Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
ثلاث ساعات في دائرة التقاعد العامة ...!!!
الخميس, كانون الأول 20, 2012

بقلم: محمـــــــــــــــد الحســــــــــــن


من المؤسف حقا ان نجد في هذا الوطن النقص الاهانة اينما وجد الناس , الخراب يعم في كل مكان ويصل ذروته كلما ازدادت اهمية المكان الانسانية مع ترادي طبيعة الانسان وسوء نوعيته كلما كان موقعه اكثر التصاقا بالناس وبالخصوص الذين يحتاجون الى الرعاية والعطف , وما ابسطها من صدقة الكلمة الطيبة , خفيفة على اللسان وتزيح جبال الهموم المكدسة بين حنايا النفوس المتعبة .

الصدفة اخذتني الى المكان دون تخطيط او عمل .

في علاوي الحلة وسط بغداد وعلى ساحل النهر الخالد تقبع بناية التقاعد العامة التي يرتادها ممن وضعهم الزمن في هذه البناية المتعجرفة بعدما تحولوا الى ملفات ورقية تقضمها فئران هذه المؤسسة القديمة .. عندما نقول ساحل يتبادر الى الذهن اننا نتحدث عن منتجع سياحي , فما بالك ان قلنا ساحل دجلة ؟ .. حتما ان الارادات والعقول التي خططت واختارت المكان ارادت ان تبني موقعا ترفيهيا ومنتدى للذكرى للذين قدموا خلاصة اعمارهم , فقرر المسؤول ان يكون ملتقاهم على دجلة .

عند الحديث عن المتقاعدين فالكلمة لا تحتاج الى تعريف , وتعريفها الذي يجتمع عليه الجميع هو (شريحة مكونة من كبار السن والمعوقين ) , اي بمعنى ادق الاشخاص ذوي الحركة المحدودة والامراض المزمنة . وهنا تكمن الحكمة في اختيار المكان .

لكن , وما اكثر استخدامنا لهذه الكلمة التي نبرر بها سوء افعالنا , لطالما تحدثوا ونظروا لقيم الخير وحقوق الانسان وبالختام يردفوا حديثهم ب (لكن ) مع جملة من الاعذار التي تعاكس ما ابدوه . .... وفي العلاوي لا نجد الا الخراب وكأن من كانوا يخدمون في هذه الدولة ما كانت خدمتهم الا مرحلة تأهيلية للوصول الى العلاوي حيث الاحتكاك بمن يسومونهم سوء العذاب , بعدما كانوا في وظائفهم يتمتعون اصبحوا على الشاطئ مهانون .

عند الدخول تشق طريقك بصعوبة كبيرة وسط صرخات بائعي الاسماك , تدخل من باب يبعد عن باب الخروج حوالي خمسون متر وبد الخروج عليك ان تعود من حيث دخلت وبنصف دائرة قطرها مئة متر على الاقل , وهذه العودة لاستلام الامانات من جهاز الهاتف او علب السكائر .... في الداخل تجد بناية هرمة شقق جبينها الزمن ولفتها تجاعيد النسيان , المدخل الرئيسي عبارة عن مقبو موحش تتخلله ممرات جانبية تؤدي الى غرف وصالات واسعة احتلها كبار الموظفين وحسب الظهير الساند في الحكومة او البرلمان , لا مراجعة لمتقاعد في الارض الا القلة , يجب على الجميع الصعود الى الاعلى ... فيجب على من تجاوز العقود السبعة او من بتر ساقه ان ينجح باجتياز الرحلة الى الطابق الثاني عبر سلم مكون من ثلاثين سلمة قد جفت عصارته حتى صار عموديا ... ما ان تصل مشارف الطابق الثاني حتى يفاجئك اريج الحمامات التي القت ما في جوفها الى الممرات المؤدية الى الغرف , عليك ان تستنشق هذا الهواء النتن شئت ام ابيت , ان هذا الفيضان الذي يفصل بين ممرات القسم العسكري ليس اعمال ادامة او ضمن جدول النظافة اليومية بل هو طفح المياه الثقيلة , ويبدو ان هذه الدائرة ارتأت الامعان بإذلال واهانة هؤلاء العجزة حيث الروائح المحملة بغاز الميثان والنجاسة تملأ المكان .

من الصعوبة ان تستنطق احد الموظفين المعنين والذين وصلت عندهم النرجسية ابعد حالاتها , حتى وان اجابك فأنه يشعرك بالذل , كأنك داخل في زنزانة صدامية .... تنسى ان النظام البائد قد انهار عندما تتعرض للمعاملة الجافة التي صارت سجية لهؤلاء الموظفين , انهم يعاقبون من نفاهم العمر الى اخر محطاته والمليئة بالضجر , نادرا ما تجد ان احدهم يتجاوب مع مراجع او يجيبه بشيء من الاهتمام .. السمة الغالبة على موظفي هذه الدائرة هي حسن المظهر (نساء ورجال ) رغم انهم يجلسون بين القاذورات وكأن ظلام انفسهم انعكس على المكان فملأه وحشة قاتلة او ان المكان هو المنحوس فزادهم ظلاما .

من الاجراءات المتبعة في هذه الدائرة الحقيرة هو ان يقوم المراجع بتسليم معاملته ,بعد كيل المديح والتملق للموظف , من شباك حديدي بحجم رأس الانسان يعطيك الانطباع بانك في سجن وعليك الحذر , بعدها ينتظر المراجع في كراسي الانتظار وسط ضجيج وسعال المراجعين وهنا تبدأ معاناة من نوع جديد , لا من حيث الانتظار فحسب , بل انك تنتظر ان يذاع اسمك من قبل الموظف المختص وهذا الموظف لا يمكن ان يكرر ما يقول فكلمته واحدة , مرة واحدة ووسط هذه الضجة يصعب سماع الاسم , لذا على المراجع التركيز بإنصات منقطع لصوت صاحب البشرى الذي قد يباغته على حين غفلة , وهذا بحد ذاته يجعل المراجع في دائرة من اللوم والتوبيخ لأنه اخذ من وقت الموظف دقيقة لا يستحقها , وجلهم كبار في السن وبمثل اعمارهم تضعف حاسة السمع .

ان ما شاهدته في التقاعد العامة مأساة حقيقية تفوق التصور والغريب ان الناس (مراجعين وموظفين ) تعودوا هذا الامر واستساغوه وكأنه صار جزءا طبيعيا من ممارساتهم في هذه الدائرة .

لا ندعو الى تصحيح عمل هذه المؤسسة فمن العسير جدا ترميم النفوس والبناية على حد سواء , لكن ندعو ان يضعها الغيارى في حساباتهم ويبادروا لإحلال التغيير الجذري في الهيكل البنائي والاداء الوظيفي بما ينسجم مع شريحة المتقاعدين الذين بلغوا من الكبر مبلغا . لا نريدها من الذين يتقربوا الى الناس في المواسم الانتخابية فقط , بل نريدها من اصحاب المبادرات الذين عاشوا بين الناس في مناسبة او دون مناسبة .


اقرأ ايضاً

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.39247
Total : 100