جهد كبير على مدى سنوات طويلة يبذلها الطالب كي يحصل على الشهادة الجامعية ، التي من المفترض أن تساهم في تغيير مسار حياته نحو الافضل وأن ترسم المستقبل المشرق الذي كان يحلم به طيلة سنوات الدراسة التي بذل فيها مابذل وتحًمل عناء الدوام والالتزام والمذاكرة الذي أصبح عبئا ثقيلا للاسباب المعروفة للجميع, بعد التخرج وبعد أن يستفيق الطالب من نشوة الفرح التي لاتدوم لفترة طويلة يصطدم بحاجز أكبر من الحواجز الكونكريتية التي تملء شوارع عاصمتنا الحبيبة ، ذلك الحاجز إسمه لاتوجد تعينات في الوقت الحاضر ويبقى الطالب المتخرج تواً يتنقل بين هذه الدائرة وتلك تاركا الاختصاص الذي تخصص فيه خلف ظهره حيث أدرك أن إختصاصه لايغني عن خوف ولايسمن من جوع وإن وثيقة التخرج التي يحملها معه والمعنونة ( الى / من يهمه الأمر ) وبما ان الأمر لايهم أي جهة فإن الوثيقة لم تعد ذات جدوى واصبحت وكما يقول المثل حالها حال البطاقة التموينية التي غالبا ما نحتاجها لاتمام المستمسكات الرسمية المطلوبة عند مراجعة دائرة ما ، بعد أن يتخلل اليأس نفس ذلك الخريج المسكين ويتملكه الاحباط يذهب وهو نادبا حظه العاثر ليبحث عن عمل يعود عليه بمورد يومي يعيل نفسه من خلاله فتراه يعمل في مجال البقالة أو أن يبحث عن من يكفله لدى بائع الجملة كي يزوده بسكائر ( على التصريف ) أو أن يقوم ببيع المأكولات السريعة قرب الدوائر الخدمية واذا كانت له علاقة مع مسؤول في دائرة تعج بمراجعة المواطنين فأن بإمكانه أن يقوم بكتابة العرائض للمراجعين ويحصل على مورد مناسب بعد ان يدفع مايترتب على ذلك لمن سمح له بكتابة العرائض في ذلك المكان من اجل تمشية بعض الامور. حالات كثيرة جدا تدعو الى أن ينظر من يهمهم ألأمر في مصير الطلبة الذين لن ينالوا من شهاداتهم سوى المتاعب بحيث ان بعضهم وبعد ان ينفذ صبره يلعن اليوم الذي درس فيه ويستذكر بخير كل من ترك الدراسة وذهب لمزاولة عمل من الاعمال التي لاتحتاج الى أي شهادة دراسية ، اذا كنا نريد ان نبني عراقا يواكب مسيرة العالم فعلينا أن نهتم بالخريجين لأنهم الاساس الصحيح في مسيرة البناء ، واذا اردنا ان ننشىء جيلا من المتعلمين والمثقفين فيجب أن نحتضنهم بعد أن يكملوا دراستهم مباشرة لأنهم تواصلوا مع الدراسة بالرغم من كل المصاعب التي واجهتهم وأصروا على مواصلة الدوام لكي تستمر الحياة ، إن رعاية حملة الشهادات مسؤولية تجاه الوطن تقع على عاتق من هم في مواقع متقدمة في التسلسلات الوظيفية تلك المسؤولية تكمن في وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ، وان تبادر دوائر الدولة باحتضان حملة الشهادات الجامعية مثلما نراها منشغلة بإعادة المفصولين السياسين الذين معظمهم لاعلاقة له بالسياسة ولاتربطه معها اي صلة سوى كتاب التأييد الذي حصل عليه من جهة ما يكفل له الاعادة الى العمل , وهنالك مئات المعاملات التي روجت بحجة ان الشخص الذي اعيد الى الوظيفة مضطهد سياسيا , ولاارى في ذلك صدق بل معظمهم زوروا استخدم التزوير والرشوة من اجل الوصول الى مبغاه,ولاجل الوطن ومستقبله علينا ان نفكر بمصير حملة الشهادات قبل أن نخسرهم وعند ذلك سوف لايجدي الندم بشيء.
مقالات اخرى للكاتب