الساعة البيولوجية تشعرنا بالزمن وتنظم ايقاع حياتنا اليومي وهي عبارة عن خلايا عصبية تقع في النواة فوق التصالبية في الدماغ .تؤثر على امزجتنا متى ننام ومتى نأكل كما تؤثر على حرارة الجسم وضغط الدم ونشاط القلب و ما نتعرض له من اضطراب في ساعات النوم و الاستيقاظ عندما نسافر الى البلاد البعيدة (الجيت لاك ) هي السبب الاساسي فيه فكيف تحكم حياتنا وما علاقتها بالضوء ؟وما هي التفاصيل كيف ننام ولماذا نضطرب او نحزن ؟'العرب اليوم 'التقت الدكتور محمد هلال استشاري امراض الغدد الصماء و السكري و العقم والدكتور مخلص مزاهرة طبيب عام واسرة وسألتهما عن اقدم الظواهرالكونية واسرارها .
الدكتور مخلص مزاهرة طبيب عام واسرة قال :
الساعة البيولوجية هي تَعوُّد الانسان على النهوض من النوم في ساعة معينة خلال فترة زمنية طويلة من حياته ستة اشهر فما فوق .عندما تستمرهذه العادة لفترة زمنية طويلة فيطلق على هذا التوقيت الذي يستيقظ فيه الساعة البيولوجية .واضاف في يوم العطلة يصحو مثلا في السادسة وان سافر الى بلادن اخرى يصحو في الساعة نفسها هذه المتعود عليها .والمتقاعد من الجيش يبقى يصحو في الساعة نفسها وهناك من هو معتاد على أخذ القيلولة هؤلاء لديهم ساعة بيولوجية بينما هناك من ينام مثلا في العاشرة هذا يجد صعوبة كبيرة في السهر لساعات متأخرة . ومن يستيقظ مبكرا لا يستطيع الاستمرار في النوم .
آلية النوم
وبين د.مزاهرة بان النوم يتكون من اربع مراحل 1- النوم الخفيف ويستطيع الانسان الاستيقاظ من اي مؤثر خارجي .2- النوم العميق وهنا لا يمكن للنائم الاستيقاظ لاي سبب خارجي 3- المرحلة الثالثة وهنا النوم اكثر عمقا 4- المرحلة الاخيرة التي فيها يعود الجهاز السبمثاوي للعمل حيث يمكن ان تزداد دقات القلب او التعرق او الاحلام و الكوابيس .وهنا يمكن ان يصحو النائم في حال تعرض لمؤثر خارجي وتسمى هذه المرحلة( رفة العين ).وقال بان الجسم يتعود على المراحل الاربع .
الاستمرار بالتوقيت
ان الاستمرار في التوقيت نفسه يتماشى مع الساعة البيولوجية للانسان واختلاف موعد شروق الشمس صيفا او شتاء سيبقى كذلك لا يتغير .وقال:الساعة البيولوجية لدى الانسان لا تتغير بموعد شروق الشمس .ومن هنا الاستمرار في التوقيت نفسه يتماشى مع الساعة البيولوجية ولكن يمكن تغيير مواعيد الدوام .
ليست واحدة عند كل البشر
وقال مزاهرة ان هناك اناسا ليست لديهم ساعة بيولوجية وهناك من لديهم والسبب هو تعود الجسم فالجسم يتعود كما نتعود على شرب الشاي و القهوة و النيكوتين و الكافيين .
الجيت لاك jetlag
وبين انه يلاحظ على بعض من يسافرون الى امريكا وغيرها من الدول البعيدة انهم يصحون في منتصف الليل هناك وفي موعد الصباح نفسه عندنا و السبب هو الساعة البيولوجية ؛اذا الجيت لاك سببه المباشر الساعة البيولوجية حيث يحتاج الجسم لفترة للتعود على ساعة الصحو الجديدة لانه يستمر في الصحو .
الظلمة وشروق الشمس
قال د.مزاهرة :الساعة البيولوجية يتعود عليها الانسان ولا يغيرها موعد شروق الشمس فحتى لو كانت هناك ظلمة فانه يصحو في الموعد نفسه الذي تعود ان يصحو فيه.
الدكتور محمد هلال اخصائي الغدد الصم قال :
الساعة البيولوجية او الحيوية تقوم بتنظيم عدد من الوظائف الحيوية بما يتناسب مع دورة الليل والنهار او الظلمة و الضياء من اهم مظاهرها 1- الايقاع اليومي عند الانسان الذي يستغرق 24 ساعة و10-20 دقيقة بينما في الانواع الاخرى تسير الساعة 22- 28 ساعة حسب النوع كالابقار .واضاف بان الساعة البيولوجية تحكم دورة البيات الشتوي عند الحيوان (الدب ينام شتاء ) وهجرة الطيور الفصلية وتفتح واغلاق الزهور والاوراق وتوجد عند الطحالب .
وبين د.هلال بان مظاهرها عند الانسان تتجلى في 1- الهرمونات مثلا الكرتيزون وهو هرمون النشاط يفرز صباحا ويقل افرازه ليلا وهناك هرنونات ترفع السكر في الصباح كما يمتد اثرها الى حرارة الجسم وضغط الدم ونشاط القلب وحتى المزاج .
