. وبادر أهل أبي صخير والشامية وكربلاء وغيرها من المدن المجاورة.. إلى تقديم العون والدعم لانتفاضة النجف ..
تولت إدارة الانتفاضة قيادة مركزية فيها عدد من الضباط في الخدمة ومتقاعدين من أهل النجف.. فيما تولى السيد محمد محمد صادق الصدر قيادة المنتفضين في المدينة.. حيث جاء إلى مرقد الإمام علي.. وصعد على سطح الكشوانية المواجهة لباب القبلة.. والناس تجتمع في الصحن وهم يقابلونه بالهتافات.. وألقى كلمة مختصرة حث فيها على نصرة الثورة الإسلامية ودعمها.. والمشاركة فيها لعل الله سبحانه يرحم هذا المجتمع وينشر لواء الإسلام في ربوع هذا البلد.. كما شكلت إدارة لإدارة شؤون المدينة والأهالي .. كما استطاع الثوار إصدار مجلة باسم (صوت الثورة الإسلامية) كوسيلة إعلامية للانتفاضة.. وكانت في مدينة النجف إذاعة صوت الثورة الإسلامية.. في صحن الإمام علي بن أبي طالب ..
انتفاضة الديوانية :
في مدينة الديوانية بدأت الشرارة الأولى للانتفاضة بسيطرة الشباب الثائر على بعض الدبابات والأسلحة الموجودة في احد المعسكرات.. الواقعة في أطراف المدينة.. وتمت السيطرة على مركز المدينة.. فضلاً عن السيطرة على: أقضية الحمزة الشرقي والسدير وعفك والدغارة وسومر والسنية وال ابدير ..
انتفاضة المثنى :
ـ أما في مدينة السماوة مركز محافظة المثنى فانطلقت شرارة الانتفاضة في 3 آذار من منطقة الشرجي تحديداً.. إذ هاجم الثوار مديرية الأمن ومراكز الشرطة ومقار الجيش الشعبي والمقار الحزبية.. وسيطرة الثوار على قضاء الرميثة وناحية الوركاء وناحية السوير ..
انتفاضة الكوت ..
في الثامن من آذار العام 1991 استطاع أبناء مدينة الكوت من السيطرة على مدينتهم .. لكن الزمر الصدامية استطاعت إعادة السيطرة على المدنية في اليوم الثاني بعد الهجوم الدامي
على الثوار.. لتبدأ مآسي جديدة من قتل واعتقال حتى الأطفال.. كانت حصيلة شهدائها أكثر من 150 شابا وشابة.. واعتقال أكثر من 200 شخص.. وتهديم العشرات من المنازل ..
الانتفاضة في الحلة :
وفي مدينة الحلة مركز مدينة بابل انطلقت الشرارة الأولى في 3 آذار على شكل تجمعات للشباب.. ثم أصبحت تظاهرات اجتاحت شوارع المدينة.. ثم ما لبثت أن تحولت الى هجوم مسلح على الدوائر الحكومية والمراكز الأمنية والشرطة ومقار الحزب والجيش الشعبي والوحدات العسكرية المتواجدة.. وهم يهتفون بإسقاط رأس السلطة.. وسرعان ما تعرضوا الى أطلاق نار كثيف من مختلف الأسلحة.. وسقط العديد من الشهداء.. لكن المنتفضين استطاعوا مواصلة طريقهم ..
وفي اليوم الثاني دخل الثوار في معركة شرسة مع فوج مغاوير من الفرقة الرابعة عند منطقة (جسر الهنود).. وانتصروا وتمكنوا من الحصول على أسلحة كبيرة خفيفة وثقيلة.. استخدمت في المعارك التي شهدتها المدينة..
وفي (8 آذار) تم تحرير مدينة القاسم من القوات الصدامية.. ثم امتدت الانتفاضة الى الشامية والمدحتية والشوملي والطليعة وقصبة الإبراهيمية والحصين وقرى الطريف السياحي.. والسيطرة عليها دون قتال ..
