الشيء المؤكد ان الكتل السياسية الكبيرة في مجلس النواب لن يكون بمقدورها تجاوز خلافاتها الحقيقية والوهمية حتى موعد التصويت على قانون الانتخابات بصيغته الجديدة وبالتالي فان موعدا أخر للتصويت سيكون العنوان الرئيس لختام الجلسة المقبلة وهذا التاجيل يعني ان فرص اقرار قانون الانتخابات بحلته الجديدة تبدوا شبه مستحيلة،وهذه الاستحالة ليست رجما بالغيب ولكن المقدمات الاولية لتوجهات الكتل اتجاه القانون الجديد ووجود فجوة كبيرة في النقاط الخلافية وعدم وجود تقارب لحلحلة هذه النقاط اضافة الى عدم وجود رغبة وجدية عند البعض يجعل الاستحالة امر اقرب الى الواقع منه الى الحل. وصعوبة الحل لا تكمن في النقاط الخلافية المعطلة لاقرار قانون الانتخابات فقط انما هناك اجندات تعمل على نفس الهدف وهو تاجيل الانتخابات الى اجل مسمى وقد يكون هذا التاجيل رغبة حقيقية لمعظم الكتل السياسية المشاركة في حكومة الشراكة الوطنية لانها بكل تاكيد سوف لن تحصل على الامتيازات والمواقع التي حصلت عليها حاليا ولهذا فان مسالة التاجيل امر مريح ومفيد الا لطرف واحد تضرر كثيرا من الانتخابات السابقة وهو اشد المتحمسين لاجراء الانتخابات في وقتها المحدد وهو المجلس الاعلى الاسلامي العراقي والذي تضرر باتجاهين الاول عندما ذهبت اصواته الى شركائه والضرر الاخر لم يسند اليه اي منصب تنفيذي. الامر الاخر الذي تدور حوله علة تاجيل الانتخابات ورغبة بعض القوائم وليس جميع الشركاء في الحكومة الحالية هو ان هذه الكتل شهدت تراجعا كبيرا في شعبيتها نتيجة سوء الاداء وغياب المهنية والتخطيط الاستراتيجي فاهدرت عشرات بل مئات المليارات من الدولارات دون ان يكون لهذه الاموال من اثر ايجابي على حياة المواطن المعيشية او حمايته من الارهاب والمفخخات والاسلحة الكاتمة والتهجير والاستهداف الطائفي بل ان هذه المليارات لم تتمكن ان تاتي ولو بشهر واحد بحصة غذائية كاملة للمواطن المتعب والمقتول ولهذا فان هذه الكتل متيقنة ان اجراء الانتخابات في وقتها المحدد هو انهيارها لديمومتها ومستقبلها السياسي الذي اشرته انتخابات مجالس المحافظات والتي هي بكل تاكيد مجسات حقيقية لواقع الحال السياسي للكتل المشاركة في الملحمة الانتخابية وهنا تتجدد المعادلة السابقة ونكون امام نفس العنوان وهو ان اكثر الكتل رغبة في اجراء الانتخابات بوقتها المحدد هو المجلس الاعلى الاسلامي العراقي لانه الطرف السياسي الاكثر صعودا في المرحلة الحالية . ان رغبات الخائفين من اجراء الانتخابات في موعدها المحدد لن يكون بمقدورها ان ترى النور في الاعم الاغلب لان هذه الرغبات ستكون اما تحديات شعبية ودينية وسياسية كبيرة وبالتالي فان احتمالية التوافق على القانون القديم هي العنوان الابرز للمرحلة المقبلة. ان اجراء الانتخابات في وقتها المحدد سواء من خلال القانون الجديد او الرجوع الى القانون القديم هو التحدي الاهم والنجاح الاكبر للعملية السياسية الديمقراطية لان اجراء الانتخابات يعني منح التفويض لممثلي الشعب للقيام بواجبهم اما تاجيل الانتخابات فيعني خلع هذا التفويض من الشعب والتمرد عليه.
مقالات اخرى للكاتب