كثيرة هي التصريحات التي سبقت وأعقبت خروج العراق من طائلة البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة حين أسهب الجميع في الفوائد ، السياسية والإقتصادية والأجتماعية والأمنية ، من الخروج العراقي المشرف من مخالب هذا البند التي أطبقت على رؤى العراق في التطلع للمستقبل المنشود ، فالجميع كان فرحاً بذلك ، كما فرحنا ، ودعوا الى البدء في البناء وإستغلال ما يمكن إستغلاله من إنفراج في علاقات العراق الدولية .. ولكني لا أخفي بعضاً من الخشية من أننا قد نكون قد خرجنا من البند السابع ؛ ولكننا سنكون قد وقعنا تحت طائلة أنفسنا وما بها من بطالة مقنعة وغياب واضح لواضعي الإستراتيجيات والرؤى وفساد مستشر تكابد الهيئآت المستقلة في الخلاص منه بشق الأنفس .. وتلكم المؤسسات العالمية التي طالما أوقعت العراق في مصاف الدول الفاسدة وشعبه من الشعوب غير السعيدة وأمنه المهدد .. ترى هل نستطيع أن نبني؟ أم أننا سنغص بفرحتنا بمغادرتنا هذا البند المشؤوم وماكابناه من عناء وجهد بالغين في سبيل الخلاص وإستعادة السيادة المنقوصة ؟
هل تتوفر لدينا بيئة مطمئنة جاذبة للإستثمار أو عملنا على ذلك ؟ هل لدينا نظام مصرفي لا يمكن إختراقه ؟ هل لدينا الكفاءآت التي تتناسب إمكانياتها مع إمكانيات الشركات العالمية ؟ هل لدينا مدراء لم تجلبهم المحاصصة والطائفية هم دون المستوى المطلوب لإدارة مراكزهم ؟ هل من ذوي المناصب إمكانية وضع الرؤيا المناسبة للخدمات الموكلون بإدارتها تتناسب وما في العالم من ذلك ؟ لدينا 3 ملايين موظف حكومي ، تقريباً ، هل يفهمون تقاليد العمل الصحيحة ؟ هل أن شعبنا مهيء لإحترام المشاريع التي نأمل إقامتها ؟ هل لدينا تنمية بشرية تتناسب وحجم التحدي الذي يواجهه العراق أملاً بالمستقبل المشرق ؟ .
قد يلاقي الكثير الحرج في الإجابة على تلك التساؤولات ولكنها مشروعة وعلى أحدا أن يبدأ بفك طلاسمها فعلى سبيل المثال لا الحصر : الفساد اليوم في العراق لم يعد فساد أشخاص ؛ بل هو فساد مؤسساتي واضح المعالم فأنت ترى مؤسسات كاملة وشركات فاسدة لم تحقق الهدف المنشود وتبوء كل محاولات إدارتها في إنتشالها من الخسائر المتلاحقة وما تكبده الموازنة من مبالغ طائلة ، كما يحدث الآن مع بعض شركات وزارة الصناعة التي تحولت لها من هيئة التصنيع العسكري المنحلة .. مئآت الألاف من الموظفين أصبحوا اليوم في عهدة الحكومة من حيث رواتبهم لم تستطع إدارات شركاتهم من توفير رواتبهم ناهيك عن الشلل التام في القابلية على الإستثمار الصحيح للمبالغ الأستثمارية المخصصة لها .. كل ذلك يستدعي من الحكومة إعادة هيكلة ، إدارية وفنية ، لكل شركاتها ومؤسساتها الحكومية ليجعلها قادرة على ترجمة رؤيا واضحة لواقع خدماتها التي تقدمها للمجتمع .
من جانب آخر فالحاجة الملحة اليوم الى التركيز على التدريب الحقيقي والصحيح والبعيد عن الفساد.. التدريب الذي يوفر لنا عمالة واعية ماهرة تقارب بخبراتها وذكائها ما يتوفر لدى الشركات العالمية كي نحسن التعامل مع الشركات الإستثمارية الكبرى التي نحن بأمس الحاجة لها اليوم إذا ما أردنا ان نحقق قفزة نوعية في الإستثمار ونقل تصنيع تكنولوجيا متطورة التي لم نكن بالغيها دون خروجنا من البند السابع .. حفظ الله العراق .
مقالات اخرى للكاتب