"الانهيار" أو "بداية وليست نهاية" كتاب يروي قصة الاحتلال الأميركي للعراق وخلفيات الغزو المدمر والأخطاء الفاحشة التي ارتكبها الرئيس الأسبق صدام حسين التي قادت إلى النهاية المفجعة للعراق والكتاب من تأليف المرحوم الأستاذ نوري المرسومي.
في عام 2004-2005 اتصل بي المرسومي واخبرني بانتهائه من تأليف كتابه "الانهيار" وعرض علي مشروع طبعه ونشره على نفقة "المشرق" مقابل مكافأة سخية لكن المشروع لم يلق ترحابا، فسحب المرسومي كتابه لعدم الوصول إلى اتفاق يرضي الطرفين وكنت التقي المرسومي في كل يوم ثلاثاء في مجلس المرحوم الأستاذ صبحي عبدالحميد في اليرموك وكان الرجل يتمتع بذاكرة ممتازة وتحليلات واقعية وله حضور متميز في المجلس الذي كان مقتصرا على عدد محدود من أصدقاء "أبو رافد".
وطبع "الانهيار" في مصر بمطابع الأهرام التجارية عام 2006 عن الدار الدولية للاستثمارات الثقافية لكنه عرض في مكتبات العراق بعد تسع سنوات!
المرسومي من كبار قادة العمل القومي في العراق قبل أن يتولى المسؤولية الرسمية كوكيل لوزارة الثقافة والإعلام وكان معروفا بميوله الناصرية ومن أقطاب حركة القوميين العرب في بغداد وعنصرا نشيطا في العمل النقابي مع هاشم محسن وانخرط في العمل السياسي الوطني منذ سنوات شبابه المبكر في خمسينيات القرن الماضي.
ومنذ عام 1989 شغل منصب وكيل وزارة الثقافة والإعلام وكان معروفا بأدائه الإداري الحازم لسنوات طوال ثم انتقل في عام 1997 إلى منصب نائب رئيس مجلس بيت الحكمة  ونشر العديد من المقالات والدراسات السياسية وله عدد من المؤلفات في التعبئة الجماهيرية  والديمقراطية والوطنية!
كتاب "الانهيار" من الكتب "العراقية" النادرة والقليلة التي تناولت سقوط النظام السابق بروحية عراقية ووطنية ونقدية شجاعة فقد جاء الكتاب بـ"283 صفحة من القطع الكبير" شهادة صادقة وحقيقية من سياسي عراقي معتدل ومسؤول سابق في اخطر جهاز وهو وزارة الثقافة والإعلام، والمرسومي ليس غريبا عن اغلب الوجوه التي حكمت العراق منذ عام 1958 وخاصة الفترة التي تولى فيها صدام رئاسة العراق.
ثمانية فصول قام عليها كتاب "الانهيار" وتناول فيها عمق الأزمة العراقية منذ بداية تكون العراق الحديث, والمرسومي بجرأته النقدية أجاب عن سؤال طرحه في بدايات الصفحة الأولى من كتابه وهو: كيف انهار نظام عرف بالقوة والصرامة والحزم مع معارضيه وعرف بقدرة قيادته على المناورة والاستفادة من الظروف الإقليمية والدولية واللعب على توازن القوى أو اختلالها لصالح هذه الجهة أو تلك لضمان استمراره بالحكم بعد أن تمكن من  ترويض قوى الداخل؟
تلمس المرسومي بروحه العراقية إجابات صريحة وواقعية عن تساؤلات كثيرة شغلت الرأي العام الذي تفاجأ بالسقوط السريع والمريع للنظام السابق، وفي سياق إجابات المرسومي على التساؤلات نكتشف حقيقة فساد النظام الذي هوى كالقشة في أولى الضربات التي وجهت إليه خلال عشرين يوما من القتال!
كما ناقش الكتاب بموضوعية مرحلة الاحتلال الأميركي للعراق وإفرازات النظام الجديد الذي أقيم بــإرادة أميركية على أساس تفتيت الوحدة الوطنية للشعب العراقي وإحلال صيغة الطائفية محل الهوية الوطنية التي عصفت بالعراق ومكوناته.
كتاب "الانهيار" يستحق القراءة المعمقة لأنه كتب في أعقاب الاحتلال مباشرة وبسخونة الحدث الدراماتيكي..
رحم الله نوري المرسومي