Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
عقد الزواج بين القانون والشرع وةالقضاء والدستور
الاثنين, شباط 23, 2015
محمد ثامر

نصت المادة السادسة عشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 على ((
1 ـ للرجل والمرأة ، متى إدركا سن البلوغ ، حق التزوج وتأسيس أسرة ، دون أي قيد بسبب العرق أو الجنسية أو الدين وهما متساويان في الحقوق لدى التزوج وخلال قيام الزوج ولدى أنحلاله .
2 ـ لايعقد الزواج الأ برضا الطرفين والمزمع زواجهما رضاء كاملا لا أكراه فيه .
3 ـ الأسرة هي الخلية الطبيعية والأساسية في المجتمع ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة )) وبنفس الأسلوب والصياغة مع بعض التقديم في الفقرات لصالح الأسرة نصت المادة 23 على : ـ 
(( 1 ـ الأسرة هي الوحدة الجماعية الطبيعية والأساسية في المجتمع ، ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة .
2 ـ يكون للرجل والمرأة ، أبتداء من بلوغ سن الزواج ، حق معترف به في التزوج وتأسيس أسرة .
3 ـ لا ينعقد أي زواج الأ برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء كاملا لا أكراه فيه .
4 ـ تتخذ الدول الأطراف في هذا العهد التدابير المناسبة لكفالة تساوي حقوق الزوجين وواجباتهما لدى التزوج وخلال قيام الزواج ولدى أنحلاله وفي حالة ألاتحلال يتوجب أتخاذ تدابير لكفالة الحماية الضرورية للأولاد في حالة وجودهم )) ومن ألجمع بين النصين يتضح أن التركيز فيها استهدف عدة مسائل يمكن تفصيلها ويمكن جمعها في مسألة واحدة ، فتفصيلها ينبغي فيه الأشارة إلى : ـ
1 ـ رضا وحرية طرفي عقد الزواج . 
2 ـ بلوغهما سن الزواج . 
3 ـ لا يجوز أنعقاد عقد الزواج بالأكراه .
4 ـ الأسرة هي الخلية الطبيعية والأساسية في المجتمع . 
ويمكن أختصار كل هذا التفصيل بكلمة واحدة هي أن الزوج عقد بكل ما تعنيه هذه الكلمة من دلالات بمعناه القانوني الصرف ، ولكن هذه الكلمة بقدر ما فيها من أختصار فيها من التفصيل بقدر ما تثير من التسأولات لأن القول بأن الزواج مجرد عقد يتطلب التعرف على طبيعة هذا العقد أي هل أنه عقد مثله مثل بقية العقود أي يخضع للنظر يه العامة في الألتزامات أم أنه عقد ذو طبيعة خاصة وإذا كان عقد فهل هو عقد رضا ئي أم شكلي أي هل ينعقد بمجرد التراضي ام لابد من إجراء شكلي كالتسجيل مثلا أو أي إجراء أخر ذو طابع ديني واقامة طقوس دينية خاصة وإذا كان يسجل فوفق أي إجراء وعند أي جهة مدنية ( البلدية أو الأدارة المحلية ) أم قضائية ( المحاكم ) أم دينية ( رجال الدين ومكاتبهم والكنائس ) .
المستقر في التشريعات التي تعالج الزواج في الوقت الراهن أن هناك أختلاف جذري بين تلك التشريعات ففي الوقت الذي تنظم فيه التشريعات الغربية عقد الزواج بوصفه عقد مدنيا وتدرجه ضمن قوانينها المدنية وتوكله إلى قضائها المدني وتبسط إجراءات عقده إلى أبعد الحدود وتبسط إجراءات أنحلاله مثله مثل أي عقد أخر تصر التشريعات المتأثره بالفقه الإسلامي في البلاد العربية والإسلامية على معالجة هذا عقد معالجة خاصة تخرجه من كونه عقد مدنيا لا يخضع لما تخضع له بقية العقود من تحكم وهمينة لسلطان الأارة لا في طريقة صيرورته ولا في طريقة أنحلاله كما أن القضايا المتعلقة به لا تنظرها المحاكم المدنية أي أن عقد الزواج وينظم في الدول العربية والإسلامية بقانون يسمى قانون الأحوال الشخصية وتنظر المسائل المتعلقة به محكمة تسمى محكمة الاحوال الشخصية .
ولعله جدلا محتدما كان ولازال مستمرا إلى وقتنا هذا بين فريقين من الفقهاء يصر الأول على أن يكون عقد الزواج عقدا مدنيا مثله مثل بقية العقود ويجادل الفريق الثاني بأن عقد الزواج عقدا خاصا يجب أن ينظمه قانون خاص وتنظره محكمة خاصة وتسرب هذا الجدل الفقهي إلى التشريعات وتكرس فيها حتى بدى على وفق ما هو عليه الأن .
