بغداد – ينظر مراقبون ومحللون سياسيون عراقيون بالكثير من الغرابة والتساؤل لتزامن رحلة رئيس اقليم كردستان الاوروبية مع عودة رئيس الجمهورية جلال الطالباني من رحلته العلاجية وزيارة نوري المالكي لمحافظة السليمانية ولقاء الطالباني.
ففي الوقت الذي عد فيه المراقبون وجود مشاكل وأزمات عميقة غير واضحة للعيان بين الطالباني والبارزاني دفعت الأخير لمغادرة أربيل في ذات اليوم الذي وصل فيه الطالباني إلى السليمانية قادما من رحلة علاج أستمرت لأكثر من شهرين، قال المراقبون أن البارزاني تعمد تجنب لقاء المالكي في السليمانية من خلال السفر في جولة أوروبية لم تكن معلنة ولا يعرف أهدافها.
ونفى النائب عن التحالف الكردستاني محمود عثمان، ان يكون سفر رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني الى اوروبا هربا من لقاء المالكي في السليمانية التي زارها الخميس الماضي. وقال ان "الزيارة التي قام بها بعض المسؤولين في الحكومة الاتحادية وبعض الكيانات السياسية الى جلال الطالباني بعد عودته من رحلة العلاج من المانيا والتي دامت ثلاثة اشهر هي ترحيبية وللاطمئنان على صحته وفي نفس الوقت جرت خلالها تشاورات سياسية بشأن حل الازمات في البلاد".
واوضح ان "الطالباني سيعود الى مقر وظيفته في بغداد، ثم سيجري تشاورات مكثفة مع القوى السياسية وذلك من اجل الخروج بنتائج ايجابية تقود البلاد الى خارج الازمة التي تمر بها".
واشار عثمان الى ان "زيارة رئيس حكومة اقليم كردستان مسعود البارزاني الى اوروبا لم تكن من اجل الخروج من موقف اللقاء مع المالكي وانما لارتباطه بمواعيد رسمية في اوروبا وبعض الدول الاقليمية ولكن توقيت سفره جاء مزامنا لعودة الطالباني ومن المؤكد ان يتحدث المراقبون ان سفره كان هروبا من لقاء المالكي".
وكان طالباني وصل الثلاثاء الماضي إلى مقر اقامته في مدينة السليمانية بإقليم كردستان، ويعول على الطالباني في لعب دور بين الكتل السياسية لايجاد حل للأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد من خلال عقد الاجتماع الوطني الذي يجمع الكتل السياسية على طاولة الحوار.
من جانبه نفى نائب رئيس كتلة التحالف الكردستاني في مجلس النواب محسن السعدون وجود ربط بين عودة الطالباني وبين مباشرة رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني جولة اوروبية. وقال السعدون إن "البارزاني سافر بناء على وجود دعوات الى مؤتمرات في اوروبا وان جولته كانت مقررة اصلا منذ فترة. واشار ان تزامن رحلة البارزاني مع عودة الطالباني محكوم بالصدفة وان المتوقع ان يعود رئيس الاقليم بعد فترة قصيرة".
الى ذلك رأى محللون سياسيون ان زيارة رئيس اقليم كردستان الى عدد من الدول الأوروبية، تهدف الى شراء اسلحة ولو بشكل غير شرعي، الى جانب الحصول على دعم دولي في حال قرر الكرد الانفصال عن العراق.
وأكد المحللون ان البارزاني حاول بجولته التهرب من لقاء يجمعه بالمالكي عبر الرئيس الطالباني، ووجدوا في ذلك مؤشرا قويا على استحالة لقاء الطرفين، ولو كان بوساطة حليفه العائد من ألمانيا.
من جهته اعتبر التحالف الكردستاني الكلام عن سعي الاقليم لشراء الاسلحة في زيارة رئيسه "عارية عن الصحة" وتأتي في سياق النيل من الأكراد، فيما وجد أن الزيارة تهدف الى المحافظة على مصلحة الشعب الكردستاني والعراقي.
بدوره، أفاد ائتلاف دولة القانون بأن الزيارة الأوروبية للبارزاني خرق كبير للدستور وفعل خطير ينال من السيادة الوطنية ويستدعي المحاسبة الشديدة إذا كانت تهدف الى اقتناء الاسلحة. وقال سعد المطلبي ان "زيارة رئيس الاقليم الى بعض الدول الاوروبية هي من اجل الحصول على السلاح بشكل غير شرعي، لأن الإقليم يسعى بجدية لشرائه بأي طريقة كانت". وتابع "هناك اغراض اخرى للزيارة منها، جذب الاستثمارات الى الاقليم، والحصول على دعم دولي حول انفصال الكرد عن العراق".
وكانت رئاسة اقليم كردستان أعلنت في بيان لها أن "رئيس الإقليم مسعود البارزاني غادر إلى أوروبا تلبية لدعوات وصلته للمشاركة بعدد من المؤتمرات هناك"، من دون أن يحدد البيان الدول التي سيزورها أو طبيعة المؤتمرات التي سيحضرها.
من ناحيته، أكد استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد احسان الشمري، ان "زيارة مسعود البارزاني الى اوروبا لا ترتبط بجدول المواعيد المقررة، بقدر ما لها علاقة بعدم رغبة البارزاني في لقاء المالكي، في ظل معلومات اشارت الى ان لقاء سيجمع الطرفين بعد عودة الطالباني". وأبدى اعتقاده بأن "مرحلة كسر العظم بين مسعود البارزاني والمالكي بدت واضحة بعد سفره المفاجئ الى اوروبا، بالتالي لقاء الطرفين بات بعيدا جدا".
وقال الشمري ان "التراجع الذي حدث لبارزاني واهتزاز صورته في المشهد السياسي، خصوصا بعد فشله في تحقيق سحب الثقة، ومن ثم نجاح المالكي في ابعاد الاستجواب عنه، وتفتيت تحالف اربيل/ النجف، وضع البارزاني في دائرة الحرج". وأعقب "وان حضرور المالكي الى السليمانية، وليس الى اربيل فهذا يعد نصرا للمالكي، وهو ما لا يقبله البارزاني". وتابع "هناك تمرد لبارزاني على رغبات الطالباني في جمع الطرفين، وان سفرته تبين بشكل واضح ان لقاء المالكي معه بات من المستحيل".