مع قيام النظام السياسي الجديد في العراق اثر سقوط نظامه الشمولي في نيسان 2003م وبداية تأسيس نظام ودولة ديمقراطية يتم فيها تداول السلطة عن طريق الانتخابات وبمشاركة جميع الأحزاب والحركات والأفراد في مطلع 2005م، حيث جرت انتخابات عامة لتأسيس أول برلمان عراقي منتخب مباشرة من الشعب بعد سقوط برلمانه الملكي في تموز 1958م جرت تحالفات عديدة بين الأحزاب والحركات على شكل كتل أو مجموعات كان أهمها ثلاثة كتل رئيسية تعبر بشكل أو آخر عن مكونات العراق الرئيسية وهي التحالف الكوردستاني الذي ضم مكونات مجتمعات كوردستان الاثنية والدينية، والتحالف الوطني الذي مثل معظم المكون الشيعي، والثالث هو القائمة العراقية التي جمعت بين صفوفها أغلبية سنية رغم وجود بعض الشيعة الليبراليين إلا أنهم أقلية لا تخضع للقياس العام، إضافة إلى كتل صغيرة هنا وهناك ممثلة لمكونات عرقية أو دينية كالتركمان والمسيحيين وغيرهم.
إن التحالف الشيعي- الكردي، وهذا ما اعتاد على تسميته الأهالي ووسائل الإعلام أيضا حاله حال التحالفات القائمة يمثل كتلتين أساسيتين في المجتمعات العراقية الأولى هي التحالف الوطني التي تمثل المكون الشيعي من عرب العراق غالبا، والكتلة الثانية هي التحالف الكوردستاني الذي يمثل الكورد غالبا، وفي كلا الكتلتين ومن ينضوي تحتهما أناس لا علاقة لهما عرقيا أو مذهبيا بهوية الكتلتين، ويأتي هذا التحالف متمشيا مع الإحساس المشترك بالمظلومية وبالتقارب في كثير من الأهداف والرؤى وهو يتناسق مع روح النظام التوافقي والمشاركة في البلاد، فهو تحالف متعدد الأوجه حاله حال بقية التحالفات القائمة، حيث هناك أكثر من زاوية للنظر إليه، حيث يرى البعض انه تحالف كوردي شيعي، بينما يصفه السيد فاضل ميراني سكرتير الحزب الديمقراطي الكوردستاني الحليف الأكبر للتحالف الوطني الشيعي:
إن الكورد سنة في اغلبهم والتحالف الوطني شيعي بأغلبيته فهو تحالف سني شيعي، كما إنهم أيضا من الناحية القومية عربا، وهذا يعني تحالف عربي كوردي، بمعنى إن التحالف لم يأخذ بعدا ضد مكون آخر ويقصد هنا السنة العرب، فالكورد يمثلون السنة أيضا كما يمثل الشيعة العرب، وهو بذلك تحالف وطني من اجل مصالح البلاد العليا.
وفي كتلة العراقية ايضا هناك أوجه متعددة لشكل التحالفات حيث يرى البعض انها تمثل السنة العرب، بينما يرى آخرون انها تمثل الليبراليين العراقيين، ويزعم فريق آخر ومهم بأن البعثيين وجدوا فيها خير من يمثل بقاياهم هنا وهناك، وفي كل الأحوال يرى الكثير من المراقبين ان الكتلتين الرئيسيتين تعاني من تناقضات بنيوية حادة رغم كونهما في ائتلاف واحد كما في التيار الصدري ضمن التحالف الوطني والحرة والبيضاء وغيرهما في العراقية، بينما تتمتع كتلة التحالف الكوردستاني بتوحد واضح رغم وجود تناقضات ليست سهلة بين بعض مكوناتها.
وفي الجانب الثاني، وعلى خلفية أزمة الحكم والأزمة المختنقة بين الكتلة الحاكمة والمعارضين لنهجها، ومن بين كل هذه الآراء والأوجه المتعددة يتبلور الآن فريق آخر يرفض هذا الشكل من التحالفات، وينادي بمشهد سياسي جديد يبعد هذا النمط المتعدد في أوجهه والمتحد في خلافاته وتناقضاته، والتي ربما هي الأخرى أي تلك التناقضات الحادة تعطي مشهدا أكثر واقعية بتبلور ثلاث قوى رئيسية تمثل ثلاثة أقاليم جغرافية تاريخية يتكون منها العراق الاتحادي ألتعددي الديمقراطي.
مقالات اخرى للكاتب