الوَطَنُ: المَنْزِلُ تقيم به، وهو مَوْطِنُ الإنسان ومحله؛ وقد خففه رؤبة في قوله: أَوْطَنْتُ وَطْناً لم يكن من وَطَني، لو لم تَكُنْ عاملَها لم أَسْكُنِ بها، ولم أَرْجُنْ بها في الرُّجَّنِ قال ابن بري: الذي في شعر رؤبة: كَيْما تَرَى أَهلُ العِراقِ أَنني أَوْطَنْتُ أَرضاً لم تكن من وَطَني وقد ذكر في موضعه، والجمع أَوْطان. وأَوْطانُ الغنم والبقر: مَرَابِضُها وأَماكنها التي تأْوي إليها؛ قال الأَخْطَلُ: كُرُّوا إلى حَرَّتَيْكُمْ تَعْمُرُونَهُمَا، كما تَكُرُّ إلى أَوْطانها البَقَرُ ومَوَاطِنُ مكة: مَوَافقها، وهو من ذلك. وَطَنَ بالمكان وأَوْطَنَ أَقام؛ الأَخيرة أَعلى. وأَوْطَنَهُ: اتخذه وَطَناً. يقال: أَوْطَنَ فلانٌ أَرض كذا وكذا أَي اتخذها محلاً ومُسْكَناً يقيم فيها. والمِيطانُ: الموضع الذي يُوَطَّنُ لترسل منه الخيل في السِّباق، وهو أَول الغاية، والمِيتاء والمِيداء آخر الغاية؛ الأَصمعي: هو المَيْدانُ والمِيطانُ، بفتح الميم من الأول وكسرها من الثاني. وروى عمرو عن أَبيه قال: المَيَاطِينُ المَيادين. يقال: من أَين مِيطانك أَي غايتك. وفي صفته، صلى الله عليه وآله وسلم: كان لا يُوطِنُ الأَماكن أََي لا يتخذ لنفسه مجلساً يُعْرَفُ به. والمَوْطِنُ: مَفْعِلٌ منه، ويسمى به المَشْهَدُ من مشَاهد الحرب، وجمعه مَوَاطن. والمَوْطِنُ: المَشْهَدُ من مَشَاهد الحرب. وفي التنزيل العزيز: { لقد نصَركُمُ اللهُ في مَوَاطِنَ كثيرة }؛ وقال طَرَفَةُ: على مَوْطِنٍ يَخْشَى الفَتَى عنده الرَّدَى، متى تَعْتَرِكْ فيه الفَرائصُ تُرْعَدِ . وأَوطَنْتُ الأَرض ووَطَّنْتُها تَوطِيناً واسْتَوْطَنْتُها أَي اتخذتها وَطَناً، وكذلك الاتِّطانُ، وهو افْتِعال منه. غيره: أَما المَوَاطِنُ فكل مَقام قام به الإنسان لأَمر فهو مَوْطِنٌ له، كقولك: إذا أَتيت فوقفت في تلك المَوَاطِنِ فادْعُ الله لي ولإخواني. وفي الحديث: أَنه نَهَى عن نَقْرَة الغُراب وأَن يُوطِنَ الرجلُ في المكان بالمسجد كما يُوطِنُ البعيرُ؛ قيل: معناه أَن يأْلف الرجل مكاناً معلوماً من المسجد مخصوصاً به يصلي فيه كالبعير لا يأْوي من عَطَنٍ إلا إلى مَبْرَكٍ دَمِثٍ قد أَوْطَنَه واتخذه مُناخاً، وقيل: معناه أَن يَبْرُكَ على ركبتيه قبل يديه إذا أَراد السجودَ مثلَ بُرُوكِ البعير؛ ومنه الحديث: أَنه نَهَى عن إيطان المساجد أَي اتخاذها وَطَناً. وواطنَهُ على الأَمر: أَضمر فعله معه، فإن أَراد معنى وافقه قال: واطأَه. تقول: واطنْتُ فلاناً على هذا الأَمر إذا جعلتما في أَنفسكما أَن تفعلاه، وتَوْطِينُ النفس على الشيء: كالتمهيد. ابن سيده: وَطَّنَ نفسَهُ على الشيء وله فتَوَطَّنَتْ حملها عليه فتحَمَّلَتْ وذَلَّتْ له . قال كُثَيِّرٌ: فقُلْتُ لها: يا عَزَّ، كلُّ مُصيبةٍ إذا وُطِّنتْ يوماً لها النَّفْسُ،ذَلَّتِ . المصدر: قاموسُ(لسانُ العربِ) .
