لم يعد خافيا حقيقة المنبع الواحد منطلقات وفكرا وأهدافا لدواعش سوريا والعراق وولادتها – القاعدية – الأصلية لاتنفي انبعاثها المتجدد في مطابخ المخابرات ( السورية – الإيرانية – المالكية ) كما تدل المتابعة الدقيقة لتلك الصيرورة والتوثيق من جانب قوى الثورة والجيش الحر في مناطق تواجدها والذي تقاطع مع معلومات الأطراف الدولية المعنية بالملف السوري ومنذ أكثر من عام اقترن موقف – داعش – السياسي المتواطىء مع النظام بالممارسة العملية على الأرض في مواجهاتها الدامية والاجرامية مع قوى الثورة وفي المناطق المحررة كأحد أدوات الردة وفصيل من شبيحة الأسد .
ولم تكد تصل طلائع قطعان مجرمي – داعش – الى مدينة الموصل حتى كان – المجلس الوطني السوري – المحتل من الاخوان المسلمين والمعبر عن تحالف اسلاموي – قوموي ثاني طرف بعد – عزت الدوري – القيادي البعثي الصدامي المطلوب للعدالة بتهم جرائم الإبادة العنصرية والاستبداد والفساد يرحب بغزوة داعش الى الموصل ويعتبر سياسته الأصولية ومواقفه العنصرية ومعاداته للديانات والمذاهب والأقوام والتعامل معها بحد السيف ثورة من أجل الحرية .
صحيح أن حكومة المالكي تمارس الطائفية والتفرقة بين الأطياف العراقية وتلحق الظلم بغير طائفته وتمارس الاستبداد والدكتاتورية ورئيسها غير مقبول من غالبية الكيانات السياسية وحليف لطاغية دمشق ولكن كيف لجماعة تحسب نفسها زورا على الثورة السورية الوطنية الديموقراطية مثل ( المجلس الوطني ) تحسب الإرهاب ثورة وقوى الظلامية ثوارا وداعش بديلا وكأنها بذلك تؤيد القاعدة وتتعاون مع جماعات الإسلام السياسي الإرهابية في بلادنا ( وماأكثرها ) وتستدعيها لتكون بديلا لنظام الأسد .
الوطنييون السورييون بمختلف مكوناتهم وأطيافهم وكل ثوار سوريا يستهجنون موقف مجلس الاخوان الذي خرج على الثورة ومنها منذ أمد بعيد واذا كان المجتمع السوري المتعدد الأقوام والديانات والمذاهب كان يتوجس من دور الاخوان وحلفائهم منذ البداية وكان ومازال يبحث عن طمأنة كل المكونات من جانب القائمين على الثورة فانه اليوم بات أكثر توجسا وأقل اطمئنانا من حقيقة النيات المبيتة لجماعات من – المعارضات – وبالأخص التحالف الاخواني القوموي .
كرد سوريا يتوجسون الشر من النظام المستبد أولا ومن أتباعه الموالين له من الجماعات المسلحة القريبة والبعيدة فتنظيم داعش وكما ثبت للجميع ماهو الا أداة دموية يستخدمها النظام لقمع الثوار وكل من يقف مع الثورة من العرب والكرد وغيرهم وقد اتفق المحور الثلاثي ( دمشق – طهران – بغداد المالكي ) على استحضار أعضاء هذا التنظيم وإخراج قسم منهم من سجونها للقيام بمهمة الثورة المضادة أما غزوة داعش الأخيرة فكانت مخطط لها من ( المحور الثلاثي ) التوجه نحو كردستان العراق والسيطرة على شريط الحدود الموصل – ربيعة – زاخو لاستكمال حصار الإقليم والاجهاز على تجربته الديموقراطية الفدرالية الواعدة أو اجبار قيادته للتخلي عن مواقفها الوطنية السليمة تجاه القضايا المختلفة وبالأخص الملف السوري عموما والقضية الكردية السورية على وجه الخصوص ولكن يقظة قيادة الإقليم واطلاعها المسبق على خفايا المخطط جعلتها ان تتدارك الأمر وتعزز الجبهة الداخلية وتطبق النفير حول حدود الإقليم وخاصة على مشارف الموصل مما دفع المعتدين الى تغيير السيناريو والتوجه نحو بغداد بدلا من أربيل .
تنظيم داعش يتحرك داخل سوريا وفق بنود الاتفاق مع النظام وكما تعلمون هناك جماعات مسلحة أخرى موالية للنظام في المنطقة الكردية ( جماعات ب ك ك وجماعة الفارس وميليشيات الشبيحة ) وجرى تقسيم للنفوذ والتواجد لكل الجماعات المسلحة الموالية التي آلت على نفسها مواجهة قوى الثورة وخاصة الجيش الحر وكل من يتعاطف معها لذلك لاأعتقد بوجود ضرورة وحاجة للنظام لدفع داعش في هذه اللحظة نحو المناطق الكردية السورية .
موقف قوى الثورة السورية وخاصة تشكيلات الجيش الحر واضح من داعش وأخواتها وهناك معارك جارية الآن في بعض المناطق بين الطرفين أما – المعارضة الاخوانية القوموية فتعتبر أن هناك انتفاضة ثورية بالموصل ؟! ومازالت تحيي ذكرى اعدام الدكتاتور صدام حسين وتقيم العزاء وفاء لجرائمه ضد الإنسانية واستخدام السلاح الكيمياوي ضد الكرد ومقابره الجماعية الحاوية على بقايا هياكل معارضيه من بنات وأبناء الشعب العراقي وماقيمة مواقفها خاصة وانها ليست شرعية وغير مخولة من قوى الثورة .
المنطقة وعلى ضوء أحداثها تتجه نحو مزيد من الانقسامات والمواجهات وصولا الى الحروب الأهلية وكلما تأخر أمد انتصار الثورة السورية كلما ازدادت مخاطر الردات ونزعة العودة الى مفاهيم القرون الوسطى ولاأعتقد أن داعش سيستمر طويلا انه عامل ارباك وتوتير الصراع الديني – المذهبي وليس مشروع حكم بعيد الأمد وسيزول بزوال الاستبداد الأسدي .
مقالات اخرى للكاتب