وهكذا أقدمت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على توجيه الضربة القاضية لكل التكهنات والشائعات والتسريبات حول نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة وأعلنت عن النتائج الرسمية والنهائية.
وما يهمني كمواطن إيزيدي هو إن "جماعتنا" حصلوا على مقعدين فقط، بينما كانت حصتنا 7 مقاعد في البرلمان الذي أوشك على أن يودعنا غير مأسوف عليه لأنه "خربط" أمورنا المادية ولأنه لم يقرّ الموازنة المالية العامة، بينما أعضاء البرلمان الموقرون والمبجلون لن يشعروا بتداعيات ذلك حتى لو لم يتم إقرار موازنة عام 2050 فالجيب مليان والأرصدة في البنوك تضحك علينا وعلى فواتير دائنينا!!
إيزيدياً وحسابياً.. خسرنا 5 مقاعد برلمانية.. لكن ليس علينا أن ننظر دائما للنصف الفارغ من السطل، بل للنصف المليان، رغم إن النصف الفارغ مؤلم وموجع جدا.
الجانب الايجابي في الخسارة الإيزيدية البرلمانية يتمثل في العقلية الانتخابية لدى الناخب الإيزيدي، الذي لم ينصاع للنداءات الطائفية والدينية والتخندق خلف متاريس عشائرية ومذهبية قبل أن تكون دينية.
أكاد اجزم إن الناخب الإيزيدي قدّم درسا بليغا للناخبين العراقيين عموما، من خلال التصويت لمرشحين من الإخوة من الكورد المسلمين ومنحهم ثقته قبل أن يمنحهم صوته، وهذا ما حصل في سنجار معقل الإيزيدية التي فاز بها مرشحون من قائمة التحالف الكوردستاني من الكورد المسلمين بشكل لافت، رغم إن القاعدة الجماهيرية والانتخابية يشكل الإيزيديون عمودها الفقري.
انه درس مجاني لكل العراقيين، بل هو درس رائع ينادي الجميع لانتخاب واختيار الأكفأ والأحسن والأجدر وبعيدا عن الميول الطائفية..
الإيزيديون حطموا عذرية خنادق التمترس الطائفي واختاروا مرشحين مسلمين و فضلوهم عن أبناء جلدتهم، فمتى سيقوم الناخب الشيعي باختيار مرشح سني، ومتى سيختار التركماني مرشح مسيحي، وهل سنرى بأعيننا تصويت ناخب سني لمرشح إيزيدي، وكل هذا عملا بمبدأ الكفاءة؟
ليس على الإيزيديين ان يحزنوا لخسارتهم، فاصواتهم التي رفعت مرشحين مسلمين من سنجار للبرلمان هي صرخة حقيقية بوجه الطائفية، وهي رسالة للعراق باجمعه وبضمنه اقليم كوردستان، والرسالة تقول: انتخبوا المرشح/ة المناسب/ة للزمان المناسب كي نرمي جزء من امراضنا خلفنا ونلتفت لبناء الانسان والوطن.
الخسارة الايزيدية هي ربح كبير في المفاهيم الديمقراطية وفي دروس المفاضلة الدينية والمذهبية، بل انها درس مجاني على العراقيين ان يستوعبوه كي يدركوا ابرز مكامن عللهم واوجاعهم المزمنة.
مقالات اخرى للكاتب