وهكذا سيطر المنتفضون على 14 مدينة من مجموع المدن العراقية الثمانية عشر.. وبدأ كل من يمتلك السلاح بحمل سلاحه والخروج للقتال.. ووصل الثوار الى المحاويل.. وتقدموا باتجاه مدينة بغداد العاصمة.. التي كانت تتركز فيها مباني الوزارات ورئاسة الجمهورية ..
انتفاضة مدينة بغداد :
عندما سيطر الثوار على جميع مدن الجنوب والفرات الأوسط،.. تخوفً صدام من انفجار الوضع في بغداد.. ففرض حظراً للتجول فيها منذ منتصف الليل حتى الفجر.. وساد بغداد توتر شديد بين جماهيرها بعد أن وصلت أخبار الانتفاضة من محافظات الجنوب والفرات الأوسط.. غير إن الإجراءات الأمنية الشديدة حالت دون تنفيذ ذلك.. لاسيما بعد انتشار قوات الأمن الخاص والجيش الشعبي والاستخبارات في المناطق الشعبية ..
وفي إثناء احتدام الانتفاضة في المحافظات .. أوعز صدام الى شائعة نشر صواريخ موجهة الى أحياء العاصمة الشعبية مثل (الثورة والشعلة).. وأمر جهازه الحزبي وقوات الأمن والاستخبارات الى القيام بأساليب استفزازية وقمعية للحيلولة دون انتشار النشاطات والفعاليات المناوئة له.. وقامت الأجهزة العسكرية والأمنية والحزبية بحملات تفتيش لمدينة الثورة والشعلة من بيت الى بيت.. وصادرت أي سلاح أو عتاد موجود.. كما تم استعراض للقوة العسكرية والأمنية والحزبية في مناطق الثورة والشعلة والحرية.. لكن ذلك لم يمنع المنتفضون من التحرك ..
فقد قامت مجاميع كبيرة من شباب مدينة الثورة بتظاهرة كبيرة باتجاه مركز العاصمة لتعبر عن نقمتها على النظام وسياسته القمعية.. ولتؤكد تواصلها مع أهداف شباب الانتفاضة في الجنوب والفرات الأوسط .. فتصدت فوراً قوات النظام وأجهزته القمعية لتلك الانتفاضة.. وأخذت تطلق النار مباشرة على المشتركين فيها حيث قتل وجرح واعتقل الكثير ..
وحدثت في المدة نفسها تظاهرة مشابهة في مدينة الشعلة في اثر تشييع جنازة.. وبدأ إطلاق النار إثناء مراسيم التشييع.. فتوقع كثير من الناس إن الانتفاضة انطلقت في الشعلة فتعالت الهتافات.. وازداد حجم المتظاهرين.. وبدؤوا المسير.. إلا إن أجهزة النظام تصدت للجموع الغفيرة.. وفرقت التظاهرة بعدما قتل البعض وجرح آخرون واعتقال البقية.. وحدث ذلك الأمر بإشراف مباشر من وطبان الأخ غير الشقيق لصدام.. الذي أمر بترك الجثث في الشارع.. وإلقاء البعض الآخر في براميل القمامة.. كما تم حجز عوائل المشتركين.. واستباحة بيوتهم وممتلكاتهم ..
الدعم الأجنبي للانتفاضة:
حاول نظام صدام اتهام إيران بدعم الانتفاضة.. والتهويل من التدخل الإيراني في جنوب العراق.. ودعم المنتفضين بالمال والسلاح والإعلام والرجال.. كما إن هناك من تحدثوا.. وهم قلة.. عن تخطيط مسبق وتدخل أجنبي مباشر في الانتفاضة.. حيث أكد الفريق الركن وفيق السامرائي.. الذي كان رئيساً لدائرة الاستخبارات العسكرية العراقية حتى العام 1994.. (في كتابه حطام البوابة الشرقية ص413 ـ 414): إن الانتفاضة الشعبية كانت في الواقع انتفاضة مدبرة ومسبقة التخطيط،.. وانه جرى تنظيمها والإعداد لها قبل فترة من اندلاعها ..
