لم تنعكس اصداء ثورة الحسين عليه السلام ، على الحياة بعد واقعة كربلاء فقط ، وانما كان مبدأ مكملا لمبادئ الكون ، فالحسين عليه السلام لم يبق ملك طائفة معينة ولا ملك نفسه وهو يحقق عاشوراء وانما اصبح مبدأ عالميا يرفض الاستملاك كبقية المبادئ ، فقد سلخ فرديته ليجري مع العقل متناغم مع روح كل انسان ينمر للاستعلاء على واقع فاسد .. ولو سلطنا الضوء على واقع الثورة واحداثها لتبين لنا انها رمز للتضحية وثورة اصلاح مستمر لحماية القيم والمبادئ الانسانية وباركان النهج الحضاري ومحق الاغلال التي تقيد قيم الانسان وتنتصر للمبادئ والعقيدة لا للعصبيات والقوميات والعناوين التي صاغتها ضلالات الانسان الاهوج وعلمت البشرية دروسا وكيف يصون الانسان مبادئه ومعاني تنوع الرؤى والحيثيات والمعطيات كون الامام الحسين (عليه السلام ) هو قبلة الثائرين في العالم اجمع ، فالحسين ع في ملحمته الخالدة لم يتحرك من اجل مكسب شخصي او منصب قيادي او مصلحة لمنطقة معينة او طائفة معينه ، وانما تحرك من اجل القيم والمبادئ الانسانية والكونيه .
إن تفشي الاستبداد السياسي والاستئثار بمقدرات الشعب يمثلان ذروة الانحراف في حياة الأمة.. وإزاء هذا الحال ينبغي أن يظهر للملأ الموقف الذي يمثل رأي الدين والمبادئ الحقة التي جاءت بها ثورة الحسين عليه السلام ، فما أحرانا اليوم لترجمة فصول تلك الثورة التي تعج وتموج بالقيم الأنسانية الكبرى وتحويلها ألى عمل ملموس وواقعي يغير من الواقع المزري والبائس الذي نعيشه ، ويجب علينا ان نعي ان حب الحسين ( عليه السلام )هوليس دمعة ولبس السواد وحسب بل الاقتداء بمبادئه الانسانية وقيمه الكونية وتطبيقها ، فألامام الحسين ثار ضد الظلم والفساد الذي عشعش في السلطة وبعض نواحي المجتمع و ان الامام الحسين ع هو منهج ثورة واصلاح وامر بالمعروف والنهي عن المنكر وصاحب القيم والمبادئ فعلى كل من يدعي انه حسيني الهوية والمنهج الاستنان بسنته المقدسة برفض الظلم ونصرة الحق ودحظ الباطل وكشف الفساد و زيف المفسدين والطائفين والعرقيين ، فعلينا ان نصحح فكرة شهادته لكي لاتكون مجرد دمعة تراق في يوم استشهاده ، بل يجب ان يكون يومه يوم المظلوم على الظالم يوم الحق على الباطل وان الواجب المقدس والأخلاقي والعقلي والإنساني والوطني يلزمنا أن نقف بحزم ضد من تسول له نفسه بتفتيت وحدة الشعب الواحد من اجل مصالحة الخاصة وسرقة خيرات وطننا العزيز وان نبتعد عن التعصب الطائفي المقيت والذي هو يخالف قيم ومبادئ الحسين ع ، وان نعي ان ثورته هي ثورة عالمية ضد المفسدين على أمد الدهر وطول السنين ويجب ان نكون يد الحسين وصوته الذي انتفض ضد الظلم طالبا للعدل الاجتماعي وارجاع الحق المسلوب الى اهله ، وعلينا عندما نصرخ (لبيك ياحسين ) ان تكون اولا ارواحنا مع مبادئه وقيمه التي استشهد من اجلها وان نطبقها في واقعنا وحياتنا ولانكون ظالمين و مفسدين وطائفيين وغير انسانيين وان نكريس المبادئ والقيم الانسانية والاخلاقية والعقيدة الالهية السليمة بمفهومها الكوني الصحيح.
مقالات اخرى للكاتب