ينتاب الغموض تحليلنا العقلي نحن العراقيين وتتشكل في وعينا الجمعي تبريرات غاية في السذاجة والتبسيط نغدو بعد حين مدافعين اشداء عنها لانتصور فهما للحقائق خارجها , وتضيع ضمن هذا التصور طروحاتنا الفكريه في حلقات مفرغه دون جرئة في الطرح او خروج عن قوالب التسطيح في المناقشة والاستنتاج فبين سباب العهد الملكي والعهد السياسي المعاصر يختصر العراقي غالبا تحليله السياسي ويلتفت لاحتساء الشاي المهيل مرتاح البال غير مبالي في دفع هذا التحليل ولو خطوة واحده لينظر مثلا الى حال بيته وكيف يسيس هو ذلك البيت وضمن اي رؤية ..ينادي بالحداثه بينما يتسلط على الشريكه وتنادي هي بالتحرر بينما تضرب الاطفال كأسلوب للتربية في مشهد كاريكاتيري يفيق من يستمتع بمتناقضاته على حقيقة تراجع اولوية التحليل والاسناد لمفاهيم اساسيه امام تورط فكري في تفاصيل حدث يومي بات هو الصانع للرأي العام...اين مفاهيم حرية المرأة , بناء الدولة المدنيه, بناء شخصية الفرد على اسس الحداثه وغيرها الكثير , واين الوجود الفاعل للتيارات الفكريه التي اعتادت على تبني هذه المفاهيم واعتادت العمل على اسس المجتمع والدوله من دون التورط في متغيراته وافرازاته الأنيه واليوميه التي باتت تلتهمم الطاقه الفكريه للطبقة النخبويه قبل العامه وبات شغل مفكري الوطن صراعات سياسيه محليه واقليميه يعلم الجميع انهم شركاء في اذكائها من بوابة العجز الايدولجي والفكري. بصياغة اكثر مباشرة.. لاينتظر احد منا ان يكون جيل اليوم مؤمن بالسلام والحوار مادمنا اصلا لم نزرع هذه القيم ومادام الطفل يلقم ان معتقد اسرته هو المفتاح الى الجنه وان الاخرين كل الاخرين الى النار ولاننتظر تنمية اجتماعيه او اقتصاديه مادمنا سعداء ان حواء ضل لنا ولا نستغرب صعوبة التعايش ما دام سماع صلوات الاخرين وطقوسهم ارق لنا ولا نتنظر ان يسمعك الحاكم اذا لم تكن قادرا على سماع صوت ابنك المعارض .
في عقلنا العراقي حاجه ماسة اذا للتعمق والتحليل والبحث عن الاسباب وادراكها سعيا للحلول وفي مفكرينا حاجة اهم لتقديم مقترحات هذه الحلول افكارا ومبادئ تبعدنا عن اجترار واقع لن يتغير مادمنا عاجزين ابتداء عن فهم اسبابه.
بشكل صادم وصريح يشخص اي منا عيوب مركزية في الفكر العراقي، عيوب عابرة للازمان والازمات تستطيع بقدرة عجيبة ان تنفذ من بين اهتماماتنا وتتراجع الى الوراء رغم كونها عيوب اساسية لانجاة لنا من دون علاجها.......ببساطة اتسائل كيف نفهم العراق، ماهية العراق في ضمير الامة العراقية او لنا ان نقول بماذا نعرف العراق؟... انا وانت نعرف العراق بأنه الذكرى والام الحبيبة والصديق وغيرها من معاني انسانية لاخلاف على رقيها ..ولكن مجدداً ماهو التعريف او الفهم السياسي الاساس للعراق..شخصياً لم اجد هذا التعرف (وقد يكون هذا خلل شخصي في التفكير) فأنا كبرت ضمن عدة عراقات (بلاد مابين النهرين، البوابة الشرقية، عاصمة الخلافة العباسية، ارض الائمة والاوصياء ) وتعاريف او مسميات اخرى تذكرون ماغاب عني منها, وهنا لا يستريح تفكيرنا كعادته الى القول انها تسميات لااكثر فكلنا يعلم انها معسكرات فكرية لأهل العراق تعسكر كل منهم في احداها وماعاد يرى العراق الا من خلالها برغم انها منطقاً ليس لها ان تلتقي او ان تشكل التعريف الجامع بأي حال من الاحوال بل انها منفردة محل للجدل والتناقض كفكرة تأسيسية للأمة او الوطن ولنأخذ اقلها جدلاً، بلاد مابين النهرين..هل نسلم على سبيل المثال بالتداخل والتلاقح الحضاري بين حضارة مابين النهرين والحضارات المجاورة وهل يمكن ان يقبل ذلك التداخل او قل الاندماج اساسا لقيام حالة سياسية مقاربة مع جوار العراق المعاصر :والجواب معروف ...ولكم ان تقيسوا على باقي المسمياة .
وطن وامة بلا تعريف....نعم سادتي حتى اللحظه لم نمتلك ابجديات التفكير المنطقي ولم نستطع حتى فصل المحتوى التأريخي والاجتماعي والخروج من فوضى التعاريف الى عهد جامع مانع يحدد اهداف الامة العراقية ويجمع متناقضاتها، عهد في العقل والضمير لا في الورق، فهم مشترك اساسه المصلحة وادراك العوامل الديمغرافية والجيوسياسية هدفه صناعة دولة المواطنة والحكم الرشيد.
ربما يقودنا البحث الى النتيجة المعاكسة ان لافهم مشترك وان لاامةٌ تحتاج هذا الفهم اصلا وهذا محتمل ومتروك امره لقادم الاجيال ولكنه بحث عن هوية ومصير وطن وامة..بحث لابد من اتمامه .
لاانكر شخصيا وانا استخدم تعابير العراق والامة العراقية ان لي ايماني بوجود هذه الامة وان لي مثل الكثير تعريفي وفهمي الخاص ولكني في نفس الوقت لااستطيع الانكار ايضاً انه تعريف وايمان شخصي وان الامة اي امة متى ما عجزت عن تعريف نفسها فهي غير موجودة ولاتستحق الوجود اصلا.
مقالات اخرى للكاتب