وقع زلزال في منطقة بلوشتان جنوب شرق ايران القريبة من الحدود مع دولة باكستان في يوم الثلاثاء المصادف 16 نيسان 2013 في تمام الساعة 10:44 بتوفيت كرينيج بقوة 7,8 درجة على مقياس ريختر وعلى عمق حوالي 15,2 كيلومتر والتي ادت الى مقتل حوالي 78 شخصا واصابة أكثر 850 جريحأ نتيجة تهديم البيوت الطينية في القرى التي تأثرت بالزلزال .وصلت تأثير هذا الزلزال الى باكسان والهند وافغانستان والى دول منطقة الخليج التي تبعد عن مركز الزلزال بحوالي 1260 كيلومتر ورافقتها خلال ثلاثة ايام حوالي 80 من الزلازل الارتدادية بقرة حوالي 5 درجات على مقياس ريختر .
يعتبر هذا الزلزال هو الزلزال القوى هوالثاني بعد الزلزال التي ضربت مدينة ( بام) جنوب ايران في كانون الاول من عام 2003 والتي ادت الى مقتل حوالي 31 الف شخص، مما يشير الى الموقع الجيولوجي النشيط من الناحية التكتونية والتي تؤدي بدورها الى تكرار تعرضها للزلازل بين فترة واخرى .
مفاعل بوشهر النووي الايراني:
ازداد ت قلق الجهات المعنية في ايران والدول المجاورة لها والعالم من مخاطر وتداعيات تاثير هذا الزلزال القوي على مفاعل بوشهر التي تقع على بعد حوالي170 كيلومتر من مركز الزلزال(على الصحة البيئية من التلوث الاشعاعي المحتمل وقوعه اذا ضربتها زلازل عنيفة).
الجدير بالذكر تزيد الخسائر البشرية والمادية بسبب قلة الوعي بالمخاطر الزلزالية، وضعف المباني بسبب عدم وجود كودات زلزالية خاصة بتصميم وتنفيذ المباني ، بالاضافة الى الكثافة السكانية كما هو الحال في ايران وغيرها من الدول النامية.
اسباب تعرض ايران للزلازل
يتعرض ايران والمناطق المحيطة بها الى نشاط زلزالي نتيجة تاثرها بحركة الصفيحة الهندية والصفيحة الاورو آسيوية التي تتصادم مع بعضهما من جهة وتحرك الصفيحة العربية نحو الشرق والشمال الشرقي تحت الصفيحة الايرانية مؤدية الى مزيد من الضغط على سلاسل جبال زاكروس ، ولا سيما على امتداد الفالق العميق المعروف بفالق - او صدع عمان - زاكروس التي تقع القشرة الارضية والجزء الاعلى من طبقة المانتال الواقعة تحت القشرة الارضية ، اضافة الى وجود شبكة من الفوالق التحت السطحية العميقة والنشطة تكتونيآ - زلزاليآ مما سيزيد من احتمال وتكرار الزلازل بين فترة واخرى على امتداد الخط الناري - الزلزالي التي تمتد على امتداد أحزمة السلاسل الجبلية ما بين سلاسل جبال الهمالايا - الالبي في اوربا.حيث تقع هذه المنطقة ضمن حدود الحزام الزلزالي المعروف بحزام( البحر الابيض المتوسط وجبال الالب والهمالايا ، ويضم هذا الحزام الزلزالي عددآ من النطاقات الزلزالية الواسعة والمتوازية لأمتداد جبال الألب والهمالايا وسلاسل جبال زاكروس وطوروس والبرز والقفقاز وغيرها. يحظي هذا الحزام بنحو 15% من مجموع الزلازل التي ينتاب الارض سنويآ.
تنحصر المخاطر الزلزالية بشكل عام في ستة انواع وهي( اهتزاز سطح الارض، خسف او رفع مناطق من سطح الارض، تشقق سطح الارض، الانهيارات الارضية ، الطوفانات البحرية الزلزالية- موجات السونامي، والحرائق). تتوقف قوة الزلازل بشكل عام على الطاقة الذبذبية المنطلقة من بؤرة الزلزال، وخواص الصخور التي تمر فيها الموجات الزلزالية،ونوع التراكيب الجيولوجية وعمق بؤرة الزلزال وتضاريس سطح الارض . كما تتوقف المساحة التي تتعرض للدمار بفعل الهزات الارضية على أتجاه سريات تمزق الصخور على الصدوع كما هو الحال للفوالق التي تفصل الصفائح التكتونية في حوض الخليج والدول المحيطة بها.
