لقد ضحى الشعب العراقي بالاف الشهداء على مدى السنوات العحاف التي تلت الاحتلال الامريكي و لعبة مايسمى الديمقراطية والانتخابات التي شارك فيها مرتين متوهما بأنها الطريق الذي يقوده للخلاص من المساوئ والمفاسد التي اصابت حياته نتيجة لما افرزته (الاحتلال ) والانتخابات التي جرت العام والتي اوصلت حكومات اقل مايقال عنها بانها حكومات محاصصة طائفية وعرقية، تحولت من خلالها الوزارات العراقية الى اقطاعيات ومحميات تابعة لهذه الطائفة او تلك، لهذا العرق او ذاك وانشغل الحكام الجدد المدعومين امريكيا وايرانيا في النهب والسلب وانتهاك اعراض الناس وبناء الامبراطوريات المالية في خارج الوطن على حساب الشعب الكادح، الذي تحولت تطلعاته ببناء دولة على غرار الدول النفطية المجاورة (استنادا للدعاية الهوليودية قبل الاحتلال) الى الحصول على شيء اسمه التيار الكهربائي والغاز والنفط الابيض والبنزين وربما النفط الاسود في دولة نفطية تحتكم على اعلى احتياطي نفطي في العالم.
سخرت (الدولة ) امكانياتها التي تعتمد الانتاج النفطي والذي ارتفع سعره الى مايمنحها امكانية كبيرة في بناء الوطن والانسان بناء عصريا يتناغم مع البناء الحاصل في الدول النفطية العربية المحيطة بالعراق لخدمة انصار الحكم واحزابهم المصطنعة وافساد الحياة النيابية التي بشروا الشعب فيها وذلك عبر شراء ضمائر البعض من النواب واستعمال الضغط والارهاب مع البعض الاخر لمنعهم من الاعتراض على المفاسد التي اقترفوا والتي ازكمت الانوف، وهذه الامكانيات منحتحم فرصة شراء الفضائيات والصحف وقتل ضمائر العاملين فيها حتى اصبحوا ادوات مسخرة للترويج للسلطة وكل على طريقته، فاي اعلان مدفوع الثمن يكلف السلط بناء دار سكنية لمواطن يسكن بيوت الصفيح في الاحياء العشوائية المنتشرة في المدن العراقية ومنها بغداد والتي اطلق عليها ابناء شعبنا اسماء كوميدية للسخرية من الحكام الجددد ومنها (حي الشيشان) و(حي التنك) و(حي الحواسم).
وهبت الحكومات المتعاقبة للموظفين من مؤيديها واعضاءها اضخم الرواتب، وحصرت موافقات الاستيراد والتصدير بفئة محدودة من المتحالفين معها من الذين اصبحوا يستأئرون وحدهم بمعظم ثروة البلاد، وفتح باب الرشوة (على الطريقة الاسلامية) واصبحت السرقة والخيانة لكبار الموظفين في الادارة والجيش الجديد (مسألة فيها وجهة نظر)بعيدة كل البعد عن المحاسبة، وعالجت الازمات التي يعانيها الشعب بالكذب والمغالطات والمماطلة وتحمل الشعب الكادح اكبر قسم من الضرائب وخاصة الضرائب الغير مباشرة التي تسببت في الغلاء الفاحش في اسعار المواد الغذائية والضرورية للحياة بعد ان شحت وزارة التجارة في توزيع الحصة التموينية واختصرتها بمادة او اثنين، (كلنا يعرف فضيحة الحكويين المرتشين)، ويتذكر بعضا ماحدث بالبلاد عندما اراد المرحوم عبد الكريم قاسم زيادة اسعار البانزين، ازادت اسعار النفط ومشتقاته ورفع الدعم عن الحاجات الضرورية للشعب وتبخرت الحصة التموينية واستدان العراق من صندوق النقد الدولي البعض من المبالغ التي لاقيمة لها فهي لايساوي سعر البيوت التي اشترها العملاء في لندن، والهدف من وراء هذا الاقتراض هو ربط العراق بسياسة البنك التي تستعبد الدول وتنتهك السيادة الوطنية.
لقد سد الطريق في وجه اي امل للخروج من دائرة هذا الحكم الفاسد وفي امكان تبديله او اصلاحه، وذلك بهيمنة فرد على السلطات جميعا وتعطيل الدستور الذي كتبه نوح الصهيوني وبريمر، تلك المفاسد التي حاول الشعب الثورة عليها بطريقة سلمية من خلال ذهابة الى الانتخابات على امل الحصول علي بصيص من الامل في التغير، لكن الحكومة تجاهلت كل شيء وعمدت الى خلق ازمة انتخابية دامت ثمانية شهور الهدف منها تخدير الشعب والهائه عن مطالبه الاساسية، ثم جاء الحل ممسوخا كاذبا بتأليف الوزارة على الاسلوب القديم اي اسلوب المحاصصة الطائفية، فلم يخرج العراق من الماضي الفاسد اومن دائرة المخطط الامريكي الايراني الصهيوني.
ان اي حكومة تريد ان تحترم نفسها وتكسب ثقة الشعب وتنجو من نقمته لابد لها من ان تخلص البلاد من المفاسد التي جاء بها الاحتلال وعملائه ومن ثم التأسيس لحكم دستوري شعبي قائم على اساس انتخابات حرة ونزيهة، والشعب العراقي قد مل الوعود والكلام الفارغ ولايكفيه ان تتوفر النية الطيبة عند رجال الحكومة اي حكومة حتى وان كانت الانتخابات حرة ونزيهة، بل لابد من تطهير الجهاز الحكومي من العناصر المفسدة والتي كانت من عوامل الافساد والتدهور، وضمان الحريات العامة بعيد عن السجون السرية والاعتقالات العشوائية، وفي المقدمة حرية الصحافة، وان لاتتعهد الحكومة الا بالامور التي تستطيع تنفيذها فعلا.
ان الحكومة التي يحلم بها ابناء العراق هي التي ستحاكم المسؤولين عن اراقة الدم العراقي بعد الاحتلال من اي حزب او طائفة او عرق كانوا، معاقبتهم العقاب الذي يستحقه خونة الشعب والمتامرين على مصالحه، والتعويض على الشهداء والجرحى والمصابين، لان الذين دفعوا ثمن تحرير العراق بدمائهم ومازالوا يلاقون منذ اعوام القتل والتشريد والاعتقال.
مقالات اخرى للكاتب