بغداد - لا تبتعد الصراعات السياسية والتحشيد الطائفي والمذهبي والأثني التي يديرها ساسة العراق اليوم من خلال الشارع الشعبي، كثيرا عن سياقات المخطط البريطاني الأمريكي لتقسيم البلاد، فالجميع في بلاد الرافدين يعمل على تنفيذ ذلك المخطط الذي أوصلهم أساسا إلى الحكم وإدارة ما يسمى العملية السياسية في بلاد الرافدين، وهم يحاولون اليوم إثارة الشارع الشعبي تحشيدا وتأزيما وأحتقانا لتقبل هذا المخطط التقسيمي الذي أصبح قريبا جدا من الواقع العراقي.
فنوري المالكي الجندي المطيع لبريطانيا وحليفتها المدللة إيران يعمل بإصرار غريب على إثارة المزيد من الصراعات والمعارك السياسية في البلاد والتي تقود إلى تعميق الإنقسامات السياسية والطائفية وذوبان قمة ثلج العملية السياسية في البلاد والذي سيؤدي، وفقا للمخطط البريطاني الأمريكي، لإنفراط عقد الحكومة وتعطيل عمل البرلمان، ودخول البلاد في حالة فراغ سياسي ودستوري، تشرع أبواب البلد أمام فوضى الصراعات من كل حدب وصوب وبالتالي يتقبل المواطن العراقي الخيارات الصعبة التي ستلقى عليه وهي انفراد كل بطائفته أو منطقته لتنفصل عن البلد الأم وإقامة كانتونات صغيرة في البلد، يسهل السيطرة عليها والتحكم بها من قبل بريطانيا.
ويرى المراقبون والمحللون السياسيون العراقيون أن البلد مقبل على ثلاث خيارات جميعها ستؤدي بالواقع العراقي نحو المزيد من التأزيم. وهذه الخيارات تتراوح بين التقسيم أو الحرب الأهلية أو تدمير المنظومة السياسية الحالية والتي يطلق عليها العملية السياسية بالكامل وتشريع أبواب البلد مرة أخرى امام التحكمات والسيطرة الإقليمية.
مؤكدين أن بركان الطائفية في البلاد أشتعل بعد أن قامت الأحزاب والجماعات الدينية والطائفية في البلاد بالهيمنة على الواقع السياسي العراقي ومن ثم الترويج لأفكارهم الطائفية من خلال سياسيين فاشلين ولصوص، وهو ما سيؤدي إلى إذابة جليد العملية السياسية الراهنة.
مبينين أن من مظاهر ذلك البركان المحتدم، تظاهرات إحتجاجية تخرج هنا وأخرى هناك لا يرضى عنها نوري المالكي، تقابلها أخرى مرضي عنها، ومؤيدة للمالكي في بعض المحافظات والمدن الأخرى، ويشعر المالكي بالغضب الشديد على خروج تظاهرات ضده فيعمل على حل البرلمان، والأخير يسعى إلى استجوابه، ويتجه المشهد نحو المزيد من تعميق الطائفية، بل نحو الخشية من تجدد الاقتتال المذهبي وصولا الى حد التقسيم. خاصة أن شرارة الغضب العراقي التي انطلقت من الرمادي قلب الأنبار، امتدت إلى المحافظات الغربية والشمالية ووصلت إلى المحافظات الجنوبية، حيث خرجت العشائر العربية في محافظات البصرة والعمارة والناصرية، وقد تفاعل أبناء العشائر العربية مع الشعارات التي رفعها المتظاهرون في الأنبار وديالى ونينوى وصلاح الدين وأحياء بغداد، وبالذات شعار (عراقنا واحد).
في مقابل الحراك الشعبي في الأنبار والمحافظات الغربية، انطلق حراك مساو بالقوة مغاير في الإتجاه في المحافظات الجنوبية، الحراك الجديد تمثل في تظاهرات مؤيدة للمالكي ورافضة لمطالب المحافظات الغربية، معتبرة أن تبني المجرم عزة الدوري لمطالبهم كشف في وقت مبكر عن وقوف البعثيين وراء هذه التظاهرات، وهي ترفع أعلام العراق القديم وصور صدام حسين.
الترويج المستمر للمناكفات السياسية بين المالكي وباقي شركائه في العملية السياسية يدفع الجميع للإنزلاق إلى مستنقع التحشيد الطائفي هربا من دفع استحقاقات ديمقراطية مطالب بها المالكي وحكومته المتجهة سريعا نحو إعادة أنتاج ديكتاتورية من صنف جديد.