تهمة الفاسد، تهمة تحت الطاولة، متى مااختلف اثنان على منصب او مصلحة او تضارب حزبي بادر احدهم الى إطلاق تهمة الفساد ضد الخصم الاخر، وراح بلا فروسية ولا نبل يسقطه في كل مجلس وتجمع وعبر الفيسبوك ووسائل الاعلام من دون ان يقدم دليلا مقنعا، صحيح ان السارقين والفاسدين اذكياء في التلاعب على القانون، لكن هل من المنطق ان نحرق الأخضر بسعر اليابس كما يقول المثل العربي لايتساوى النزيهة مع الفاسد؟! .
تتحرك مكاتب المفتشين العموميين وهيئة النزاهة حركة سلحفاتية في مواجهة ارهاب الفساد الذي يضرب نخاع الدولة العراقية بكل مفاصلها ولاسيما وان هذه المؤسسات تواجه مشكلة كبيرة في تقصي المفسدين واجتثاثهم من المؤسسات الحكومية نتيجة للمقيدات القانونية.
واحدة من ابرز معوقات عمل هيئة النزاهة ومكاتب المفتشين في مكافحة الفساد هي تلك الاخبارات الكاذبة التي يبثها المتخاصمون الموظفون فيما بينهم وهي خصومة غير شريفة وليس الغاية منها الا إقصاء الخصوم .
يتخيل البعض ان كل وثيقة حكومية مسربة هي دليلا على وجود فساد مالي وهذا الامر ليس صحيحا الاستسلام اليه ولابد من إشاعة الشفافية في العمل الاداري الذي له علاقة بالمال في جميع المؤسسات الحكومية.
اليد الحكومية مشلولة في مكافحة الفساد وهي ملاحقة الموظفين الصغار بينما يترك كبار الموظفين يترعون في المؤسسات الحكومية ويتجوّلون بحريتهم.
واحدة من محفزات الفساد في العراق هي البيروقراطية الإدارية وكثرة الاحتكاك بين الموظفين والمواطنين (المراجعين) وتداخل الصلاحيات وقدم القوانين ومن دون شك تسجل الحكومات العراقية بعد ٢٠٠٣الفشل الذريع في تقليص حلقات الإجراءات في الترويج للمعاملات.
اطلقت حكومة حيدر العبادي حملة تبسيط الإجراءات الحكومية التي لم تلامس الواقع الإجرائي في الدولة العراقية وقد أخذت مساحة إعلامية واسعة لاتستحق انجازها بينما هي في الواقع نفخ بالصحراء.
تبدأ إجراءات بسيطة لمعالجة الفساد في الدولة بتدريس المواطنة والنزاهة في المدارس ومحاسبة مسطرية على جميع المتهمين بالفساد وتقصي الاخبارات وتفعيل الحكومة الالكترونية والغاء الاستثناءات وتفعيل الرأي العام لفضح الفاسدين الذين يثبت القضاء تورطهم.
هناك جماعتان في المجتمع، جماعة تريد مكافحة الفساد بوسائل وطرق عادلة وجماعة تريد تعطيل الدولة عبر بث ثقافة الجميع فاسد والجميع سارق والجميع وهي ثقافة تهديمية لاتبني دولة نزيهة ،فليس من المعقول #كلنا_فاسدون.
مقالات اخرى للكاتب