هذا في المعنى اللغوي للوطن والمواطن والمواطنة ؛ ...
أما في المعنى السياسي والقانوني الأكاديمي ؛ ..
فالمواطنة ترتبط عادة بحق العمل والإقامة والمشاركة السياسية في دولة ما ، أو هي الانتماء إلى مجتمع واحد يضمه بشكل عام رابط اجتماعي وسياسي وثقافي موحد في دولة معينة.
وتبعاً لنظرية (جان جاك روسو)(1712م ـ 1778م ) ـ ((العقد الاجتماعي)) ؛ فالمواطن له حقوق إنسانية يجب أن تقدم إليه ، وهو في نفس الوقت يحمل مجموعة من المسؤوليات الاجتماعية التي يلزم عليه تأديتها. وينبثق عن مصطلح المواطنة مصطلح "المواطن الفعال" وهو الفرد الذي يقوم بالمشاركة في رفع مستوى مجتمعه الحضاري عن طريق العمل الرسمي الذي ينتمي إليه أو العمل التطوعي.
ونظرا لأهمية مصطلح المواطنة ؛ تقوم كثير من الدول الآن بالتعريف به ، وإبراز الحقوق التي يجب أن يملكها المواطنون ، كذلك المسؤوليات التي يجب على المواطن تأديتها تجاه المجتمع ، فضلا عن ترسيخ قيمة ((المواطن الفعال)) في نفوس المتعلمين.
في القانون يدل مصطلح ((المواطنة)) ؛ على وجود صلة بين الفرد والدولة .
وبموجب القانون الدولي ؛ ((المواطنة)) هي مرادفة لمصطلح ((الجنسية)) ، على الرغم من أنه قد يكون لهما معان مختلفة وفقا للقانون الوطني . والشخص الذي لا يملك المواطنة في أي دولة هو عديم الجنسية.
أما العوامل التي تحدد المواطنة هي :
* الولادة في الوطن (حق التراب)
* جنسية الوالدين .. (حق الدم) ؛ سابقاً كانت محصورة في جنسية الوالد ، كما هو الحال في بعض الدول العربية ، ثم مع حملات حقوق المرأة أصبحت للوالدين، وتحدد بعض الدول عدد الأجيال التي يمكن أن تحصل على الجنسية دون إقامة في البلد.
* المواطنة بالزواج ؛ وتسعى بعض الدول التي تعاني من موجات الهجرة إلى مكافحة حالات الزواج المزورة بغرض الجنسية، ولكن في بعض الدول العربية لا يؤخذ بمسألة الزواج ، إلا من جهة الأب فقط .
* التجنيس ؛ تعطى الجنسية للأشخاص الذين دخلوا بلاد بشكل قانوني ، ومنحوا إذن للإقامة ، أو منحوا اللجوء السياسي .. مع إقامة لفترة معينة.
في بعض الدول يحتاج التجنيس إلى شروط إضافية ، كاجتياز اختبار ، يظهر معرفة بلغة البلد أو عاداتها أو وجود حد أدنى لحسن السلوك ، كخلو السجل الجنائي من أي حكم قضائي ، وكذلك يطلب قسَم الولاء للدولة الجديدة أو لحكامها ، والتبرؤ من الانتماء للمواطنة السابقة ، وبعض الدول تسمح بازدواج الجنسية ، ولا تتطلب التبرؤ من الجنسية السابقة .
والحالتان تلكما .. بين الفهم اللغوي والفهم السياسي القانوني الأكاديمي للوطن والوطنية والمواطن ؛ فأحياناً يكون ((الوطن)) مكاناً يأوي ((الإنسان)) ؛ فهو ((الوطن)) وأحياناً ؛ يكون مكاناً يأوي ((الحيوان)) والبهائم والإبل والماشية ؛ فهو المراح والمربض .
