بعد أحداث ٢٠٠٣ وتسلم القوى الإسلامية الحكم في العراق ، حتى ظهرت بوادر المشاكل و الإشكالات ، ولعلني اطرح التساؤل ،هل نجاح الإسلاميون في الإداره والحكم ؟!
فبعد الحوادث والأزمات الامنية والسياسية الاخيرة التي عصفت بالعراق بدا تصاعد النقد الموجه تجربه الأحزاب الإسلامية بالحكم ، فمنذ أحداث سقوط النظام ،كشفت التجربة الفعلية على ارض الواقع وجود ازمه حكم وضيق أفق لدى الحزب الإسلامي ، ومحاولته السيطرة على الحكم والدولة العراقية على حد سواء ، والملاحظ أن البلدان الديمقراطية تبنى على أساس نظام المؤسسات والشراكة الفعليه لجميع مكونات المجتمع لتكون قائمه على هذا الأساس ، وجميع الانتخابات التي مرت علينا لم تفرز لنا شئ اسمه كاسح أو فائز ،بل أنها أفرزت لنا صعود تيارات أخرى ونزول أخرى ، ومثالي في ذلك انتخابات مجالس المحافظات ٢٠١٣ والتي تعتبر حجر زاويته مهم ،،، إذ أنها أحصت انقلاباً كبيراً تجاه الحزب الواحد ً وكسرت إرادته ، وحطمت طموحاته في البقاء في دفه الحكم٠
ان الاشكالية في فكر هذه الحركات التي ادعت لنفسها بالاسلاميه هي عدم وضوح نظرية الحكم الاسلامية التي يرفعون شعارها ومهما حاول منظّرو هذه الحركات من وضع اطر لنظرية اسلامية للحكم تجدهم يواجهون اشكاليات ومشاكل عدة في تطبيقها او تبرز تيارات منافسه لها تناشد بدورها تطبيق الشريعة الاسلامية بطريقة مغايرة لتعكس حالة من الفوضى الفكرية والسياسية, وما يؤكد ذلك هو هذا التنوع الكبير في الطروحات النظرية للحكم الاسلامي وعليه فالسؤال الكبير لكل هذه الحركات: اي نظام حكم يريدون تطبيقه في حالة الوصول الى السلطة؟
بالتأكيد لو نظرنا الى طبيعه الحكم القادم اليوم هو حكم لا يستند على قوانين ودستور يسير البلد وينظم حركه مؤسساته ،بل لا نملك مؤسسات أصلاً ؟!
اليوم وفي مراحل بناء الدوله العراقيه يعتبر الاسلام السياسى التسمية الحقيقية لكل الفعاليات السياسية المطروحة وقد ثبت فشلها الذريع فى طرح اى برامج موضوعية تلبى احتياجات الشعوب المسلمة ، بل اكثر من ذلك فهى تستخدم الدين كواجهة سياسية او استخدام الديمقراطية كسلم للصعود الى السلطة وفى كل الحالات فهى تعتبر السلطة غاية فى حد ذاتها وليس وسيلة لتحقيق الحكم العادل ، والتي من أولى أساسياته هي توفير العيش المريح لإنسان كونه إنسان ٠
للأسف اصبح الفرد العراقي بلا أي حقوق بل يسحق في أصغر سيطره من سيطرات الأمن التي بدلا من خدمتهم هم يقومون بخدمتها وتنفيذ أوامرها وإلا سيكون مصيره صندوق الهمر !؟
نعود لنقول أن أساسيات النظام العادل في أي بلد يجب أن يقوم على أساس المواطنة ، واحترام الإنسان العراقي ، وتوفير وسائل وأدوات الحقوق التي يستند عليها الدستور العراقي والتي من المفروض أن يكون أعلى سلطه في البلاد ، لا عباره عن كراس مكانه درج المكتب ولا يتعرف به إلا وفق أهواء سياسية أو حزبيه صرفه ٠
لاسف ، فقد أظهروا تكالبا منقطع النظير على السلطة ومغانمها ، وحبا مفرطا بكراسي الحكم ، واستغراقا في ملذاتهم ، حتى أن من يراقبهم لا يجد فرقا كثيرا بينهم وبين أولئك الذين كنا نصفهم بالديكتاتوريين ، كما لا فرق بينهم وبين القيادات والمسؤولين في باقي دول المنطقة في وقت كنا نأمل منهم أن يكونوا بناة لتجربة ديمقراطية إسلامية في الحكم تشع بنورها على العالم كله، واعتقد لو أن احدهم لو ثنيت له الوسادة لكان فرعونا أو هامانا أو قارونا جديدا ، ولم يقتصر الأمر على ذلك ، بل إن اغلب القوى الإسلامية العراقية لم تستطع خلق ثورة فكرية ونفسية وأخلاقية لدى كوادرها والمنتمين إليها والمحسوبين عليها من المسؤوليين الذين غرقوا في وحل الفساد المالي والادراي بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ الدول ٠
إن هذه التجربة السلبية للقوى الإسلامية في العراق تحتاج إلى وقفة طويلة وتحليل دقيق لتحديد سبل تجاوزها بشخوص جديدة وخطاب إسلامي جديد لا يقتصر على الخطابات والتي لم تغني ولم تسمن من جوع فحسب ، بل خطاب قادر على خلق ثورة فكر وسلوك لدى من يعمل ويتحرك ضمن إطار هذه القوى حتى يكون قدوة حقيقية للناس في حفظ الأمانة وبناء الدوله العادله واللطف بالناس والنهوض بالمسؤولية وتحقيق العدل السياسي والعدالة الاجتماعية وكما قال الرسول صلى الله عليه وآله : كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته.
مقالات اخرى للكاتب