ومن بين الأسباب التي يوردها وفيق السامرائي دعماً لادعاءاته الاستنفار والتعبئة اللذان تردد إن إيران أعانتهم في وحدات مسلحة قوامها مبعدون عراقيون يعيشون في إيران.. تم تجنيدهم من قبل المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق.. ثم دفعهم على طول خط الحدود الإيرانية ـ العراقية في منطقة القاطع الأوسط.. ويورد وفيق السامرائي خبر اكتشاف شبكة اتصالات لاسلكية داخل العراق كبرهان على إن الانتفاضة كانت تتلقى دعماً أجنبيا عملياتياً كبيراً..
غير إن ما هو مؤكد هو مشاركة عدد ضئيل من المنفيين العراقيين.. الذين دربتهم إيران.. في الانتفاضة.. وهنا يؤكد تشارلز تريب (في كتابه تاريخ العراق، ص 206): (إن محمد باقر الحكيم.. رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق.. أرسل بضعة مئات من أفراد لواء بدر التابع لمنظمته عبر الحدود لمساعدة المتمردين).. يبدو إن العدد أقل بكثير مما أعلن.. وكان مادة الثورة وقيادتها الجماهير الشعبية المستقلة في الداخل العراقي ..
من جانبها فان إيران أكدت مساندتها للانتفاضة إعلامياً وإنسانياً.. وهو ما أكده أمير طاهري من إن طهران أرسلت كميات كبيرة من الأطعمة والمواد الطبية.. في محاولة لكسب السكان الشيعة في جنوب العراق لجانبها.. كما يلاحظ أن تكون عدد من عربات الشحن لنقل بعض الأسلحة للقوات المنتفضة داخل العراق ..
إخماد الانتفاضة قي الحلة :
سيطر الثوار على مدينة الحلة تماماً.. قبل أن تأتي تعزيزات عسكرية من معسكر المحاويل.. ومن ثم تحولت المواجهات الى استخدام أسلحة طيران ومدفعية ثقيلة من قبل النظام.. كانت تدك بيوت الأبرياء.. فيما كانت السمتيات ترمي مناشير في جميع المناطق تهدد باستخدام الأسلحة الكيماوية.. وبعد قتال عنيف وتهديم البيوت.. استطاعت قوات النظام معززة بقوات الحرس الجمهوري السيطرة على الحلة.. وإخماد الانتفاضة ..
إخماد الانتفاضة في كربلاء :
كان حسين كامل صهر الرئيس صدام حسين بإمرته فرقة مدرعة.. ووحدات متفرقة من الحرس الجمهوري.. والحرس الخاص وعناصر من الأمن الخاص.. وبقايا المخابرات والأمن العام وعدد من الحزبيين.. وهو الذي قاد الهجوم على كربلاء..
كانت أوامره مشدّدة إلى قواته بتدمير البيوت وقتل السكان.. وردا عنيفاً على مقاومة الثوار.. ألقى حسين كامل القبض على المئات من شباب كربلاء.. فأعدم بنفسه الكثيرين ورمى الأحياء في مقابر جماعية في منطقة الرزازة.. وآخرين في منطقة الحر.. ولما توغلت قواته داخل المدينة.. أخذت تترك ورائها آثار دموية مروعة.. جثث وحرائق وخراب..
وحين ورد نبأ الهجوم المقابل الذي شنه النظام على محافظة كربلاء.. هبً أهل النجف لمساعدة الثوار فيها ووجهت نداءات إلى النجفيين واعدت الشاحنات وعجلات النقل وتدفق الناس من مختلف الأعمار وراحت تتوجه الارتال وهي تنقل المئات وهم في الغالب يحملون هراوات وسكاكين والبعض من الشيوخ كانوا يلوحون بعصيهم وينوون القتال بها ..
ورداً على المقاومة العنيفة للثوار ومقاومتهم ألقى حسين كامل القبض على المئات من شباب كربلاء.. فأعدم بنفسه الكثيرين ورمى الأحياء في مقابر جماعية في الرزازة وأخرى في منطقة الحر قريباً من مرقد (الحر بن يزيد ألرياحي).. ولما توغلت القوات داخل المدينة..
