بعض التقديرات تصل بعدد المتطرفين المسلمين إلى حوالي 200 مليون مسلم وهو ما يشكل نسبة 15 % من عدد مسلمي العالم ، وهو رقم هائل ويثير الذعر ، ويثير ذعرنا كمسلمين قبل غيرنا ، فهو رقم مبالغ فيه بشدة في ظل ما نعلمه نحن المسلمون في بلادنا وسط ملايين المسلمين البسطاء الطيبين . لكنهم يحيلوننا إلى خريطة الإرهاب العالمي لنجده إسلاميا خالصا يغطي العالم من أقصاه إلى أقصاه ، فمن القاهرة إلى الجزائر ، ومن نيويورك وواشنطن إلى موسكو ، ومن مدريد إلى الدار البيضاء ، ومن الرياض إلى صنعاء ، ومن دمشق إلى بغداد ، ومن إندونيسيا إلى الهند ، ومن كشمير إلى الشيشان ، ومن الفلبين إلى كابول ، ومن نيجيريا إلى بيشاور ، ومن إسلام آرباد إلى .. ، ..
ويرى كثير من الباحثين الغربيين أن كل مسلم هو إرهابي بالضرورة ، ليس لأن الإرهاب رد فعل على ضغوط محلية أو إقليمية أو دولية ، إنما بحسبان الإرهاب مكونا رئيسيا في بنية دين الإسلام بحسب ظرفه التاريخي ، وهي ليست فقط مجرد وجهة نظر غربية ، بل هي وجهة نظر إسلامية ، بل إن الإرهاب هو عقيدة إسلامية عند أهل الإرهاب الإسلامي دونها الكفر ، وهي ما يسمونة عقيدة "الولاء والبراء" ، وهو الأمر الذي يجب أن يشغلنا وأن نقف معه ، ليس بغرض الإثبات أو الإنكار ، أو الرد بالانتقاء من الآيات المكية لنرد بها على الآيات المدنية ، ؟! ولا بغرض تبييض وجه الإسلام ، وإنما بقراءة متأنية فاحصة تحاول الفهم ، وألا تكون مهمة هذه القراءة الرفض أو القبول ، أو اكتشاف الوجه السمح للإسلام مقابل ذلك الوجه العنيف للتغطية عليه ، لأننا لو أردنا قراءة صادقة حتى لو كانت صادمة فعلينا أن نقرأ النصوص وأحداث التاريخ الإسلامي المرتبطة بها قراءة محايدة نزيهة منصفة ، وأن نعترف بالحقائق عندما تكون حقا حقائق لنواجه المشاكل بحلول حقيقية لا بمساحيق تجميلية لا تحل شيئا قدر ما تزيد من تفاقم مشاكلنا ، في عالم اختلفت وجهته وتغيرت معالمه وانقلبت فيه موازين القوى عن عالم القرن العشرين المنتهي فقط من أربع سنوات ، فما بالنا بعالم انتهى وأصبح في ذمة التاريخ منذ أكثر من ألف عام إلى الوراء . ومن ثم علينا أن نعترف بالخطأ أينما وجدناه ، وأن نحاول له علاجا وإصلاحا بما يناسب عالم اليوم لا عالم الأمس البعيد ، بل والتخلي عن النصوص التي تجاوزها الزمن بعد أن لم تعد صالحة لغير زمانها .. إننا نحاول هنا العثور على مخرج من مأزق حالي سببته أحداث حدثت منذ أربعة عشر قرانا ، وساهمت في صنعه ظروف ليست ظروفنا الآن وزمن مضى ولن يعود ، ظروف تجادلت مع النص المقدس تأثيرا وتأثرا وأخذا وعطاء وردا . كما أسهم فيه بباع واسع وهائل المسلمون الأوائل من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين ، وهو الإسهام الأكبر والأعظم أثرا في تفكير المسلمين ومناهجهم في التفكير وفي السلوك حتى الآن . ويرفض المسلمون مناقشته أو إعادة قراءته باصرار على قدسية ذلك الزمن السالف كله نصوصا وشروحا وحديثا وبشرا واحداثا ، وهو الأمر الذي يجب أن نتطارح معا حوله ونتصارح لإصلاح الشأن ، خاصة أن الباحثين الغربيين بل وإدارات تلك الدول قد أصبحت تعلم عن الإسلام الكثير مما لا يمكن إخفاءه، كما يعرفون عن أساليبنا الهروبية والتجميلية الكثير أيضا ، لذلك لابد من التخلي عن الاصرار والعناد على طريقة "الذب عن الإسلام" والتي تؤدي إلى تقديس كل شيء إسلامي حتى لو لم يكن مقدسا أصيلا في قانون الإيمان الإسلامي ، وأن نتخلى عما اعتدناه من ميل عجيب لإعادة إخراج الإسلام مع كل متغير جديد لتقديم صورة الدين المثالي الأصح من بين كل الأديان بل وكل العلوم ، وأن تتوقف جماعات "الذب عن الإسلام" ، عن تخوين الباحثين الناقدين بحجة أن واجب كل مسلم هو الذب عن الإسلام والذود عنه ، وأن أحد أساليب مقاومة المؤامرة هو عدم كشف عوراته والتكتم على السلبيات ، وأن كشفها لبحثها هو لون من التحالف مع أعداء الأمة ويصب مباشرة في خانة الخيانة القومية والكفر الديني ، لأنه معونة للكافرين على المسلمين ، وهو ما قاله يوما الاستاذ فهمي هويدي المشهور بأنه مفكر إسلامي مستنير "عندما يكون الوطن جريحا والأمة مهزومة فإن تشتيت الجهد في الصراعات الداخلية الفكرية أو العرقية أو الطائفية لا يمكن أن يوصف إلا بأنه خيانة للأمة وجناية على الوطن والأمة – كتابه المفترون 115
مقالات اخرى للكاتب