تتسرب الانباء منذ فترة من جهات سياسية وعسكرية بل وحتى اقليميه عن قرب تحرير الموصل من الدواعش وإزالة ما يسمى بـ (دولة الخلافة) ورميها في مزبلة التاريخ .
ويحدونا الامل نحن البسطاء ان يتحقق هذا الامر لأنه مطلب كل الشرفاء والوطنين ولكن لا تأخذ الامور بالتمنيات بل بالأفعال والاجتهاد .
فتحرير الموصل ليس لعبة شطرنج تحرك فيها احد البيادق ليموت الملك ، بل هي لعبة سياسية وعسكرية واقتصادية واجتماعية .
ولا نريد هنا الخوض في اسباب حصول ما حصل في الموصل لان هذا الموضوع قد اشبع بالتحليل والدراسة والتقييم .
ولكن ما يهمنا هنا الاجابة على سؤالين مهمين وهما ، هل اصبحت الموصل في متناول اليد فعلاً ام ستكون عرضة للمساومات؟ وماذا بعد تحرير الموصل ؟
وللإجابة على السؤال الاول علينا ان نتحلى بالواقعية ونبتعد عن الانانية والتحليل اللا منطقي ونكشف ان تحرير الموصل قد اتخذه البعض موضوعاً للمتاجرة وتحقيق مكاسب اعلامية وحزبية وطائفية .
فهنالك من يدعى بأنه يعُدّ العُدّه بعيداً عن الدوله ويؤسس لمعسكرات تحرير الموصل ويطوع المئات او الالاف للتدريب بحجة تأهيلهم للمشاركة بتحرير الموصل وفق اشراف امريكي او دولي دون معرفة مصادر التسليح والتمويل لها .
وهذا الامر يحمل من المخاطر ما لا تحمد عقباه فهو يؤسس لميلشيات عنصريه وطائفية تكون بعيده عن الولاء الوطني ،
وسيكون ولائها مناطقيا وطائفيا لسبب بسيط وهو ان من يؤسس لهذه المعسكرات هم انفسهم من ساهموا بسقوط الموصل ،
فكيف يؤمن جانب من تخلى عن مسؤوليته الوطنية والأخلاقية ويكلف بواجب التحرير .
ثم ان اصحاب هذه المعسكرات يقولون وبالفم المليان انهم لا يقبلوا بدخول اي عنصر من الحشد الشعبي للمشاركة بتحرير الموصل وكأنها ضيعة موروثة ، وهو كلام عنجهي وطائفي يجب ان ينتهي في ظل الوئام السياسي الحالي .
وقد كنا نتمنى ان يقدم الشكر والامتنان للحشد الشعبي الذي لولاه لما استطاع هؤلاء الاشخاص من الظهور في اي مكان بالعراق.
اما الولايات المتحدة فقد تتخذ من هذه المعسكرات ورقة ضغط لتحقيق عدة مكاسب لها كادعائها بتحقيق التوازن العسكري بين رؤوس مثلث الطيف العراقي الشيعي والسني والكردي.
او التلويح بأنها ستدعم تلك المليشيات على حساب الحشد الشعبي الذي خرج من رحم الازمة وتكفل بصد الهجمة البربرية الداعشية التي أسس لوجودها في الموصل ممن كانوا السبب في سقوطها بمشاركة اصحاب خيام الذله والعار في الانبار .
ثم من الممكن أن تعمد امريكا الى اتخاذ هذه المعسكرات كنواة لتأسيس جيش الاقليم السني على المدى البعيد وتمده بالمال والسلاح كما فعلت مع الاقليم الكردي .
او انها ستتخذه ذريعة للمساومة لإنهاء الحشد الشعبي مقابل انهاء تلك الميلشيات.
وهنا نجد ان مسألة تحرير الموصل ستخضع للمساومات وهو ما قد يؤخر قرار تحريرها فالجانب الامريكي لديه اجنده وهو يعرف ان ما خرج من دونه من العراق لابد ان يعود ليأخذه بتكتيك اخر.
وهو بكل الاحوال لا يعنيه امر تحرير الموصل لأنه هو من دبر لها بقدر ما يعنيه الحفاظ على مصادر امداداتة النفطية وتأسيس قواعد ثابتة لقواته بالعراق تكون كورقة ضغط على نده القوي ايران .
وفي الطرف المقابل نجد ان الحكومة واقعة بين سندان الواجب الوطني المتمثل بالتحرير ومطرقة الامريكان وسياسي الموصل والسنة عموماً .
وعليها والحال هذا ان تتخذ القرار الجريء بعد ان تحقق التوازن في ما ترغب فيه وهو واجبها الشرعي وما بين عدم خلق ازمة جديدة هي في غنى عنها في الوقت الحالي .
كما يجب على الحكومة ان تضع من الان خططاً واسعة لمرحلة ما بعد تحرير الموصل تتمثل بعده جوانب اهما التغيير السياسي لإدارة الموصل ومعالجة مخلفات داعش وما تركه من مشاكل صعبة مثل النازحين وإعادة مرافق الحياة للمحافظة وتنظيم امورها الاقتصادية .
ولكن اخطر ما سيواجه الحكومة بعد تحرير الموصل ستتمثل في اهمية وضع خطط استيراتيجية لمحاربة الفكر الداعشي الذي دبت اوصاله مرافق الحياة الموصلية ولا اعتقد ان ازالة مخلفات ذلك الفكر ستكون بين ليله وضحاها .
كما سيتطلب الامر من الحكومة ان تعيد النظر بعمل المنظومة الامنية جملة وتفصيلاً وإعادة ترتيب تلك المنظومة وفق سياقات صحيحه تخدم مصلحة البلد على المدى المتوسط والبعيد وتخليصها من ما شابها من سلبيات لكي لا تسقط لدينا محافظة اخرى وهو عمل يحتاج لجهد كبير لا تتحمله الحكومة وحدها بل جميع الشركاء بما فيهم المواطن البسيط .
مقالات اخرى للكاتب