العراق تايمز: كتب أيسر ألياسري
يشهد مطار النجف الدولي اقبالاً كثيفاً على الرحلات المتوجهة الى تركيا، خصوصاً من قبل شباب المدينة، وآخرون قادمون من مدن الفرات الأوسط، الذين يرغبون بالهجرة الى اوربا ضمن "الهجرة الواسعة" الجديدة التي يشهدها العراق منذ بداية شهر آب الماضي، والتي جاءت بعد ازمة اقتصادية خانقة يعيشها العراق وتراجع الوضع الأمني في بعض المحافظات والعاصمة خلال الاسابيع القليلة الماضية.
وكان الآلاف من العراقيين خصوصاً من الشباب، غادروا عبر مطارات البصرة والنجف وبغداد وأربيل الى الاراضي التركية للتوجه بعدها الى اليونان ومن ثم الى دول اوربا للاستقرار فيها، وتمثل موجة الهجرة الحالية الأحدث في العراق، إذ شهد البلد منذ اربعينات القرن الماضي، وحتى السنوات القليلة الماضية، اكثر من خمس موجات كبيرة للهجرة، كان آخرها في عامي 2006 و2007.
ويقول المندوب في شركة الخطوط الجوية العراقية، رياض حسين، إن "إقبال الشباب كان كبيراً للحجز على خط نجف - اسطنبول"، مشيراً إلى أن "قرابة 170 مقعداً تحجز يومياً، ما أدى إلى شغل غالبية مقاعد الرحلتين اليوميتين إلى اسطنبول على مدى الأسابيع الأخيرة".
وتؤيد إدارة مطار النجف ما ذهب اليه مندوب الخطوط الجوية في ارتفاع عدد الشباب المغادرين الى تركيا، رغبة بالحصول على اقامة في إحدى الدول الاوربية.
ويقول الموظف في تشريفات مطار النجف، كرار محمد جواد، إن "الاسبوع الماضي شهد حركة سفر ملحوظة عبر الخطوط الجوية العراقية والتركية، على خط نجف - اسطنبول"، مبيناً أن "غالبية المسافرين كانوا من الشباب، ويفضلون السفر على الخطوط الجوية العراقية أكثر من التركية، حيث يصل عددهم بالرحلة الواحدة إلى 175 شخصاً".
ويوضح جواد، أن "معظم المسافرين على الخطوط الجوية التركية يقصدون دولاً أخرى عبر اسطنبول".
ويبدو أن أخبار "الكوارث" التي حلت باللاجئين إلى أوربا لم تثن الشباب عن محاولة تجربة حظهم أملاً بفرصة جديدة قد تكون "ذهبية"، كما يعتقد جاسم محمد، على الأقل.
ويقول محمد (30 سنة)، إن "الوضع العام في العراق بعامة والنجف بخاصة، لا يبشر بخير لاسيما للشباب"، مضيفاً "منذ أربع سنوات تخرجت من الجامعة وما زلت أبحث عن عمل دون جدوى".
ويقرّ الشاب النجفي، بأن "السفر يشكل محاولة للهروب إلى الأفضل"، وتابع "ما الذي يمكن أن أخسره أكثر".
كما يرى عادل خميس ،(28 سنة)،إن "السفر لأوربا أو أميركا طالما شكل حلماً للشباب لبدء حياة جديدة"، عاداً أن "الظروف الحالية واستعداد الكثير من دول العالم استقبال اللاجئين يشكل فرصة ذهبية ربما لن تتكرر ما يوجب استثمارها".
ويتزامن تفاقم ظاهرة الهجرة مع الحراك الشعبي واسع النطاق الذي يعم غالبية المحافظات للمطالبة بالإصلاحات ومكافحة الفساد وتحسين الخدمات، وتصاعد الحرب مع (داعش).
ويعتقد الإعلامي حيدر الجبوري، بأن هنالك "خطة مدروسة لإفراغ المظاهرات من محتواها، عبر إشغال الشباب بقضايا بعيدة عن السياسة"، في حين أعرب آخرون، منهم الأكاديمي حميد شهيد، أن "الهجرة ظاهرة مدروسة مخطط لها جيداً".
ويقول شهيد، إن "دولاً تقف وراء ظاهرة الهجرة خصوصاً بعد الانتصارات التي حققتها قوات الحشد الشعبي والجيش ضد داعش"، عاداً لأنها "تهدف إلى فتح ثغرات في صفوف القوات المشتركة لتخفيف الضغط على العصابات الإرهابية بعد أن منيت بخسائر جسيمة في معارك صلاح الدين والأنبار".
وكانت الخارجية الالمانية قد أعلنت، الثلاثاء، تشديد الإجراءات الأمنية على حدودها لمنع تدفق اللاجئين، مبينة أنها ستستقبل طلبات لجوء محدودة من العراقيين لأن بلدهم "لا يعد منطقة حرب"، بعكس سوريا التي ستمنح الأولوية للاجئيها، كما قررت هنغاريا وبعض الدول الاوربية تشديد الاجراءات على حدودها لوقف تدفق اللاجئين اليها من سوريا والعراق واليمن وليبيا.
يذكر أن ألمانيا وباقي دول غرب أوربا، تشهد أكبر موجة لجوء منذ عقود، إذ تؤكد المصادر المطلعة، عبور قرابة نصف مليون مهاجر البحر الأبيض المتوسط إلى أوربا منذ مطلع العام 2015 الحالي.