ربما يصبح شعار الشعب للمرحلة القادمة: (أعيدوا لنا أموالنا المسروقة)، على اعتبار أن المليارات المسروقة أسهمت حتى الآن في حرمان ملايين الشباب من فرص التوظيف والعيش الكريم في ربوع العراق، وربما كان من شأنها في حال تمت إعادتها إلى جيب الشعب أن تحول دون هجرة الآلاف من أصحاب الكفاءات النادرة، فحجم المليارات المسروقة من رصيدنا المالي، قد تكون هي السد المنيع، الذي يقف في طريق التيارات التقشفية الجارفة، ثم إن أموال الشعب العراقي وكنوزه وثرواته، التي نهبها السراق والحرامية لابد أن تعود إليه، فالأموال الهائلة المهدورة على المشاريع الوهمية كان من شأنها الحؤول دون هجرة الأفواج البشرية الهاربة من جحيم الذين يفكرون الآن بالإجهاز على ما تبقى من ثروة الشعب.
لقد استفقنا منذ يومين على قرارات الأحكام الغيابية الصادرة ضد حرامي بغداد وشلته، والتي شملت أيضاً وزير الكهرباء الأسبق وجماعته، ووزير الدفاع الأسبق وعصابته، ووزير التجارة الأسبق وبطانته، ومن خلفهم شلة أخرى من رؤوس اللغف والخمط والاختلاس، فيهم النائب الأسبق، والوزير الأسبق، والسفير الأسبق، والمدير الأسبق، والمفتش الأسبق، والمستشار الأسبق، وكأن المسؤولين الحاليين ينتمون إلى أسراب الملائكة المحلقة في فضاءات العفة والنزاهة.
قرارات جاءت متأخرة جدا. تناولت الملفات القديمة من دون المساس بملفات السرّاق الذين يمارسون سرقاتهم الآن في عز النهار، فقد صدرت الأحكام غيابياً ضد كبار المختلسين الذين نهبوا أموالنا منذ أعوام وأعوام. والذين سبق للشعب العراقي أن طالب الحكومة بتجميد أموالهم واستردادها على الفور، لكن صيحاتهم ذهبت أدراج الرياح. وهنا لابد من التذكير بمواقف الكيانات السياسية، التي كانت تذود بالدفاع عنهم، وتهاجم المواطنين المطالبين بمحاكمتهم.
ليس فينا من يسامح هؤلاء النشالة والشلايتية، ولن تنطلي علينا مخططاتهم الخبيثة للإفلات من العقاب، ولن نقول لهم: عفا الله عما سلف. بل نقول لهم بصوت عال: أعيدوا لنا أموالنا المسروقة يا حرامية، فالأموال أموال الشعب، ويتعين أن تعود إلى الشعب. ولن تضيع بالتقادم مهما طال الزمن أو قصر، ولن تخمد براكين المطالبة بها مهما حاولتم الاختباء خلف انتماءاتكم المزدوجة، ولن تهنئوا بقرش واحد من أموالنا المنهوبة مهما برعتم في تمرير صفقات غسيل الأموال.
ختاما نقول: أعيدوا لنا أموالنا ثم أفعلوا ما يحلو لكم، نحن لم نقترف أي ذنب حتى نكون ضحية لقرارات التقنين والترشيد والتقشف ؟، ولم نجن شيئاً حتى ندفع فواتير الجرائم التي ارتكبتها شلة من المافيات المتنعمة الآن بأموالنا في ربوع أوربا ومنتجعات قبرص وجزر الكناري ؟، وهل في البلدان العربية دولة واحدة لجأت مثلما لجأتم لتقليل الرواتب وتخفيض النفقات بهذه الأساليب التعسفية المباغتة ؟، بل هل في البلدان العربية دولة واحدة تمتلك ما يمتلكه العراق من أموال وخيرات وكنوز وثروات ؟.
ربنا مسنا الضر وأنت أرحم الراحمين
مقالات اخرى للكاتب