اين يقع مكان الساعة البيولوجية ؟
الساعة البيولوجية موجودة في النواة فوق التصالبية في الدماغ هذه تعمل بايقاع 24 ساعة حتى لو فصلت عن الدماغ ولذلك تعمل في الظلمة المستمرة على ايقاعها نفسه فاذا جاء الضوء سحبها الى ايقاعه.هذه الحالة تسمى ظاهرة الجر او القيادة اذا هي تتلقى تعليمات من الجهاز البصري الذي يدلها على الضوء و الظلمة وكذلك الجلد يعطيها معلومات عن الحرارة و البرودة وهكذا التأقلم مع تغيرات الليل و النهار على طول السنة .
المظاهرالمرضية
وبين د.هلال بان ظاهرة الجر تفسر بعض المظاهر المرضية من مثل 1- التباطؤ الطيراني (الجيت لاك )وقال:وهو المسافر بالطائرة شرقا حيث يقطع اكثر من 2 منطقة من خطوط الطول ويصل مثلا الساعة الثامنة اي مع موعد الفطور وتكون ساعته البيولوجية الثالثة اي انه ما زال يريد النوم ويحتاج الى عدة ايام للتأقلم .2- الاكتئاب الفصلي مع تناقص ساعات النهار حيث يتغير المزاج بحكم الفترة اللازمة لتأقلم الساعة البيولوجية.
تنظيم الساعة البيولوجية ؟
يعتمد على جينات تعمل بشكل دوري لتنظيم الجينات المنظمة للخلايا فالطفرات المرضية في هذه الجينات تؤدي الى امراض النوم مثال:شخص ياتيه النوم متأخرا جدا بعد الواحدة ليلا فلا يستطيع النهوض صباحا او يأتيه النوم بعد الظهر فيستيقظ ليلا (هذه طفرة مرضية )
تطبيقات على الساعة البيولوجية
1-اوقات أخذ العلاج مثال :مشتقات الكوتيزون ضد الالتهاب يجب ان تعطى موزعة على ساعات النهاراما ان اردنا اعطاءها لمنع افراز الغدد فنعطيها ليلا وفي حالة التعويض تعطى صباحا ومساء .
2-العلاج بالضوء وهذا في حال الاكتئاب الفصلي و التباطؤ الطيراني (الجيت لاك )و العمل بالشفتات المؤدي الى امراض نفسانية .
3-عاملو الشفتات تزداد لديهم امراض السرطان و السكري و السمنة وتصلب الشرايين هؤلاء مرضى لانهم يخالفون الساعة البيولوجية .وقال د.هلال وهذا يرجعنا الى الاصل وهو النوم ليلا و الاستيقاظ نهارا وعليه فالساعة الاسلامية موافقة للساعة البيولوجية يقول تعالى (وجعلنا نومكم سباتا وجعلنا الليل لباسا و جعلنا النهار معاشا ).
الغدة الصنوبرية
هي غدة فردية تقع في سقف البطين الثالث في خلفية الدماغ وحجمها ثمن غرام اعتبرها ديكارت سنة 1600 مركز الروح وفي 1917 اكتشف العلماء ان خلاصتها تبقي جلد الضفدع ابيض فاطلقوا على هذه الخلاصة الميلاتتونين وهي عامل السواد وقال:بان الغدة الصنوبرية عند الضفادع تقع تحت الجلد مباشرة فتتأثر بالضوء مباشرة .وتقع هذه الغدة عند الثديات داخل الدماغ ولكنها تصلها المعلومات عن طريق العين .الملاتونيين يزداد افرازه ليلا وينقص نهارا .
ما عمل 'لميلاتونين ' ؟
عمله غير مفهوم ولكنها ستخدم في علاج الزهايمر و الباركنسون لتنظيف الجذور المؤكسدة الحرة.ويقال انه منشط مناعي واستخدم لانقاص التهيج الدماغي في حالة الصراع ولكنه قد يزيد التهيج .
يباع في امريكا من دون وصفة وفي كندا وبريطانيا بوصفة ولكن لا توجد دراسات تثبت عدم مضرته ومن اثاره الجانبية الطفح الجلدي ووجع الرأس اكتئاب وعدم اتزان وتقلص الاوعية الدموية وهناك اثار هضمية كما يستخدم في مشاكل النوم و التخلف الدماغي عند الاطفال بنتائج غير ثابتة .وتابع ولكن يستخدمه بعضهم كمنوم وهو استخدام غير منطقي لانه يزداد في الليل عند الحيوانات النشيطة ليلا (الخفاش)وقد ثبت انه يؤخر البلوغ و يخفض الهرمونات الحاثة للغدد الجنسية ولذلك له دور في تنظيم عملية التزاوج الفصلية عند الحيوانات .
المكفوفون ايضا يعرفون الوقت .
المكفوفون ساعتهم البيولوجية منتظمة بسبب تلقائيتها لعدم وجود عملية الجر (الضوء و الظلمة ).
اكدت انباء علمية ان تعريض اعين المكفوفين للضوء يثبط انتاج الميلاتونين في الجسم ما يشير الى ان اعين المكفوفين وان لم تستجب حدقاتها للضوء ظاهريا قادرة على توصيل الاشارات الضوئية الى المخ مثلها في ذلك مثل اعين المبصرين. اذا الابصار بحد ذاته ليس العامل الفاصل في قيادة الايقاع اليومي .بل ان انعدام الاعين ليس من شأنه ان يحرم الكائن الحي من التمتع بساعة بيولوجية .كما افادت دراسات امريكية بان المخ ليس العضو الوحيد بالجسم الذي يحمل جينات هذه الظاهرة بل انه تم اكتشافها في خلايا اعضاء اخرى في الجسم مثل الكلى واعضاء اخرى.