وجاء في المادة الثانية عشرة من الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان لسنة 1950 (( للرجل والمرأة في سن الزواج حق التزوج وتكوين أسرة وفقا للقوانين الوطنية التي تحكم ممارسة هذا الحق )) ثم عادت المادة التاسعة من ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوربي لسنة 2000 لتعيد صياغة الحق في الزواج باسلوب مغاير (( يكفل الحق في الزواج والحق في تكوين أسرة وفقا للقوانين المحلية التي تحكم ممارسة هذه الحقوق )) وهذا يعكس التطور الذي حصل في مفهوم عقد الزواج وليس أدل على ذلك من أن كلمة بين رجل وامرأة وأكتفت بأن القوانين المحلية التي تحكم ممارسة هذه الحقوق ويذكر أن قوانين العديد من الدول الأوربية سمحت بزواج المثليين من الجنسين وبالتالي تحول عقد الزواج من عقد بين رجل وامرأة كتعريف رسمي منصوص عليه في الاتفاقية الأوربية وفي قوانين الدول الأوربية في حينها الى عقد زواج بين مثليي الجنس وأن بقى النص الأخير يشير الى الأسرة ولكنه لم يصرح بأن هذه الأسرة هي الوحدة الطبيعية للمجتمع ، أي وحدة أنشاء النسل وديمومة المجتمع والحياة وفي هذا أشارة واضحة ودليل واضح الى ما كنا أشرنا إليه من شمول في القوانين الأوربية تجاه رابطة الزواج وجاء في المادة السادسة من الإعلان الأمريكي لحقوق وواجبات الإنسان لسنة 1948 أنه (( لكل شخص الحق في تكوين أسرة ـ العنصر الأساسي للمجتمع ـ والحصول على الحماية لها )) وهي صياغة مبهمة لا يفهم على وجه الدقة موقفها من حق الإنسان بالزواج ولم تذكر كلمة الزواج ثم عالجت المادة 17 الموضوع بتفصيل واضح إذ نصت على (( 
1 ـ الأسرة هي وحدة التجمع الطبيعية والأساسية في المجتمع وتستحق حماية المجتمع والدولة .
2 ـ أن حق الرجال والنساء الذين بلغوا سن الزواج في أن يتزوجو أو يؤسسو أسرة ، هو حق معترف به إذا أستوفوا الشروط التي تحددها القوانين المحلية طالما أن هذه الشروط لا تتعارض مع مبدأ عدم التمييز الذي تقره هذه الاتفاقية .
3 ـ لا ينعقد أي زواج إلا برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء كاملا لا إكراه فيه .
4 ـ تتخذ الدول الأطراف التدابير المناسبة التي تضمن للزوجين مساواة في الحقوق وتوازنا ملائما في المسؤوليات عند التزوج وخلال فترة الزواج وعند أنحلاله إذا حصل . وفي حال أنحلال الزواج يحتاط لتوفير الحماية اللازمة للأولاد على أساس مصلحتهم المثلى وحسب .
5 ـ يعترف القانون بحقوق متساوية لكل من الأولاد الشرعيين ( الذين يولدون ضمن نطاق الزوجية ) والأولاد غير الشرعيين ( الذين يولدون خارج نطاق الزوجية ) 
أن الصياغة الواردة في المادة أعلاه تتطلب التوقف مليا وأستباط أحكاما في غاية الأهمية منها :
1 ـ أنها المادة الأولى في كل المواثيق الدولية والأقليمية التي لا تكتفي بالحديث عن حق الإنسان في الزواج وحسب وأنما عن حقه في الطلاق أي أنها تحدثت عن أنشاء هذه الرابطة بوصفه حق للإنسان وأيضا عن حقه في أنهائها وهو الحكم الأول في هذا الميدان وهو حكم ولا شك جاء موفقا ملتفتا الى قضية هامة من قضايا الزواج وهي إنحلال هذه الرابطة مع الاخذ بالحسبان ما نصت عليه بعد ذلك المادة الخامسة من البروتوكول الرابطة رقم 7 الملحق بالاتفاقية الأوربية الذي صدر في 22 نوفمبر 1984
2 ـ وردت صيغة الرجال والنساء بصيغة الجمع وبذلك اختلفت عن الصيغة الواردة في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي وردت بصيغة المفرد والتي كانت قاطعة الدلالة على أن المراد برابطة الزوجية هي علاقة بين رجل من جهة وامرأة من جهة أخرى أما هذه الصيغة فأنها تفتح الباب لأكثر من تفسير .
