منذ مدّة قصيرة، انطلقت حملات شعبية وإعلامية كبيرة، في بغداد، كانت على رأسها منظمة كون التابعة لمؤسسة الإنسان الكوني. للمطالبة بإلغاء قانون تقاعد البرلمانيين العراقيين، وهو من وجهة نظري حق مشروع ، طالما انه يعبّر عن وجهة نظر شرائح مختلفة من الشعب العراقي فضلا عن رأيه وثقته بسياسيّ العملية التي تسمّى ديموقراطية في العراق. إنها حملة تعبّر عن تطلعات الشارع العراقي ورغباته وعدم ثقته بأغلب المسؤولين الذين لم يقدّموا اي شئ على المستوى الخدمي والرقابي والتشريعي. ناهيك عن امتيازاتهم التي حصلوا عليها ليس لشئ الا كونهم " برلمانيين " لا غير... جوازات سفرهم دبلوماسية . هم وعائلاتهم. رواتبهم الشهرية مغرية. قطعة ارض في ارقى مناطق بغداد لكل واحد منهم. حضورهم جلسات البرلمان مُخزي. وتشريعاتهم لا تلامس الواقع المتردّي بكافة بمستوياتهِ. صراعاتهم الجنونية انعكست سلباً على الشارع العراقي ، وراح ضحيتها عشرات الضحايا الأبرياء الذين كانوا يسترزقون بعرق الجبين الشريف. ما ذنب هؤلاء الذين استشهدوا قبل أشهر بسياراتٍ مُفخخة ؟ جرّاء تصريحات بعض السياسيين الذين لا يفكّرون بشئ الا ببطونهم وحقوقهم ؟ أين حقوق الشعب يا أصحاب البرلمان ؟ أين الوعود التي وعدتهم بها البسطاء من ابناء الشعب ؟
على من تكذبون ؟ على أبناءكم ؟ ثم ماذا بعدها ؟ لا بد أن يأتي يوم وينكشف زيفكم وكذبكم ... تأكلون أموال اليتامى والمساكين والفقراء وتجلسون بكل وقاحة على شاشات التلفاز لتطالبون بحقوق المساكين ؟ على من تضحكون ؟ على شعبكم الذي لاقى ويلات وحسرات وآلام وخسائر ؟ هل هكذا تجازون شعبكم ؟ ... وما الذي فعلتموه اصلاً خلال عشر سنوات ؟ شوارع مليئة بالمطبات وأكداس النفايات والأتربة. مشاريع خدمية مُعطلة.. تشريعات تخدم الفقراء معدومة ... نعم لأنكم لا تفكرون إلاّ بأنفسكم ... اما شعبكم الذي منحكم هذه الحقوق فلا حق له وليذهب إلى الجحيم. سوف لن اعتب عليكم مرّة أخرى يا ممثلي الشعب... لان هذا الشعب هو أجدر بالعتب والملامة.. لأنه هو من منحكم كل هذه الامتيازات التي لا تستحقونها ... وهو مسؤول أيضا ان يهزمكم وان يحاسبكم ويجلس مكانكم .. سوف لن يرحمكم التأريخ !!!
ان هذه الحملات المباركة، أتمنى أن تبقى مستقلة بعيداً عن المزايدات السياسية وتدخلات المسؤولين. وهي كذلك ان شاء الله. كما اتمنى ان لا تنحرف عن مسارها، وان تلاحق كل مسؤول فاسد، لتضعه أمام الشعب ليحاسبه ويحاسب كل الفاسدين الذين عاثوا بالعراق فساداً وإفساداً. وهي بصراحة حملات تدل على وعي النخبة العراقية في صنع إرادتها في ظل ظروف غامضة ومرتبكة جداً. بحيث أصبح كل من ينتقد السياسيين يعتبر من أصحاب الأجندات الخارجية. نعم هناك من يحمل أجندات ولا يريد للعراق خيراً. لكن مكانه ليس مع هذه الحملات المباركة. فهي حملات واعية جداً لا تهدف إلى إسقاط نظام او إلغاء دستور. إنها تطالب أن تُمنح أموال الشعب للشعب ... للفقراء .. وليس إلى جيوب الفاسدين الذين أصبحوا يسرقون أموالنا بطريقةٍ مشرعنة وعلنية !!
إنني لا زلت استبشر خيراً ببعض النوّاب والسياسين الذين يحاولون أن يخدموا بلدهم وهم قلة جداً . ولهم مني وافر التقدير والاحترام، لان مقالي هذا ونقدي يشمل اللصوص فقط دون الشرفاء. اتمنى ان يتداركوا الموضوع قبل انّ ينفجر غضب الشعب على سُرّاق امواله. ومثلما يقول المثل العراقي ( البوك صار بدون ملح ) أينما توّلي وجهك تجد لصوصاً في اغلب مؤسسات الدولة. حاولت ان اقنع نفسي مؤخراً بتقاعد البرلمانيين، على اعتبار انه جزء من حقوقهم، الا انني لم اقتنع اخيراً.. لانهم لم يقدّموا أيّ شئ لشعبهم بالتالي فهم لا يستحقون كل هذه الحقوق الكبيرة ... من يستحق أن يمنح كامل حقوقه هو الفقراء المعدمين واليتامى والارامل والمعوقين والعاطلين عن العمل... لا اولئك الذين امتلأت بطونهم اموالاً جاءت اليهم دون تعب او عناء ..
مقالات اخرى للكاتب