قبل بضعة أشهر تناهى الى علم الجميع وعبر وسائل الاعلام الاتهامات التي وجهها ممثلي دولة القانون، الى الوزير السابق لوزراة الاتصالات السيد محمد علاوي، بالممارسات الخاطئة وذلك عبر السماح لشركة نوروزتل، وهي شركة اتصالات عراقية، قامت بتوقيع عقد لمد الكيبل الضوئي من الخليج العربي الى تركيا، حتى ان بعض الساسة مثل عالية نصيف، التي ذهبت بعيداً باتهاماتها التي ارادت بها ارضاء دولة القانون، لذا اتهمت الوزير السابق محمد علاوي بالخيانة من خلال سماحه لشركة نوروزتل بمد الكيبل الضوئي كما اتهمته بالتجسس لصالح اسرائيل رغم ان هذا الكيبل الضوئي لا يمر عبر فلسطين المحتلة. لقد قام رئيس الوزراء العراقي بزيارة وزارة الاتصالات في العام الماضي، قبل أن يقوم كادر وزارة الاتصالات بمضايقة الوزير علاوي بتحريض من دولة القانون والتي اضطر بعدها لمغادرة العراق، وقد اعرب الكثير من الكادر العامل في وزارة الاتصالات عن قلقهم البالغ من هذا المشروع في اجتماعهم الذي دار بين رئيس الوزراء والوزير السابق علاوي، سواء من الناحية الفنية أو المالية التي يتطلبها مثل هذا المشروع الممنوح لشركة نوروزتل، على الرغم من نشر اعلان حول هذا المشروع في الصحف العراقية للدعوة للمشاركة بهذا المشروع والذي كان بامكان اي شركة التقديم له.
من الأسماء البارزة التي حاربت مشروع الكيبل الضوئي من كادر وزارة الاتصالات هم:
1- السيد أمير البياتي، وكيل الوزارة الفني.
2- السيد نبيل حجيجو، مستشار الوزارة.
3- د. هيام الياسري، مستشارة الوزارة.
4- السيد عماد محسن، مدير عام الدائرة القانونية في الوزارة.
أما اليوم، فان نفس المسؤولين العاملين في الوزارة والمذكورين أعلاه، يجاهدون في سبيل ضمان حصول شركة نوروزتل على تنفيذ نفس مشروع مد الكيبل الضوئي والذي اتهم فيه الوزير علاوي بالخيانة اضافة الى العديد من التهم الأخرى.
ولايمكننا هنا الا أن نتساءل عن سر التغير السريع لهؤلاء المسؤولين حيال نفس المشروع ونفس الشركة!!
هذا المقال يلق الضوء على بعض من الفساد المنتشر على نطاق واسع والمؤامرة التي قادها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بنفسه ضد الوزير السابق محمد علاوي. ان الوزير علاوي هو انسان معروف على النطاقين الدولي والوطني بكونه شخص عملي، يرفض أن يكون جزءًا من اي أعمال يشوبها فساد، ويتمتع باخلاق ونزاهة عاليين، يشهد بها أعدائه قبل أصدقائه. ان العديد من العراقيين حاربوا ليكونوا جزء من نظام الحكومة المشهور بفساده على النطاق الدولي، في نفس الوقت الذي لم يجد الوزير علاوي اي صعوبة بالابتعاد عن كل ذلك، نائياً بنفسه عن اي شبهة. ان القصد من هذا المقال ليس الاشادة بالوزير علاوي واسقاط خصومه بل لتسليط الضوء على مؤامرة عميقة المستوى ودناءة المشاركين بها من دولة القانون الذين لم يجدوا بأساً من محاربة شخص من جلدتهم ومذهبهم، ممن يتصفون بالمهنية مقابل ابخس الاثمان، وعلى حساب العراق وشعبه، واقتصاده وسمعته.