وفي ظل هذه الأوضاع بدأ النظام باستخدام طائرات الهليكوبتر التي أعادتها أمريكا للنظام بحجة نقل الجرحى والمصابين من الكويت إلى العراق.. إلا أن النظام استخدمها بقصف المدن.. ووصل الأمر بالسلطة لاستعمال الأسلحة الكيمياوية ضد المواطنين.. وعندما وصلت قوات حسين كامل المجيد إلى ضريح الإمام الحسين في كربلاء.. وقف على الدبابة وصاح: (اسمك حسين واسمي حسين.. لنرى من هو الأقوى الآن).. فأعطى الأمر بضرب ضريح الإمام الحسين وضريح أخيه العباس يوم 11 آذار .. بمدافع الدبابات والقاذفات R.B.G7 إلى الصحن الشريف.. وقد هدمت الدور الواقعة حول الصحنين الشريفين.. صحن ومرقد الإمام الحسين.. وصحن ومرقد أخيه العباس (عليهما السلام) على من فيها.. وبقيت الجثث أشهراً تحت الأنقاض ..
وأخذت الجثث تملئ الشوارع.. جثث وحرائق وخراب.. واقتحامات للبيوت ونهب محتوياتها.. ودبابات تفجر القذائف بداخلها وسط الأحياء السكنية.. مما اضطر بعض الثوار إلى الاعتصام داخل مرقد الإمام الحسين.. إخماد الانتفاضة في النجف :
ما أن بدأت عملية إخماد الانتفاضة في كربلاء.. بدأت عملية قصف النجف بصواريخ ارض ارض من معسكر المحاويل في الحلة.. وما أن أنهى حسين كامل الأجزاء الهامة من خطته في القضاء على الانتفاضة في كربلاء.. وتأكد له أن بقايا الثوار قد لجأت إلى البساتين المحيطة بكربلاء.. أمر بمطاردتهم بالسمتيات والدبابات.. وتوجه هو إلى مدينة النجف.. حسب الخطة الموضوعة التي اتفق عليها ليكون مع طه الجزراوي للانقضاض على مدينة النجف ..
فمنذ بعد ظهر يوم الثلاثاء 12 آذار.. بدأت قوات الحرس الجمهوري بالزحف نحو مدينة النجف.. وبدأ قصف مدفعي بعيد المدى يطال أحياناً البيوت في أطراف شمال شرق المدينة.. وفي اليوم الثاني كانت أصوات قذائف المدفعية والدبابات تُسمع في أرجاء المدينة.. ومعارك بالأسلحة الثقيلة.. لكن من دون أن يطال الشارع العام..
دخل الجيش مدينة النجف من جهة شمال الشرق يوم الخميس 14 آذار.. واسترجع المراكز الرئيسية على شارع الكوفة.. ووصل إلى جامعة النجف الدينية.. حيث كان الشهيد الصدر وعائلته مع السيد محمد وعائلته وبعض طلبة الجامعة نزلوا في السرداب تحاشياً للقصف.. وتم اعتقالهم جميعاً.. وسيقوا إلى منطقة الرضوانية في الضواحي الشمالية الغربية لبغداد.. حيث خصصت لاحتواء (المعارضة).. استمرت الطائرات ألسمتيه.. وهي تحوم حول منطقة بيت السيد الخوئي.. والصحن الحيدري.. وترمي بصواريخها.. واسترجع المراكز الرئيسية على شارع الكوفة.. ولم تنته المقاومة إلا يوم الأحد 17 آذار.. بعد أن هددوا باستعمال الغازات السامة في مركز المدينة.. وهددوا السيد الخوئي فطلب من الثوار التفرق عن الدار.. وإيكال الأمر إلى مدبره الحقيقي.. فطلب السيد الخوئي من المجاهدين التفرق عن الدار.. وإيكال الأمر إلى مديره.. ولم يترك حسين كامل النجف إلا بتدميرها.. وقتل مئات من الشباب.. والقضاء على الانتفاضة فيها ..
