أعرف أنني من الأشخاص غير المرغوب بهم في مكتب رئيس مجلس الوزراء. وهذا راجع الى النظرة القاصرة داخل هذا المكتب والتي ترى في مَن ينتقد أو يعارض تصرفات رئيس الوزراء وحكومته وسياساتهما عدواً شخصياً له وللعاملين تحت إمرته في هذا المكتب.
مع ذلك فانني أشعر برغبة قوية داخلي للعمل قريباً من السيد المالكي لاسبوع أو اسبوعين فقط .. هو عمل تطوعي من دون راتب أو مخصصات .. وهو أي عمل، حتى لو كان في صيغة اعداد وتقديم القهوة التي يحبها السيد المالكي.
لا أرغب في هذا العمل لتحقيق مصلحة أو نيل شرف ما، فبيني وبين نفسي لا أشعر بالفخر بالعمل في مكتب بعضٌ ممن يعملون فيه منافقون ونهازو فرص، وبعضٌ ممن يُستقبلون فيه بترحاب شديد نصّابون وسرّاق مال عام، وبعضهم ممن ساموا شعبنا العذاب في عهد النظام السابق، وبينهم قد يكونون هم أو آباؤهم ممن تعرضتُ شخصياً وآلاف غيري إلى التعذيب على أيديهم في معتقل قصر النهاية في سبعينات القرن الماضي.
مع ذلك فإنني مستعد للعمل التطوعي في مكتب السيد المالكي لاسبوع أو اسبوعين أكون خلالهما أميناً على أسرار المكتب ومخلصاً للمهمة التي أكلّف بها. فقط أريد أن أرى بأم عيني كيف يتعامل السيد المالكي مع ما يتلقاه من أخبار ومعلومات عن المجزرة اليومية المتواصلة في مدننا.
أريد أن أعرف هل السيد المالكي مثلنا يُمضي نصف وقته أو ربعه في تقليب القنوات الفضائية وصفحات المواقع الالكترونية لمتابعة التفجيرات والهجمات الارهابية التي تلاحق العراقيين من شارع الى شارع ومن سوق الى سوق ومن جامع الى حسينية الى كنيسة الى معبد، وهذه الأيام من مقهى الى مقهى أيضاً.
أريد أن أعرف، اذا لم يكن لديه الوقت لذلك، هل يُقدّم له العاملون في مكتبه كل ساعة او ساعتين أو ثلاث، تقارير موجزة أو مفصلة عن الوضع الأمني المتردي على نحو لا مثيل له في أي بلد آخر .. أريد أن أعرف وأرى بأم عيني كيف يتصرف السيد المالكي، وهو رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المتحدة ووزير الداخلية، وهو يشاهد الفضائيات او يقرأ التقارير.. هل يشعر كما نشعر ويفعل كما نفعل؟ يندهش؟ يفغر فاه؟ يقطب جبينه؟ يشهق؟ يغصّ؟ يوجعه قلبه أو بطنه؟ يضرب بيده على الطاولة أسى وأسفاً على الضحايا؟ يحترق من الداخل غضباً على رجاله المقصرين من مسؤولي الأجهزة الأمنية؟
أريد أن أعرف، اذا كان السيد المالكي يحسّ بما نحسّ به ويتصرف كما نتصرف ونحن نتابع وقائع حمام الدم اليومي في بلادنا، لماذا يبدو غير آبه وغير مكترث وغير مبال بما يجري في البلاد التي يتقلد فيها أرفع المناصب؟ ما الذي يُمسك بلسانه؟ متى تنحلّ عقدة هذا اللسان؟ لماذا يتكبر على الشعب فلا يقول له مباشرة أو للبرلمان كلمة تفسّر لماذا يجري ما يجري ومن المسؤول عما يجري، كما يفعل كل رؤساء الحكومات والوزراء الذين يحترمون أنفسهم ويحبون أوطانهم وشعوبهم.
مقالات اخرى للكاتب