لاشك أن الدمار الذي لحق بأهل السنّة في المحافظات السنّية والضرر الكبير الذي أصابهم قد ساهمت به وتسببت فيه جهات متعددة منها سياسية داخلية وأخرى خارجية ساعدت في دخول الإرهابيين الى هذه المناطق ...على أمل التعاون معهم في إسقاط العملية السياسية وعودة الحكم ثانية الى عصابات البعث ومليشياتهم الإجرامية ... ولكن السبب الرئيسي الذي جعل من محافظات السنّة حاضنات آمنة للإرهابيين هو غياب المرجعية الدينية السنّية التي تمثّل الخطاب الرسمي الموّحد والمعتدل للسنّة ومنذ سقوط النظام البعثي عام 2003... الأمر الذي أتاح الفرصة للمغرضين والمتربصين والمتطفلين على الدين أن يستغلّ هذا الفراغ ويعلن نفسه ممثلاً شرعيا للسنّة ومدافعا عن حقوقهم...بشكل فردي أو كهيئة دينية كما صرّح بذلك وإدعى أنه يمثّل مرجعية دينية للسنّة المدعو حارث الضاري....لكنه لم يُفلح في إقناع سنّة العراق فيه وفي هيئته ..بل زادهم تفرّقا وإنشقاقاً ..وكذلك المدعو عدنان الدليمي حاول أن يمتطي صهوة المرجعية الدينية العليا للسنّة من خلال جمع شتات السياسيين السنّه في قائمة طائفية وفتح باب الإنتماء اليها تحت عنوان (التوافق السنّية) وإيضا لم يوفق مشروعه بل زاد في تفرّق السنّة وتشتيتهم لأنه خلط الباطل بالباطل ورفع لواء التطرّف المذهبي ...وإستمرّت فوضى الإدعاء لتمثيل السنّة من قبل رجال دين إنتهازيين بعضهم ممن خلع بدلته الزيتوني البعثية وإرتدى العمّة والجبّة وصال وجال في ساحة التطرّف والشحن الطائفي ...حتى وصل الأمر الى المراهق سعيد اللافي ليكون لسان حال أهل السنّة المتظاهرين في الأنبار بما فيهم رجال دين وأئمة مساجد كبار في السن ! وإستطاع هذا المعتوه أن يتفرّد بالأمر ويقود هيئة الأفتاء وبدأ بإطلاق الفتاوى والشعارات الدينية التي أغرقت قومه وأضاعت حقوقهم وجلبت الضرر على العراق كلّه ! هذه الفوضى في تمثيل السنّة من قبل مشايخ لايجيدون إلا النفخ في نار الفرقة والتخلّف والكراهية وتعبئة قومهم بإتجاه عدو واحد إسمه الشيعة ...! وتطويعهم للقبول بأية دعوة خارجية أو داخلية مهما كانت خُلُق وأهداف صاحبها ...فقط أن يعلن العداء للشيعة ..فهذا هو الشخصٌ المفترض الطاعة ... هذه الثقافة الطائفية أفقدت الكثير من أبناء السنّة القدرة على التمييز بين من يريد حرقهم من دعاة الفتنة وقادة الأرهاب القادمين من خارج الحدود ...وبين من يريد لهم الخير والتعايش السلمي في الوطن الواحد ...للأسف أختار الكثير منهم الإرهابي القادم من خارج الحدود والذي جلب معه الويل والدمار وحرق البلاد وهتك حرمة العباد...ففتحوا أبوابهم واهمين لهذا العدو المقنّع والذي أوهمهم بأنه جاء لتخليصهم من الحكم الرافضي ...فأبتلع محافظتهم نينوى بأكملها وأحرق الثانية صلاح الدين وهو الآن في طور تدمير الثالثة بالكامل الأنبار ...وأبناء السنّة اليوم في حالة يُرثى لها ...بين نازح ومهجّرٍ يصارع الظروف الجوية والحياتية القاهرة أو محاصرٍ تحت رحمة الدواعش الإرهابيين أو حاملا للسلاح يقاتل العراقيين...أما شيوخ الفتنة الذين ورّطوهم ولوّثوا أفكارهم وشوّهوا مفاهيمهم وأفتوا لهم بالتعاون والعمل مع داعش ... يسكنون بعيدا عنهم في فللٍ مكّيفة محمية من كل خطر هم وعوائلهم في عمّان وقطر ودبي وتركيا..وكأن الأمر لايعنيهم وصمتوا صمت القبور...ترى هل ادرك السنّة خطورة مشايخهم أم لازالوا يؤمنون بمشروعهم التدميري ؟
مقالات اخرى للكاتب