كان شتاء عام 1987 ساخناً للغاية، رغم تساقط الثلوج بكثافة. وكنا قد خرجنا للتو من معركة كانون الاول في ذلك الشتاء التي استغرقت 11 يوما. إذ تمكن الجيش والجحوش من احتلال مقراتنا في سفح كارة في مراني وسيده را لفترة بسيطة قبل أن ينسحبوا منها.. كما سيطروا على موقع استراتيجي في المنطقة هو )قلعة كانيكا)موقع هذه القلعة يشرف على حوض كبيبر يمتد بين اتروش والقرى المحيطة من الغرب والشرق، مما أفقدنا الكثير من حرية الحركة وأعطى الجحوش الذين تمركزوا هناك بعد انسحاب الجيش إمكانية مراقبة قرى عديدة مثل بيباد وكهرفا وكاني مازي وكه فه ركي (كفركي) ،ومن الجنوب الشرقي هناك شيلي وشكيران. إضافة الى القرى في بروش، نسرا وره بد كي وكانيكا وملبركي. لذلك ألغينا طريقنا القديم الواصل إلى سهل الموصل عبر قلعة كانيكا واستبدلناه بآخر أكثر وعورة. كان علينا تسلق جبل قرية كفركي. كنا مجموعة من ستة أنصار يقودها أبو أمل (كريم كطافة) كانت المجموعة تضم على ما أذكر كريم وامين (غيب في الانفال لاحقا) واثنين آخرين لم أعد أذكرهم للأسف الشديد بعد هذه السنين الطويلة. مررنا عبر طريق قرية كفركي وكان هدفنا الوصول إلى سهل الموصل. حين اقترتبنا من القرية استغربنا تجمع كبير لرجال القرية على الطريق. وما أن اقتربنا منهم حتى صاح أحدهم (خودي هين فريكه ر بوما ئه فرو (أي أن الله أرسلكم لنا اليوم . أدركت المجموعة ان شيئاً ما قد حدث وهم بحاجة لنا. قال لي ابو أمل إطلب منهم أن يهدأوا ويشرحوا لنا ماذا حصل.. وقبل ان يشرحوا لنا سألنا احدهم كم صاروخ آربي جي لديكم؟ أجابه أبو أمل لدينا الكثير لايهمك.. بس اشرحوا لنا ما الذي جرى. في الحقيقة لم يكن مع المجموعة أكثر من صاروخين أحدهما للدروع والثاني للأفراد. شرح رجال القرية كيف حاولت مجموعة الجحوش الزيباريين الهجوم على سفح جبلنا نيتها دخول القرية فتصدى لهم البيشمركة العائدين لمنظمة كفركي التابعة لمحلية الشيخان للحزب الديمقراطي الكوردستاني، التي يقودها أمين كفركي - - وقد نَفِذَ عتادهم وهم محاصرون الآن. وأنتم وصلتم في الوقت المناسب. على الفور قرر أبو أمل التوجه إلى المجموعة المحاصرة لفك الحصار عنها. تسلقنا سفح الجبل الذي حوصر فيه البيشمركة وجعلناهم يروننا. بالطبع ارتفعت معنويات المحاصرين حين شاهدونا نتقدم باتجاههم. كان قاذف الاربي جي بحوزة النصير كريم ومن لايعرف كريم لايعرف معنى (اشكد بارد انت) هذا النصير لا يعكر هدوءه أي شيء. والآن على كريم أن يحسم الموقف. عدّل كريم القاذفة على كتفه وتهيأ لكنه لم يطلق.. بل سأل أبو أمل: زين أبو أمل وين أضرب الصاروخ.. على الربيئة لو على الجحوش مباشرة..؟ أجابه ابو امل: رفيق شوف أي هدف أسهل عليك.. في النهاية رح نضرب الاثنين.. فششش بم بم بم إنطلق صاروخ آربي جي النصير كريم من القاذف وكان لوحده كافيا ان يلحق الهزيمة بقوة الجحوش الزيبارية المهاجمة بدون صليات البنادق الخفيفة التي لحقته. تركوا على الفور مواقعهم فارين. وماهي الا دقائق حتى تعانق البيشمركة والانصار وعادوا الى القرية بسلام دون اي خسائر بشرية. في المساء استمعنا للراديو.. إلى محطة صوت شعب كوردستان- العراق القسم العربي فاتى صوت المذيع هادرا:
((أتروش)) شنت مجموعة من الجحوش الزيباريين هجوما على كفركي تصدى لها أبناء البارتي وحضرت في الوقت المناسب مجموعة من أبناء الشيوعي فشنت الهجوم المقابل فدُحر أعداء كوردستان وعادت كل القوة الى مواقعها بسلام. تحية لابناء البارتي تحية لابناء الشيوعي الابطال.
كانت من أسهل المعارك التي حسمها صاروخ آربي جي واحد.. لكن وقعها كان كبيراً على المنطقة.