لم تتوقف جرائم صدام البربرية بسحق الانتفاضة.. بل لم يسلم من وحشيتهم حتى الأموات منذ عشرات السنين.. فقد قامت وحوشهُ بصولات على مقبرة السلام في النجف (أكبر المقابر في العراق).. وجرفت القبور وعظام الأموات بجرافاتهم وشفلاتهم.. ورمتها مع الأنقاض خارج النجف.. لتفتح شوارع عريضة بدل القبور وجثامين الأموات.. التي جرفتها من داخل المقبرة ..
إخماد الانتفاضة في الناصرية :
بعد سيطرة مطلقة على مفاصل المحافظة لمدة 23 يوماً.. قام عزيز صالح النومان (عضو القيادة القطرية للبعث) بصحبة علي حسن المجيد (علي كيمياوي).. بأعمال شنيعة وتصفيات واسعة.. وقتل للمدنين في المدن والقصبات التابعة للناصرية بأبشع صورها.. على رأس قوات كبيرة من الأمن الخاص والحرس الجمهوري.. وكان صدام قد خصصهما لذبح أهلنا في الجنوب.. وأخيرا وقبل أن تصل القوات إلى الناصرية بحوالي عشرين كيلومترا.. نزل النومان والكيمياوي في أراضي عشائر آل صكَبان.. وقاما بإطلاق المدافع الثقيلة والراجمات على الطيبين من أهلنا.. حين راحت تدك مدينة الناصرية بلا رحمة.. كانت طائرة هليكوبتر تقف عمودية في سماء المدينة.. فترة طويلة قيل في وقتها أن المجرمين كانا يراقبان السكان من
نوافذها.. وهم يتساقطون بين جريح وقتيل وهارب إلى الضواحي من شدة القصف.. وقد أخذت الجميع حالة من الخوف والهلع.. زادها بكاء الأطفال وعويل النسوة.. وسقط شيوخ وكبار السن في الشوارع من شدة الإعياء!!..
لم يتوقف (النومان والكيمياوي) عن قصف المدينة حتى استسلمت إلى آخرها.. فدخل الحرس الجمهوري بعد تدمير كل شيْ أمامه.. وأمر هذان المجرمان الناس للخروج إلى آخرهم.. وخرج الناس مرعوبين.. وأمام ذلك المشهد المأساوي.. أحضر البعثيون وعناصر الأمن والمخابرات.. وهم ملثمين وأطلق عليهم اسم (المشخِّصين).. وبين أيديهم تقارير وقوائم بأسماء المنتفضين أعدوها من وراء نوافذ بيوتهم.. حيث اختبئوا خوفا من غضب الجماهير إبان أيام الانتفاضة.. وأدى هؤلاء واجبهم الفاشي بمساعدة الحرس الجمهوري وبإشراف النومان والكيمياوي على إخراج من ورددً اسمه من بين صفوف سكان الناصرية.. وأقيمت محاكم ارتجالية في الهواء الطلق كان فيها الكيمياوي حاكماً والنومان محامياً.. فتصوروا شكل المأساة.. فبعد أن أُذل الكثير في ذلك المكان الموحش.. وضربً الناس وعذبوا وأهينوا في العراء.. سيقت أعداد كبيرة من شباب الناصرية إلى حافلات توجهت بهم إلى بغداد في الحال.. ومنذ ذلك التأريخ خرجوا.. ولم يعودوا إلى أهليهم.. ولم يعثر عليهم إلا أشلاء وجماجم في المقابر الجماعية قرب مدينة الحلة بعد سقوط نظام صدام العام 2003 !
تجفيف الأهوار :
وبعد القضاء انتفاضة.. بدأ الآلاف من المدنيين والجنود الهاربين والثوار بالهرب من السلطة إلى الأهوار الواقعة في جنوب العراق.. وحينها قامت قوات الحرس الجمهوري والجيش بملاحقة واعتقال وقتل الثوار.. وفي هذا الوقت تم تجفيف أهوار العراق.. من خلال تحويل تدفق نهري دجلة ونهر الفرات بعيدا عن الأهوار.. مع نقل إجباري للسكان المحليين إلى مناطق أخرى ..