من هؤلاء المسؤولين العاملين في وزارة الاتصالات الذين حاربوا الوزير علاوي لكي لا تحصل شركة نوروز تل على عقد الكيبل الضوئي واليوم يحاربون لأجل نفس الشركة ونفس العقد؟
ان الاجابة ليست كما تتوقعون، كما ان الاجابة ليس محددة بالرشوة التي أعطتها شركة نوروزتل لهؤلاء المسؤولين في وزارة الاتصالات لتتمكن من تغيير رايهم. من المفارقات في هذا الموضوع هو سكوت الرفيقة عالية نصيف حيال هذا الموضوع وذلك بسبب الارباك التي حصل معها بسبب خلط الأوراق ببعضها. اسمحوا لنا أن نقوم بتعريف هؤلاء المسؤولين في وزارة الاتصالات قبل أن نقوم بتحليل الأسباب الحقيقية والاشخاص خلف هذه الأحداث:
السيد أمير البياتي:
لقد كتبت الكثير من المقالات حول هذا الشخص، وهو أحد كبار مسؤولي وزارة الاتصالات الذي اتهم من قبل هيئة النزاهة وأدين بجريمة بيع ممتلكات وزارة الاتصالات باقل من 1% من قيمتها التجارية في السوق. وقد تمكن من الهروب من عقوبة السجن بسبب ارتباطاته المزعومة بمسؤولين كبار في دولة القانون. وهو مشهور بمحاولاته الشرسة لكسب التأييد للشركات المتعاقدة مع وزارة الاتصالات مثل شركة ITC، التي قامت بتوقيع عقد لمد الكيبل الضوئي في عهد الوزيرة السابقة جوان معصوم، والتي كانت فيه حصة شركة ITC من هذا العقد تبلغ 97% وحصة وزارة الاتصالات 3% فقط. وقد تمكن الوزير علاوي من ايقاف أمثال هذه العقود غير المسؤولة. واليوم فان شركة ITC تحاول أن تلعب نفس اللعبة مع وزارة الاتصالات مستخدمة السيد أمير البياتي والمفتش العام في وزارة الاتصالات وكالة وذلك لتوقيع عقد بوابة نفوذ دولية. ان شركة سكوب سكاي تقوم بتجهيز خدمات الانترنت ومعروفة بصلاتها القوية بالسيد أحمد المالكي، ويعتقد انها تجني ملايين الدولارات لتوفير خدمات الانترنت التي تقدمها بشكل حصري الى وكالات العراق الحكومية ومؤسساتها. ان السيد الأمير البياتي يقوم حالياً باستغلال السيد عبد الكريم عبد الحسن بدر المفتش العام في وزارة الاتصالات وكالة لتمرير مخططاته في وزارة الاتصالات مع اعطاء وعد للسيد عبد الكريم بالبقاء بمنصبه وذلك عبر ارتباط السيد عبد الأمير المزعومة بكبار مسؤولي دولة القانون رغم ان السيد عبد الكريم ليس لديه الخبرة ذات الصلة ولا يحمل الدرجة العلمية اللازمة لهذا المنصب سواء في مجال القانون او الاتصالات. من المعروف عن السيد عبد الكريم هو استغلال منصبه لتهديد كادر وزارة الاتصالات في حال عدم التعاون مع رغبات السيد عبد الأمير البياتي، وكل هذا يحدث تحت أعين النزاهة وفي ظل دولة القانون.
السيد نبيل حجيجو:
معروف عنه صلاته المشكوك بها مع شركات الاتصالات التي تتعامل مع وزارة الاتصالات. وهو يغير موقفه بصورة ممنهجة مع الشركات التي تتعامل مع الوزارة، وهو متهم أيضاً بشراسته المعلنة للحصول على رشاوى مقابل تأييده لشركة أو مشروع معين.
د.هيام الياسري:
وهي شخصية معروف عنها بانها مؤهلة من الناحية الفنية، ولكنها متهمة بكونها بعثية ناشطة. وقد قامت بمقاضاة الوزير علاوي بدعم من دولة القانون متهمة اياه بتشويه سمعتها!!
السيد عماد محسن:
لقد تم سجن هذا الشخص من قبل هيئة النزاهة وأفرج عنه بعد مضي بضعة أشهر، فقد تم اتهامه بالفساد وقبض الرشاوى وعلى نطاق واسع.
