من أدق وأفضل واقدم الكتب الاجنبية التي كتبت عن تاريخ العراق المعاصر وعن تأسيس ونشوء الدولة العراقية الحديثة وتقدمها حتى 1932 أي حتى دخول العراق عصبة الامم دولة مستقلة .
الكتاب باللغة الانكليزية ، وقد ترجمه الاستاذ جعفر خياط الى اللغة العربية سنة 1949 وبموافقة خاصة من المؤلف .والكتاب بالاصل اطروحة دكتوراه قدمها فيليب ويلارد آيرلاند وهو باحث اميركي الى جامعة لندن سنة 1937 ..عمل ايرلاند في الجامعة الاميركية في بيروت، وفي شعبة "افريقيا والشرق الاوسط " في وزارة الخارجية الاميركية فترة من الزمن وعمل كمشاور وسكرتير أول في السفارة الاميركية في القاهرة وهو بذلك كان من المطلعين على شؤون العراق .زار العراق وحظي بمساعدة من عدد كبير من المسؤولين العراقيين في مقدمتهم الملك غازي ملك العراق الاسبق 1933-1939 ومن المسؤولين الانكليز ومنهم بيرسي كوكس وفرانسيس همفريز .ومن العراقيين جعفر العسكري وناجي السويدي وعلي جودت الايوبي والدكتور فاضل الجمالي ورؤوف الجادرجي وحسن افنان وياسين الهاشمي ونوري السعيد ورستم حيدر وشريف عسيران كما رجع الى ماكتبه ارنولد ولسن والمس كيرترود لوثيان بل .وممن ساعده المؤرخ البريطاني الكبير ارنولد توينبي مدير المؤسسة الملكية للشؤون الدولية وهارولد لاسكي من اساتذة "مدرسة لندن للاقتصاد " وريجنالد كوبلاند استاذ التاريخ الاستعماري في جامعة اكسفورد .
الكتاب وثائقي ويتضح هذا من قائمة المصادر والمراجع والوثائق المنشورة وغير المنشورة التي إعتمدها عند اعداد الاطروحة ..وفي الكتاب فهارس وملاحق تسهل الحصول على المعلومة . من محتويات الكتاب :
بريطانيا العظمى تدخل الحرب في بلاد العرب التركية
نشوء المصالح البريطانية في الخليج العربي ووادي دجلة والفرات
غزو القسم الجنوبي من بلاد مابين النهرين
تأسيس الادارة البريطانية
السياسة البريطانية بعد احتلال بغداد 11 اذار 1917
تدشين الادارة في ولاية بغداد
سياسة الادارة الملكية (المدنية )
خطط للمستقبل
الاستفتاء العام 1918-1919
وعود –مقترحات دستورية –
نمو المعارضة العراقية
حكومة دستورية للعراق
القومية العربية في العراق قبل 1914
ثورة 1920
تأسيس الحكومة العربية في العراق
تنظيم الادارة في الحكومة المؤقتة
البحث عن ملك
تبوء فيصل
القانون الاساسي
المجلس التأسيسي
انتهاء الانتداب
معاهدة 1927
تقدم أم تقهقر :الملك –مجلس الوزراء-مجلس النواب- دوائر الدولة –المالية –العدلية –المعارف –الري والزراعة – ادارة الواردات.
وهكذا يسير الكتاب ليقف عند كل صغيرة وكبيرة من شؤون الدولة العراقية الحديثة واعتمادا على التقارير والمستندات والمحاضر والمذكرات والصحف والكتب وباللغتين العربية والانكليزية .
يقول الدكتور فيليب ويلارد آيرلند مؤلف الكتاب في الاسطر الخمسة الاخيرة من الكتاب قولا يحمل ألف مغزى ومغزى :"ان مستقبل العراق لايخلو من نواحٍ مظلمةٍ .. لكنه إذا كان في وسع حكام العهد الجديد (والكلام في 1936-1937 ) ان يُؤمنْ الاستقرار والانضباط الذي تدعو اليه الحاجة بشدة ،واذا كان رجال الدولة سيسيرونه ببعد نظر وجرأة واذا كان الشعب العراقي ، سيكرس نفسه للواجبات الملقاة أمامه بنفس النشاط الذي كان قد أبرزه عند حصوله على الاستقلال ، فإن مركز العراق بين الدول التقدمية سيكون مؤمنا في المستقبل " .
وللاسف أنا أقول فالامر - في السنوات التالية - لم يكن كما يجب أو كما تأمله الباحث ؛ فقد تعرض العراق لمشاكل داخلية وخارجية ، وخاض حروبا ، ودخل في متاهات الحصار ثم الغزو الاميركي في 9نيسان 2003 وحاله منذ سنة 2003 وحتى كتابة هذه السطور20-11- 2015 لايسر ؛ فقد تدهورت أوضاعه ، وُدمرت بناه التحتية ، وساد مفاصل الدولة الفساد واصبح بكل المقاييس دولة فاشلة مفككة فاسدة مستاحة سيادتها من القوى الدولية والاقليمية على حد سواء .كل ذلك بسبب ان من قادهمنذ 2003 ويقوده الان يفتقر الى الحكمة والتخطيط والاستراتيجية والهمة والوطنية والارادة والرغبة في خدمته وبنائه بناءا صحيحا ومتينا .
مقالات اخرى للكاتب