يُروى .. (والعهدة على الراوي) ؛ إنَّ الخليفة العباسي هارون الرشيد(763 م ـ 809 م) ؛ قد عتبت عليه زوجته وسليلة بني العباس السيد زبيدة أم الخليفة الأمين ، حول اهتمامه بولده الخليفة المأمون بن الخيزران البرمكية الفارسية ، واعتبرت ذلك الاهتمام نكوصاً قومياً للعروبة في ذات الخليفة ، فلكي يقنعها بحدود الفهم البسيط ؛ دعا ولديه الأمين والمأمون ، وطلب منهما أن يجلب كل واحد منهما مائة (ثور معمم) (أي على رأسه عمامة ؛ وهو زي أهل بغداد والمسلمين آنذاك ، ولايزال في العديد من المدن والأقطار الإسلامية) .
إنطلق الأَخـَوَانُ .. أسرع (الأمين) إلى سوق بيع البقر ، وأشترى مائة ثوراً ، ثم ذهب إلى سوق بيع القماش أ وأشترى كمية كافية من القماش الأبيض والأسود ، ليلفها على قرون الثيران المائة ، ويأتي بها جميعاً إلى باحة القصر ، وهي ((تطربك)) بحوافرها ، تحت هدوء وصمت الظهيرة!!!
بينما ذهب الخليفة (المأمون) إلى أسواق بغداد المكتظة بالهوشان ( يُذكرُ؛ إنَّ نفوس العراق أيام خلافة هارون الرشيد ناهز الـثلاثين مليون نسمه) ، ووجه أوامره إلى الحرس بأن يحضروا مائة رجلاً معمماً من أولئك البلهاء المتسكعين ، ليرافقوه إلى قصر الخلافة ، فأحضروهم جميعاً ، أمام الخليفة .
يُقال ؛ أن السيدة ( زبيدة ) كانت تجلس بجانب زوجها وابن عمها (هارون الرشيد) ، فشهدت المنظرين . ومنذ ذلك الموقف ؛ لم تنبس ببنت شفة عتاب إزاء اهتمام الخليفة هارون الرشيد بالمأمون دون الأمين قط !
هذه الحكاية .. أم هذه الرواية ؛ أردتُ بها أن أبيّن للقارئ الكريم ؛ كيف أنَّ ((الوطن)) ؛ عندما يكون مأوى للبشر الصعاليك البؤساء الرعاع ؛ لا يختلف عن مربض أو مراح للحيوانات البشرية . وكذلك عندما يكون المواطنون لا يختلفون عن البهائم والإبل والماشية والأبقار والحمير ؛ فإن ((الوطن)) بأمثال هؤلاء ((المواطنون)) لا يعدو كونه مرتع للقاصي والداني ، ممن هب ودبَّ .
((الوطن)) ؛ الذي يفتح ((المواطنون)) فيه أبواب حواضنهم ((للحيوانات البشرية الداعشية)) لا يستحق أن نسميه ((وطن)) ، والمواطنون الذين يفتحون أبواب بيوتهم وفروج نسائهم للقادمين من الشيشان وأستراليا وأمريكا وباكستان وأفغانستان واليمن ومصر ونجد والحجاز وليبيا والمغرب ومن لف لفهم ؛ لا يستحقون أن نسميهم (( مواطنون)) .
ربّما يصلح أن نسمي هؤلاء المواطنين بالـ (( القوّادون )) ؛ لأن من يبع وطنه للداعشين .. من يبع أرضه .. يبع عرضه ، يبع وطنه ، والأوطان لن تباعَ ولن تشترى !
لسنا هنا بمعرض الحديث عن إزدواج الجنسية ؛ وما لهذا من مساس بوطنيتنا الظاهرية ، أو الظاهرة الوطنية ، إزاء ما هو أمض وأمرّ .. فللحديث بقية . والله من وراء القصد ؛؛؛
مقالات اخرى للكاتب