حفلت الايام الاخيرة بالکثير من مظاهر تراجع موقف نوري المالکي ازاء طموحاته المتزايدة بشأن الترشح لمنصب رئاسة الوزراء لولاية ثالثة، إذ يبدو أن المرجعية الدينية في شخص السيستاني و کذلك الولايات المتحدة الامريکية قد دخلتا على خط الضغط بإتجاه دفع المالکي للتنح و عدم ترشيح نفسه لولاية ثالثة.
طهران التي بذلت أقصى جهودها و مارست أنواع الضغوط و قامت بالعديد من المناورات السياسية المختلفة في سبيل تهيأة الاجواء لبقاء المالکي لولاية ثالثة، والحقيقة انها تريد أن تعزز تفوقها بأن نجحت في إبقاء بشار الاسد لإشعار آخر، بإضافة المالکي لکي تجعل من نفوذها و هيمنتها في العراق و سوريا و من خلالها في المنطقة أمرا واقعا، لکنها إصطدمت بردود فعل عنيفة و حرکة رفض غير إعتيادية لإستمراره لولاية ثالثة، وهو أمر دفعتها لکي تسکت على مضض و تنتظر تتطورات و تداعيات الاوضاع لکي تقرر في ضوئها خطواتها اللاحقة بشأن إختيار من سيخلف المالکي.
هزيمة المالکي في ماراثونه الطويل من أجل الفوز بولاية ثالثة، قد صارت واضحة ولم يعد هناك من شك بأن حظوظ المالکي للبقاء صارت بنسبة متدنية لاتسمح له حتى بالمناورة السياسية او المساومة، بل ان الشئ الوحيد الذي صار ممکنا الان هو ان المالکي قد بدأ يعد العدة للتهيأ لمغادرة غرفته و الاستسلام للأمر الواقع، لکننا نتسائل هنا: هل أن المالکي قد هزم فعلا؟ من الواضح ان المالکي کشخص قد هزم فعلا لکنه کإتجاه و خط سياسي يمثل النظام الايراني، من السابق جدا لأوانه الحديث عن مثل هکذا أمر، لأن اسس و مرتکزات النفوذ الايراني في العراق جذورها صارت عميقة جدا في مختلف مفاصل الدولة، وان 8 أعوام عمل مستمر لترسيخ و توطيد هذا النفوذ يجعل من غير الواقعي أن ينتهي برحيل رجل مثل المالکي، والاهم من ذلك ان هذا النفوذ سوف يدافع عن نفسه بکل قوة في وجه أي من کان فيما لو کان هنالك إتجاه لتقليص هذا النفوذ او تحديده.
الحديث الان ليس عن بقاء او عدم بقاء المالکي وانما عن توسع او عدم توسع نفوذ طهران بعد رحيل المالکي، وهو أمر فيه أکثر من وجهة نظر، لکن الذي نعتبره مؤکدا هو ان رفض النظام الايراني و نفوذه في العراق، قد صار أمرا واقعا، ولهذا فإنه بإمکاننا القول أن رحيل المالکي الخطوة الاولى على طريق إنهاء هذا النفوذ و القضاء عليه نشکل کامل.
مقالات اخرى للكاتب