لقد جاهد هؤلاء المسؤولين في وزارة الاتصالات لمنع شركة نوروزتل من تنفيذ مشروع مد الكيبل الضوئي من الخليج العربي الى تركيا. واليوم هم يقاتلون وبنفس القوة ولنفس الشركة لتنفيذ نفس المشروع متناسين تصريحاتهم قبل بضعة أشهر والتي اعلنوا فيها ان هذا المشروع يضر الاقتصاد والأمن العراقي رغم ان شركة نوروزتل كانت مسؤولة على أن يكون هذا الاستثمار في العراق بنسبة 100%.
ان العديد ربما يدينون شركة نوروزتل بتهمة الرشوة لهؤلاء الأشخاص خاصة بعد ورود اللعن في حديث الرسول (ص) "لعن الله الراشي والمرتشي"، ونحن نقول اتركوا الدين وتعاليمه وعدم جرجرة اسم الرسول الأعظم في أفسد نظام عرفه التاريخ. ومن مفارقات هذا الأمر ان الاسم الذي وراء كل هذه المفاسد هو دولة القانون، وان الاشخاص الذي وراء هذه الأحداث هم من الاسلاميين المنتمين لأنبل الأحزاب الذي له تاريخ طويل في النضال العراقي ألا وهو حزب الدعوة.
ليس هنالك شك ان مجيء السيد نوري المالكي جاء عبر العملية الديمقراطية بغض النظر عما يقوله البعض، ومع ذلك، فانه مسؤول عن جميع أخطاء هذه الحكومة سواء من انعدام الأمن، وزيادة الهجمات الارهابية ضد المدنيين وزوار المدن المقدسة، وازدياد مستويات الفساد والرشوة، وغياب القانون وعدم احترامه وغيرها، وليس سراً استيلاء نجله أحمد المالكي، وزوج ابنته السيد حسين المالكي المعروف بابو رحاب، باهم المشاريع الحكومية وفقاً لتصريحات الناطق السابق باسم مكتب رئيس الوزراء السيد علي الدباغ، اضافة الى تصريحات عضو البرلمان المستقل الشيخ صباح الساعدي وغيرهم من أعضاء البرلمان مثل السيدة مها الدوري والسيد جواد الشهيلي وآخرون.
وهنالك أمثلة على المشاريع الحكومية التي تولى مسؤولية الفساد التي غلف صفقاتها افراد من عائلة المالكي بصورة مباشرة، مثل صفقة الاسلحة الروسية التي كانت باشراف أحمد المالكي، ومشروع تنفيذ نظام التصريف الصحي للعاصمة بغداد الذي تمت باتفاق بين السيد أحمد المالكي وعصام الأسدي وهو أحد ممولي حملة رئيس الوزراء نوري المالكي الانتخابية. هذا بالاضافة الى مشروع تجهيز خدمات الانترنت مع شركة سكوب سكاي والسيد أحمد المالكي، ومشروع اجهزة كشف المتفجرات الوهمية مع السيد حسين المالكي، وغيرها من المشاريع الأخرى.
هناك سببين جعلا السيد نوري المالكي يحارب مشروع تنفيذ الكيبل الضوئي لشركة نوروزتل والتي جعلته يطلق العنان لعصابته في هيئة النزاهة وأزلامه في وزارة الاتصالات للمساءلة حول هذا المشروع،وهما:
1- ابلاغه بان هذا المشروع يمكن أن يجلب عائدات بملايين الدولارات، وبما ان ابنه احمد كان جزءً من عدة مشاريع استراتيجية مع وزارة الاتصالات، لذا اراد السيد نوري المالكي أن يضمن حصة ابنه أحمد المالكي أو زوج ابنته حسين المالكي من هذا المشروع أيضاً.
2- ان السيد نوري المالكي كان يرى الوزير السابق علاوي على انه تهديد لما يتمتع به الأخير من احترام ما بين جميع الأطياف الحزبية والدينية سواء بين العرب أو الأكراد، خاصة وان السيد نوري المالكي يطمح بولاية ثالثة لرئاسة الوزراء، لذا فالاطاحة بالتهديد هو الخيار الاسلم في هذه المرحلة.
ان جميع هذه الاسباب جعلت الوزير علاوي يواجه هجمات شرسة تجلت باتهامه بالخيانة والفساد على الرغم من تحقيق لجنة النزاهة في البرلمان العراقي التي اثبتت براءته من ارتكاب اي ممارسات خاطئة.
ليحمي الله العراق وشعبه.
مقالات اخرى للكاتب