الى رئيس الجمهورية
الى رئيس الوزراء
الى وزيرة الصحة
الى اعضاء مجلس النواب عن محافظة الديوانية
الى محافظ الديوانية
الى مجلس محافظة الديوانية
الى فاعلي الخير عموما
لم يترك الفقر والزمان لأم زينب (47 سنة)، خياراً سوى البحث عن بدائل لعلاج وجه ابنتها زينب، ذات التسع سنوات، بعد أن عجز الطب عن تخليص وجهها من سرطان الجلد، لتضطر إلى معالجته بنفسها بمبيد الحشرات والقوارض، لقتل الديدان التي باتت تخرج منه.
الطفلة زينب تعيش في منزل يقع في قرية (السحابية)، (27 كم إلى الجنوب الشرقي من ناحية البدير، التي تبعد بدورها 55 كم عن مدينة الديوانية)، أفضل ما يوصف به (الخربة)، غادرت جميع أمانيها إلا اثنتين، أن يكون وجهها سوياً كمن يعيش حولها، والدخول إلى المدرسة لتتعلم كيف تكتب (ماما وبابا ودادا ودار)، تلك الأسماء التي حرمت منها وتشتاق لرؤيتها قبل موتها.
وتروي أم زينب، أن "قلبي يتمزق ألف مرة يومياً وأنا أشاهد ابنتي على تلك الحال، تقاسي الألم والحسرة ومرارة الإحساس حين ترى وتسمع إخوتها وهم يلعبون، فيما تنشغل بإبعاد الذباب والحشرات عن وجهها"، وتضيف "أراها تغرق أمامي وأقف عاجزة عن مد يدي إليها بسبب الفقر والحرمان، لانتشلها وأخلصها من حسرتها على حق العيش سوية في الحياة".
وتوضح الأم، أنني "أم لستة أطفال أسوياء وسابعتهم زينب، ليس فيهم أيّ مرض مشابه، وليست في أسرتي أو عائلة زوجي إصابة سابقة"، وتستغرب من "إصابة زينب به".
وتبيّن أم زينب، أن "ابنتي أصيبت في عامها الرابع بحساسية في الجلد، تركزت في وجهها، وحين راجعنا الأطباء أوضحوا لنا أنها حساسية من الشمس ولا داع للقلق، فالأيام كفيلة بشفائها، وبعد مدة تطور الأمر وباتت تظهر على شكل (حب)، يخرج ومن ثم يجف ويسقط، فراجعنا ثانية فبيّن لنا الأطباء أنها داء الصدفية".
وقطعت أم زينب حديثها مغادرة إلى غرفة في بيتها الطيني المسقف بجذوع النخيل والسعف، الذي خلا من أبسط مقومات الحياة، لتعود حاملة بيدها علبة دواء مرسوم عليها صورة حشرة الـ(صرصار)، لتذيب الصمت بعلو البكاء، وتوضح، أنني "لم أترك باباً إلا وطرقته، وذهبت بها إلى بغداد فنصحوني بأطباء الديوانية، فلم يعطها أحدهم أيّ دواء أو علاج، فصرت مضطرة لاستخدام مبيد الحشرات والفئران، لأكافح الديدان التي باتت تخرج من وجه زينب".
وتتابع الأم "لقد توقف عقلي في المرة الأولى التي شاهدت الديدان تخرج من وجهها، وفكرت بأنها ستذهب إلى دماغها وتقتلها، فجلبت علبة المبيد وبدأت ازرق في الأماكن التي يخرج منها الدود، لعدم وصف الأطباء لنا إي غسول طبي بشري، وقد أتى ذلك بنتيجة إلى حد ما".
وتتساءل أم زينب، ""هل عجز العلم والطب في العراق عن كشف إصابة ابنتي مبكراً ليتسنى لي إنقاذ حياتها؟، وأين المسؤولون عنا وأين واجباتهم تجاه شعبهم؟، ولماذا لم يعرف احد أو يهتم إلا عندما تبنّى عدد من الصحافيين ونشطاء التواصل الاجتماعي، ونائبان عن الديوانية حملة لإنقاذ زينب"، وتواصل "ترى كم زينباً في العراق لا يعرف عن حالهن أي شيء، حتى متى نعيش بفقرنا وأموال البلد تنهب من كل مكان؟".
وتستغرب أم زينب، من "عجز الطب في العراق بعد تغيير النظام ورفع الحصار وصرف مئات مليارات الدولارات على المستشفيات، التي عجزت عن تشخيص حالة زينب في بدايتها، أما كان من الممكن إنقاذ حياتها لو كان الكشف مبكراً عما أصاب وجهها؟".
الطفلة زينب، اكتفت بوضع يدها على وجهها حياءً وخجلاً، واكتفت بترديد كلمة (أريد أطيب)، "أريد الشفاء، أريد أن يكون وجهي مثل أخواتي، أريد ان أذهب إلى المدرسة لأكتب ماما وبابا ودادا ودار".
أبو زينب العاطل عن العمل، بسبب انشغاله بابنته ومراجعاته إلى المستشفيات، يقول، إنني "لم أترك باباً إلا وطرقته، على أمل الحصول على مساعدة تعينني في محنتي بمرض ابنتي، الذي لم يعرفه أطباء الديوانية وبغداد والنجف وبابل"، ويشير إلى أن "تشخيص إصابتها بسرطان الجلد جاء متأخراً، ولم أعرف ماذا أفعل لها، فلا مال عندي ولا أملاك يمكن بيعها".