يمكن اعتبار مشروع الغاء قانون مكافحة الارهاب وتقديمه الى رئاسة برلمان كوردستان هو اولى كبوات البرلمان الكوردستاني الجديد , حيث عرض بعض البرلمانيين مشروع قرار يدعو الى الغاء العمل بقانون مكافحة الارهاب المرفق 3 لسنة 2003 , ما يشير الى وجود برلمانيين يغردون خارج سرب المشروع الكوردي , وبعيدا عن المشاكل الحقيقية التي يعاني منها المواطن , خاصة وأنهم برروا تقديمهم لهذا المشروع بان قانون مكافحة الارهاب في كوردستان قد قدم سابقا ليتم العمل بموجبه لمدة عامين ثم مدد ثلاث مرات , وكل مرة بسنتين , لافتا الى عدم وجود مبرر لتمديده مرة اخرى لورود عقوبات التهم الواردة في هذا القانون في قوانين العقوبات العراقية .
ان ما يثير حساسية الموضوع انه مقدم من قبل برلمانيين منتمين لحزب اسلامي كوردستاني , كان ولوقت قريب مؤمنا بالجهاد المسلح على غرار ما تتبناه بعض الجماعات المسلحة المتطرفة التي ابتليت بهم المنطقة مؤخرا . ولكننا مع ذلك نحسن الظن بأحزابنا الاسلامية الكوردستانية , ونأمل ان يكون وجودهم في حكومة الاقليم وبرلمانه لإيمانهم بان هذا هو الجهاد الحقيقي لا ما يدعيه الاخرون خارج حدود كوردستان .
وهنا نريد ان نطرح ملاحظاتنا على مشروع القانون المقدم متمنين ان تؤخذ بنظر الاعتبار من قبل المتبنين لهذا المشروع خاصة والبرلمان الكوردستاني بشكل عام :-
القول بان قانون مكافحة الارهاب في الاقليم لم يعد له مقتضياته في الوقت الراهن هو قول مثير للاستغراب خاصة وان ما يتعرض له العراق من عمليات ارهابية وما ال اليه الوضع الامني في المنطقة بأسرها يجعل من الاصرار على تطبيق قانون مكافحة الارهاب وتفعيله امرا ملحا بدلا من المناداة بالغاءه .
تبرير الغاء قانون مكافحة الارهاب في كوردستان بوجود قوانين مماثلة له في قانون العقوبات العراقي يعبر عن قصور في الرؤية عند هؤلاء , فوجود هذه العقوبات في القانون العراقي وبعثرتها بين بنود وقوانين عديدة يضعف الى حد كبير من الجهد المبذول للوقوف ضد المد الارهابي في المنطقة , ويمكن اعتباره احدى اسباب الفشل الامني الحالي في العراق , اضافة الى ان الاعتماد على قانون العقوبات العراقي يعطي للمشرع مجالا اوسع ومرونة اكثر لضرب اي جهة اسلامية وان كانت سياسية بحجة مكافحة الارهاب , كما يحصل الان في العراق , ولا اتصور ان هذا من مصلحة الاحزاب الاسلامية الكردستانية على المدى الطويل .
ان كان الغرض من تقديم مشروع الغاء قانون الارهاب ( وكما تراه الجماعة الاسلامية ) هو لقطع الطريق امام استغلال هذا القانون للتنكيل بهم مستقبلا تحت اي ظروف وفق ذريعة الارهاب , فان حل هذه المعضلة لا تكون بالدعوة الى الغاء قانون الارهاب انما الدعوة الى تعديله بالشكل الذي يحفظ امن وسلامة مواطني اقليم كوردستان ويحمي العملية السياسية فيه .
كان الاولى بمن قدم مشروع الالغاء هذا ان يقدموا مشروعا لحل المشاكل السياسية التي يعاني منها اقليم كوردستان العراق خصوصا ما يتعلق بالتجاذبات السياسية التي رافقت الانتخابات البرلمانية في كوردستان و تشكيل الحكومة فيها , فإيجاد الحلول لهذه المشاكل اجدى بكثير من البحث عن ثغرات سياسية تضعف الصف الوطني الكوردستاني بدعوى انها مقدمة من برلمانيين .
مع تقديرنا الكامل لنضال الاحزاب الاسلامية الكوردستانية , فإننا في كوردستان لا نتمنى ان يستخدم برلمان الاقليم لتمرير اجندات جماعات متطرفة او دول اقليمية للنيل من تجربة الاقليم من خلال هذه الطروحات والأفكار , فالدعوة الى الغاء قانون مكافحة الارهاب وفي هذه الظروف بالذات يمكن ادراجه تحت بند حماية الجهات الارهابية المنصوص عليه في القانون نفسه حتى وان كان بعدم دراية ولا اتصور ان الحصانة البرلمانية ستشفع لمن يحاول ذلك ( متعمدا ) , فنرجو من كل البرلمانيين اسلاميين كانوا ام علمانيين ان يكونوا على قدر المسئولية التي حملها الكوردستانيون لهم والعمل جميعا من اجل اسعاد هذا الشعب وتطويره .
مقالات اخرى للكاتب