لسنا مع جهة ما أو ضد اخرى .. غير ان الكتابة بحس الانتماء غالبا ما تكون متهمة بالميل ليس لحقيقة بارزة وانما لطعن الحقيقة ذاتها .. ولعل في فرضية الصمت وسيلة انتكاس ظاهرة تقود نحو الندم والعض على الاصابع .. بالامس انتهت عملية انتخابات مجالس المحافظات وقد اظهرت من النتائج ما يدل على تغيير واضح في رؤية الجماهير رغم تدني نسبة الحضور ، وهو الامر الذي حمس الشارع العراقي للتفاؤل بمستقبل ما يسمى بالديمقراطية في العراق .. وكانت ذي قار محافظة تنتظر على احر من الجمر يوم الاقتراع كي تغيّر ما نالها من الحيف والتهميش ونقص من الخدمات والاعمار .. وقد لاحظ المراقبون ان عملية الاقتراع في المحافظة رسمت خريطة جديدة بتغيير ( 25 ) عضوا سابقا من المجلس وان كان الفائزون ليسوا بمستوى الطموح .. غير ان التغيير بفعل الاصابع البنفسجية يعد انجازا جماهيرا وربما هو ما يطمح اليه ابناء المحافظة .. وتجلت صورة مرسومة لمعالم المجلس الجديد ... وبانت هيئة التشكيلة التنفيذية لقيادة المحافظة .. هكذا رسمها الجمهور في المحافظة من غير مفاوضات ولا مزايدات .. رغم عدم مصادقة المفوضية المستقلة على اسماء الفائزين .. لكن المراقبين لايجيدون الانتظار .. فحددوا تضاريس البنية القادمة لتشكيل المحافظة .. وراح بعضهم ( المراقبون ) يحذف اسما لعدم كفائته ويضيف اخر لتجربته .. وهذا يصلح محافظا .. وذاك رئيسا للمجلس .. وهذا نائبا والاخر معاونا .. لكن المخاضات العسيرة في المحافظات المجاورة شقت في النفوس نهرا جامدا من اليأس واربكت كل التحليلات .. الجميع كان يصلي ويدعو ان لا تكون ولادة مجلس ذي قار بتلك الكيفية الخطيرة .. وليت الدعاء مستجاب .. فحصل ما حصل !! وهناك عدة ملاحظات: الملاحظة الاولى : فالمحافظ الجديد اسم لم يدخل الساحة السياسية لا من قريب ولا من بعيد ولا يحمل هوية سوى انه ابن الشيخ الناصري ..ورغم ان عائلة الشيخ الناصري لا غبار عليها من حيث التدين والاخلاق غير ان يكرم ابناء هذه العائلة على حساب مصلحة مليوني انسان فهو امر خطير للغاية .. ثم ان العائلة التي تدعي التدين والسمو عن مزايدات السياسة كيف لها ان ترضى بفرض ابنها بطريقة تشبه مزايدات باعة الخضر .. رغم علمها تماما بان الامر خارج عن اطار الدين والتقوى والورع والزهد .. ولو فرضنا جدلا ان السيد يحيى الناصري نصب محافظا بأسلوب حضاري وديمقراطي .. الا يحق لنا ان نتساءل عن انجازات هذه العائلة في المحافظة ؟؟ فالسيد ابو زهراء الناصري عضوا في مجلس النواب منذ اربع سنين .. ولم نسمع له صوتا ولا رأيا في المجلس المذكور .. حتى ان اغلب ابناء المحافظة لا يعرفونه اصلا لانه لم يتفضل يوما بزيارة مدينة من مدن المحافظة او ناحية او قضاء ولم يذكر له الاعلام موقفا يدل على قربه من الجماهير على الاقل .. فكيف لنا ان نثق باخيه يحيى ..؟؟؟ اما عن نوابه في المحافظة : فالاول رغم تجربته السابقة بذات المنصب فان الثقة به من قبل الجماهير لم تكن بذلك المستوى المعهود نظرا لان كتلته بل وقائد كتلته نزع عنه الثقة ليكون محميا من المركز .. فكيف اذا لرجل فقد قاعدته الجماهيرية ويعيش تحت (الحماية ) المركزة من العمل بشكل يتناسب وطموح المحافظة ؟؟ اما النائب الثاني : والكل يدرك انه رجل اعمال وصاحب شراكات مالية مع عدد من المسؤولين ، ويشك ابناء المحافظة بمقدرته على عدم الانحياز لاعماله وشركاته وامواله ، فضلا عن شكهم اصلا بفوزه في الانتخابات . والملاحظة الثانية : في تشكيلة المجلس كلنا نعلم انه ينقسم الى تيارين ائتلاف ابناء ذي قار برئاسة دولة القانون ، وائتلاف ذي قار الموحد برئاسة المجلس الاعلى .. يضم الاول ثمانية عشر عضوا بعد انضمام ثلاثة من التيار الثاني .. وبما ان السيد حسن لعيوس تقلد منصبا تنفيذيا فهذا يعني صعود عضو من الاحتياط من التيار الصدري مما سيجعل العدد يقل الى سبعة عشر .. ولعل عضوين اخرين او ثلاثة من نفس الائتلاف ما لم يتم ارضائهما ربما يهيئون انفسهم للوقوف كمعارضين لقرارات المجلس وبالتالي رحجان كفة الائتلاف الثاني بقيادة المجلس الاعلى .. وهو الامر الذي يجعل جميع قرارات المجلس صعبة الولادة .. وربما يؤدي ذلك الى تعطليل عمله تماما وسط هذا العدد الهائل من المعارضة .. والامر سيظهر جليا باعداد النظام الداخلي وتوزيع اللجان .. اما الملاحظة الثالثة : وهي نتيجة للملاحظتين اعلاه ، تتركز في ان ارادة المركز في بغداد التي لعبت دورا فاعلا في رسم هذه الخريطة وبذلت كل جهدها من اجل الوصول الى هذا التشكيل الهزيل لقادة المحافظة ، وهي رغبتها المطلقة حتما من اجل ان تكون جميع القرارات بيدها لا بيد ابناء المحافظة .. حيث لا مجلس قوي يتخذ قراراته بالاجماع فيفوت الفرصة على تدخلات المركز التي يشهد الجميع انها لا تصب في مصلحة المحافظة ، ولا محافظ جاء برغبة الجماهير وعند ذلك فانه يتحدث باسم الجماهير فيكون قويا وقادرا رد التدخلات وايقافها . الحلول : بما ان عملية توزيع المناصب تمت بطريقة المزايدة العلنية والبيع والشراء ، وبعد ان فات الاوان في اعادة الامور الى نصابها ، لابد من العمل على اهون الاضرار في جذب الاطراف المناوئة عن طريق منحها مالم يتم منحه .. او اعطائها ( حثالة الغنيمة ) على الاقل ، واجتذاب رضاها لتكون عونا في المجلس لا عدوا .. كما ان تسمية اعضاء مقترحين من الائتلاف الاخر لمتابعة اعمال المحافظة بصفة مراقبين لهم الحق في اعداد التقارير وعرضها على المجلس ليتم التصويت على فعلها من عدمه ، وهو امر يجعل الطرف المناوئ شريك في الاداء ، فضلا عن احساس الطرف المنفذ بان هناك مراقب يتابع تنفيذ اعماله .. بخلاف ذلك .. فان المحافظة ستكون قادمة على اربع سنين عجاف ، خالية من الاعمار والبناء وتوفير الخدمات الذي ينشده ابنائها ..
مقالات اخرى للكاتب