سوئل " خبير عسكري استراتيجي " كما يحب توصيفه من قبل الفضائيات عن أهمية قطع البيشمركه الكوردية الطريق الاستراتيجي بين الموصل وسوريا من جهة ربيعة وسنجار فقال:
" إن مسعود البرزاني ارتضى بخمسة بالمئة من مطاليبه التي كان يطلبها من صدام حسين ( في إشارة للمحادثات التي كانت تجري بين القيادة الكوردستانية ونظام صدام حسين بعد انتفاضة آذار 1991م والتي ادعى انه كان حاضرا فيها بصفته الرسمية آنذاك كمدير للاستخبارات العسكرية العراقية )، وان هزيمة البيشمركه في سنجار لا تجعل أي أهمية لقطع الطريق بين الموصل وسوريا " !؟
في هذا المقطع أراد " الخبير الاستراتيجي العسكري " أن يكون سياسيا فاصبح مهرجا وأضاع المشيتين كما يقول الدارج العراقي، فلا هو أجاب مهنيا عن السؤال واقنع المشاهد بأهمية ما سألت عنه القناة، ولا هو نجح في تقديم تحليل سياسي منطقي عن ذات السؤال، فانطبق عليه المثل العراقي أعلاه.
وفي المقابل يخرج شخص آخر تحت تسمية " المحلل السياسي الاستراتيجي " على قناة فضائية ليسأل عن الآليات والأساليب التي استخدمها الجيش العراقي في عملية تحرير محافظة صلاح الدين العراقية فيقول:
" إن المحورين الجنوبي والشمالي اللذين استخدمها الجيش العراقي كانا يفتقدان إلى قوة نارية كثيفة والى قوات اقتحامية خاصة مما تسبب في تأخير عملية التحرير وتأجيلها بسبب كثافة حقول الألغام والمفخخات "!؟
جواب اقل ما يقال عنه من العراقيين الذين يعرفون جيدا إن القوات التي تقوم بعملية الهجوم على داعش في تكريت هي تشكيلات الحشد الشعبي ولا يوجد للقوات العراقية إلا حضور نسبي أو رمزي، ثم إن إيقاف الهجوم كما أعلنت مصادر الحشد الشعبي هي إعطاء مهلة أو فرصة للأهالي المدنيين للانسحاب من مناطق التماس!
أردت بطرح هاذين النموذجين والذي من المفترض أن يكونا محللين وخبيرين عسكريين وسياسيين، وقد تحولا الى ظاهرة مملة تكاد تكون يومية على شاشات التلفزة، في اداء تهريجي لممثلين بمستوى كومبارس يحتلون أمكنة بعضهم، وكيف يفقدون طريقهم ومصداقيتهم بخلطهم للأوراق تحت تسميات وتوصيفات هي ابعد ما تكون عن حقيقة اختصاصاتهم، وهذا ينطبق بشكل كبير على كثير من المواقع التي تحتل من أناس غير مناسبين بما يتناقض مع مقولة الإنسان المناسب في المكان المناسب، الذي نفتقده في معظم مفاصل مؤسساتنا التي تنخر فيها فايروسات الفساد والإفساد، والتي تسببت في أن نكون من افشل دول العالم وأكثرها تخلفا قياسا مع ما تمتلكه من إمكانيات وثروات هائلة.
وبنفس حجم مهزلة النموذجين أعلاه تقترف وسائل الإعلام التي تظهرهما ليل نهار، جريمة تسطيح الرأي العام وتشويه الحقائق وتسطيح وعي وتفكير العامة من الأهالي بما يجعلهم دوما ضمن نظام القطيع المتلقي الذي ما يزال يعتبر شاشة التلفزيون والتوصيفات الممنوحة لهؤلاء الأشخاص وتصريحاتهم في مركز الثقة والحقيقة التي لا تناقش، اضافة الى انها تساهم في شرعنة وقبول اناس فقدوا مصداقيتهم الاخلاقية حينما تخلوا عن شرف مهنتهم وقسمهم بالاخلاص أيام كانوا في موقع المسؤولية!؟
مقالات اخرى للكاتب