إحصائيات الحكومة :
لقد تم إلقاء القبض.. ثم إعدام على كل شباب المناطق الثائرة في الجنوب والفرات الأوسط.. سواء كانوا مشاركين أو لم يكونوا مشاركين بالانتفاضة.. وقُتل ما يزيد على (300) ألف شخص في الجنوب العراقي وحده خلال ال14يوما.. التي هي عمر الانتفاضة.. أي (20) ألف قتيل يومياً.. وهذه الأرقام هي إحصائيات نظام صدام.. وليس تخمينات الثوار.. إذ عمد النظام إلى استخدام كافة السبل لاسترداد نظام الحكم باستخدام كافة الأسلحة.. فدمرت المدن على رؤوس ساكنيها في المناطق الثائرة.. وقد وصل الأمر بقوات الحرس الجمهوري بقطع رؤوس الأطفال.. وألقت بهذه الرؤوس على بيوت الأمهات والآباء والمتظاهرين ..
الموقف الأمريكي من الانتفاضة :
كان الثوار العراقيون يأملون دعماً دولياً لانتفاضتهم.. خاصة إن الولايات المتحدة الأميركية.. دعت عن طريق مسؤوليه الشعب العراقي للإطاحة بنظام صدام قبل الحرب وخلالها.. كما كانت القوات الأميركية داخل الأراضي العراقية من جهة الناصرية.. لكن الذي حدث عكس ما..
فإن الإدارة الأميركية وقفت تتفرج على ما يجري خلال الانتفاضةً.. بل إن عدداَ من كبار المسؤولين الأميركيين صرحوا بان هدفهم الرئيسي من الحرب هو طرد قوات صدام من الكويت.. وقد تحقق ذلك.. وإنهم لم يكونوا يعتزمون الزحف الى بغداد.. أو الإطاحة بنظام صدام ..
ويشير ديفيد وورم سر.. في كتابه (حديث الاستبداد.. ص11): الى التحول المفاجئ في موقف الولايات المتحدة إزاء انتفاضة الشعب العراقي.. حيث يقول: (إن واشنطن ولعدة أسباب.. كانت تفضل انقلاباً عسكرياً لتغيير الحكم في العراق.. بدلاً من القيام بانتفاضة شعبية.. وإنها كانت تحاول التخلص من صدام وليس من نظامه) ..
فقد أعلنت الولايات المتحدة عن وقف إطلاق النار.. قبيل يومين فقط من اندلاع الانتفاضة.. وتم الاتفاق مع صدام في خيمة صفوان.. على الحدود العراقية ـ الكويتية.. منحت بموجبه الولايات المتحدة نظام صدام حق استخدامه طائرات الهليوكوبتر العراقية العسكرية (السمتيات) في الأجواء العراقية.. والتي استخدمها صدام في قصف وتدمير المدن الثائرة ..
اعتذار أمريكي متأخر :
في كانون الأول العام 2011 اعتذر السفير الأميركي في بغداد جيمس جيفري باسم الحكومة الأمريكية للشعب العراقي عن عدم دعم حكومة بلاده لانتفاضة العام 1991 الشعبانية ضد نظام صدام حسين.. وذكرت صحيفة نيويورك تايمس الأمريكية: إن الاعتذار كان خطوة غير عادية للغاية من دبلوماسي رفيع المستوى.. عندما قدم السفير جيفري الاعتذار مؤخراً للساسة وزعماء العشائر العراقية في جنوب العراق من موقف إدارة بوش الأب خلال الانتفاضة.. وأشارت الصحيفة الى إن موقف بوش الأب كان شديد القسوة بالنسبة للعراقيين.. عندما شجعً علناً الثورة ضد نظام صدام.. ثم أمر القوات الأمريكية بالوقوف جانباً.. حين قمعت من قبل طائرات صدام حسين.. وفرق الإعدام في حمام الدم الذي حصد عشرات الآلاف من الأرواح ..


مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.38082
Total : 101