(كلما دخلت امة لعنت اختها) هذه الكلمات هي جزء من آية قرآنية كريمة وهي من سورة :(الأعراف:38)، وهذه الآية تتحدث عن تخاصم اهل النار حينما يكون مصيرهم بها، (أعاذنا الله من جهنم وعذابها)، حيث يُلقى بجماعة في النار، فتلتقي تلك الجماعة بجماعة اخرى في جهنّم فيتعارفون فيما بينهم ثم يتخاصمون، ويصل الأمر بهم ان يلعن بعضهم بعضاً، ويدعوا بعضهم على بعض، كما جاء في قوله تعالى : (حتى اذا اداركوا فيها جميعا قالت اخراهم لاولاهم ربنا هؤلاء اضلونا فاتهم عذابا ضعفا من النار)الأعراف:38. فبعدما يتعارفوا ويتلاقوا فيما بينهم في جهنم، تأتي تلك الجماعة لتقول للجماعة الأولى، وهم: عبارة عن التابع والمتبوع، وقيل انهم الزعماء واتباعهم على الباطل، فتدعوا الجماعة التابعة على الجماعة المتبوعة فتقول : (ربنا هؤلاء اضلّونا فآتهم عذاباً ضعفاً من النار)، وبعد ذلك التخاصم يأتي النداء الإلهي لهم، وبتوجيه قرار الحكم وهو قرار العقوبة الإلهية لهم وهو :(لكلٍّ ضعف ولكن لا تعلمون). هذا المشهد يذكرني بما يجري في العراق اليوم، وخصوصاً في النص القرآني:(كلما دخلت أُمةٌ لعنتْ أُختها)، وكلمةُ أُختها تعني لغةً:(مثلها)، اي انهم غارقون بالعذاب وهو عذاب الضعف، ولكن لا يشعر احدهم بحجم العذاب الذي يذوقه الآخر. يذكرني هذا التخاصم بالحكومات المحلية التي تتبوء مناصبها الجديدة في مجالس المحافظات، فتأتي حكومة المحافظة الجديدة لتستلم أماكن الحكومة السابقة، فسرعان ما تكتشف الحكومة الجديدة أخطاء الحكومة القديمة وربما تكتشف آثار الفساد وآثار السرقة عند الحكومة السابقة، فالحكومة الجديدة تكون بين أمرين لا ثالثَ لهما، وهما اما ان تتحمل الحكومة الجديدة مسؤوليتها لإظهار جميع صور الفساد والسرقات وكل تقصير قامت به الحكومة القديمة لتكشفها امام الأُمّة من جهة، ولتُبرأ ذمتها امام الله وأمام شعبها، وإمّا ان تسير على نفس خطا الحكومة السابقة لتسير على دعائم الانحراف وقواعد الفساد، وبالمناسبة اننا لم نجد حكومة لاحقة تمتدح حكومة سابقة، على العكس من ذلك وجدنا معظم الحكومات اذا ما تعرّضت لأزمات، نجدها تلحق فشلها بالحكومات السابق، فكل ما نجده من فشل في حكومتنا الحالية، نجد ان ذلك الفشل يُرمى به اما على النظام السابق، واما على حكومة علاوي واما على اخطاء مجلس الحكم ، او يكون الفشل سببه الكتل المختلفة فيما بينها او المتناحرة فيما بينها. وكذلك الحال بالنسبة الى الوزارات، فكل وزير يتبوأ منصبه الجديد، نجده بعد فترة يرمي بإخفاقاته على الوزير السابق، (فكلما جاءت أمة لعنت اختها)، وكثيرة هي التصريحات التي أدلى بها الوزراء الجدد على وزراء سابقين لنفس الوزارة التي يتبوؤن منصبها، ولكن الخلل أين ؟ ج : الخلل يكون بالوزير الجديد وهو اذا كان الوزير السابق من غير حزبه وكتلته، فإننا سنجده يصرّح في جميع وسائل الاعلام ساعياً لفضح ذلك الوزير او المسؤول لأنه ينتمي الى غير كتلته، والمفارقة هي لو جاء مسؤول بدلا عن مسؤول آخر وكلاهما من نفس الحزب والكتلة، فإننا سوف لن نجد ايَّ تصريحاً او موقفاً، لأنّ ذلك المسؤول ينتمي الى نفس الحزب او الكتلة. (فكلما جاءت كتلة لعنت اختها) هذا النص ليس من القرآن ولكنه منّي . وهذه الحالة هي جارية في يومنا هذا في معظم دوائر الدولة ومؤسساتها إلا ما رحم ربي :(كلما دخلت أُمّةٌ لعنت أُختَها) ، اللهم لا تجعلنا من اصحاب النار، فانتبهوا يا أولي الألباب، يا أولي الأبصار . فانتبهوا على أنفسكم يا عُبّاد الليل، ويا صُيّام النهار، اين أصبحتم وكيف كُنْتُمْ . فكلما جاءت أمة لعنت اختها، فأصبحت تلك الحالة ظاهرة عامة وشاملة في العراق تنطبق من ابسط وظيفة ومسؤولية الى أعلى منصب ومسؤولية.
مقالات اخرى للكاتب