تحذير وكالة الجيولوجيا الامركية:
ازداد قلق سكان سكان دول حوض الخليج العربي بعد ان نشرت وكالة الجيولوجيا الامريكية في 18 نيسان تحذيرآ من احتمال تعرض المنطقة الى زلزال مدمر آخر بقوة( 9- 10 )درجة على مقياس ريختر بسبب حركة صفيحة عميقة على عمق 20 كم من جنوب ايران بنحو الغرب باتجاه دول الخليج وحركة صفيحة اخرى من الشرق التي سيزيد الضغط على باكستان والهند مؤدية الى احتمال تدمير البنية التحتية في دول منطقة حوض الخليج دون الاشارة الى المؤشرات العلمية في تخمين التنبؤء بأحتمال حدوث زالزال او تكرار حدوثها كما هو الحال في ايران.
تشير خبراء الزلازل بان الهزات الارضية هي ظاهرة طبيعية جيولوجية تحكمها اسس وقواعد معينة مرتبطة بالعمليات الجيولوجية التي تحدث في جوف الارض، وعليه فانه يمكن التعرف مكان وشدة الهزات الارضية المتوقع حدوثها في منطقة ما على سطح الارض من خلال دراسة التاريخ الزلزالي للمنطقة وجيولوجيتها ،ومنها ايران والدول المحيطة بها التي تقع ضمن وعلى امتداد حزام الزلزالي للبحر الابيض المتوسط وجبال الالب والهمالايا .
أن التنبؤء بوقوع الزلازل فيها وفي غيرها من الاحزمة الزلزالية اعتمدت لحد الان على تصدع الطبقات الصخرية للقشرة الارضية وتحركها مع توضيح المؤشرات مثل ( توليد وانطلاق غاز الرادون ، التغيرات الفيزيائية للصخور، التغير في المجال المغناطيس للأرض ، التغيير في مستوى سطح الماء الجوفي) مع متابعة السلوك الغير العادي لبعض الحيوانات ب مثل(الكلاب ، الديك، الارنب ، الثعابين ، المواشي والطيور وغيرها) حيث ان بعض حواسها تحس بالتغيرات في صخور القشرة الارضية قبل وقوع الزلازل ويعقبه وقوع هزات ارضية مما يوحي بامكانية التنبؤء بالزلازل ، اضافة الى متابعة ومراقبة تاثير النشاط البشري واستغلال الثروات الطبيعة بشكل مفرط( استخراج النفط والغاز والمياه الجوفية) التي تؤدي الى اختلال التوازن الطبيعي لتلك المنطقة مما ستؤدي الى زيادة النشاط الزلزالي ( كمآ ونوعآ).
الضروري الاهتمام بالعلوم الدينية في مجال دراسة والحماية من الكوارث ، حيث توجد حوالي 460 آية في القران الكريم التي تذكر الكرة الارضية ،وان أكثر من 110 آيات لها مدلول جيولوجي والبعض منها تشيرالى الزلازل والبراكين .
لاحظ علماء الزلازل انه قبيل وقوع الزلازل تحدث بعض التغيرات والتشوهات في صخور سطح الارض ( ربما تنثني او تميل الصخور) مما يساعد على تحديد لحظات وصول تلك التشوهات الى القيمة الحرجة التي تنذر بوقوع الهزات الارضية وتعكس وتسجل تلك المؤشرات من خلال رصد شبكات الرصد الزلزالي لها.
وعلى ضوء هذه المعطيات والمؤشرات اعلاه ،أن تقرير وكالة الجيولوجيا الامريكية توحي بامكانية التنبؤء بحدوث زلزال آخر مدمر في حوض دول الخليح في 25 – 30 نيسان بعد زلزال ايران في 16 نيسان 2013 تفتقر الى الادلة العلمية في مجال التنبؤء بحدوث الزلازل ( او عدم نشر الادلة ) ،مما يصعب الاعتماد عليها بالرغم من تداعياتها النفسية والاجتماعية والاقتصادية على حكومات وشعوب منطقة حوض الخليج.
ومن هذا المنطلق تتطلب على الجهات المعنية الاهتمام الجدي بالموضوع والتعامل بدقة مستفيدة من التاريخ الزلزالي للمنطقة ومن الخبرة العالمية في مجال التنبؤء بحدوث او تكرار الزلازل لهو خير وسيلة للحماية من الكوارث الطبيعية ومنها الزلزالية.
الدكتور بيوار خنسي - باحث جيولوجي في كردستان العراق
مقالات اخرى للكاتب