3 ـ ساوى النص بين حقوق الأولاد الشرعيين أي الأولاد أثناء قيام حالة الزوجة وكذلك الأولاد الذين يتم أنجابهم قبل قيام حالة الزوجة أو بعد أنحلالها . ويبدو للوهلة الأولى أن النص على المساواة في الحقوق بين الأولاد هو القضاء على التمييز من حيث الجنس أي بين الذكور والأناث من حيث حصة كلا منهم . ولكن التفصيل الذي جاء بعد ذلك أزال هذا الغموض وأكد أن المساواة المنشودة هي المساواة بين الأولاد الشرعين وغير الشرعين وهو حكم جديد لم ينص عليه لا في المواثيق الدولية ولا حتى في الاتفاقية الأوربية .
ولم يرد في الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب لسنة 1981 أي أشارة للحق في الزواج رغم أن المادة الثامنة عشرة أشارت الى حقوق الأسرة . 
وتجدر الاشارة إلى ان القانون الذي يتحدث عن العائلة وقضايا العلاقات العائلية قديم . وبسبب العلاقات الوثيقة بين الزواج والعائلة من جهة ، والأديان والثقافات والتقاليد في الدولة من جهة أخرى ، قامت كل دولة عبر تاريخها بوضع قوانينها للعلاقات العائلية بعناية فائقة . لذلك ظل القانون ( الدولي ) بالنسبة للعلاقات ( العائلية ) متناقضا في الحقيقة .
وقد أصبح ابرام المعاهدات التي تنظم هذا القانون ضروريا مع ظهور مشاكل نزاعات قانونية بين الدول حول قضايا متنازع عليها ناشئة بين أزواج مختلفي الجنسية . ومثال على هذا ميثاق تنظيم نزاعات القوانين والتشريع في مسائل الطلاق والانفصال ، الموقع في لاهاي في حزيران / يونيو عام 1902 . وتناولت معاهدات لاهاي الأخرى المبكرة تنازع القوانين في دولتين لزوجين اثنين ورعايتهما لقاصرين قانونيا ( 1902 ) ، والملكية ، في حال انحلال الزواج ( 1905 ) . وتناولت قوانين معاهدات أخرى علاوات نفقة ( 1931 ) ، جنسية النساء ( 1933 ) ، ومجموعة نزاعات أخرى يمكن حلها فقط بنصوص المعاهدات .
ولقد تأكد حق الانسان في العائلة كحق دولي أولا في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 بعد مفاوضات طويلة وحساسة . لكن ، وفي مجالات كثيرة من العلاقات المنزلية والعائلة ، سيتقدم التناغم ببطء بين قانون البلديات المحلي لدول عديدة مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان . والاستثناءات هي القرارات حول العائلة وقانون العلاقات المنزلية التي تقع تحت سلطة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والمحكمة الأمريكية الداخلية لحقوق الإنسان . إن قرارات تلك المحاكم ملزمة ويجب أن تطبقها الدول الأطراف في قوانين حقوق الإنسان الأوروبية والأمريكية . 
وترتبط بحقوق الأسرة حقوق وواجبات الأبوة وقد لاحظ المجلس الاقتصادي والاجتماعي سنة 1955 تبني بعض الأنظمة القانونية لمبدأ يحصر السلطة الأبوية أو يجعل هذه السلطة في المرتبة الأولى من حق الزوج ولا يوجد أي حق للزوجة في مباشرتها وان حضانة الأطفال في حالة انتهاء الزواج تكون للزوج بصرف النظر عن ظروف القضية ، ورأى المجلس ان هذا الوضع لا يتفق مع مبدأ المساواة بين الزوجين وأوصى الدول الأعضاء باتخاذ تدابير تضمن تحقيق المساواة بين الأب والأم في مباشرة الحقوق والالتزامات تجاه الأفراد وهذه تشمل المساواة في مسائل حضانة الأطفال القصر وتعليمهم ورعايتهم وإدارة أموالهم سواء عند الزواج أو أثنائه أو بعد الانفصال . 
ان المبدأ في القانون الدولي العام هو صلاحية البعثات الدبلوماسية والقناصل في أبرام عقود زواج مواطنيهم إذا سمحت بذلك قوانين الدولة المعتمدين لديها باعتبار أن الزواج يخضع لقانون محل ابرامه . وقد كرست المادة 5 من اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية الموقعة في 24 نيسان 1963 هذا المبدأ لكنها أشترطت لقيام الموظفين القنصليين بمهام الأحوال المدنية عدم معارضة قوانين الدولة المعتمدين لديها وأنظمتها . 
ومن التطبيقات القضائية لحق الانسان في العائلة الحكم الصادرفي قضية كود واين ضد حكومة المملكة المتحدة لسنة 2002 حيث قدمت المدعية طلب للمحكمة الأوربية لحقوق الإنسان على أساس أن هناك انتهاك للمادة 12 من المعاهدة الأوربية الخاصة بالحق في الزواج وأوضحت المدعية أنها تعيشا حياة طبيعية مع رجل ولكنها على الرغم من ذلك فأنها لا تستطيع أن تتزوجه لأن القانون لازال يعاملها بوصفها رجل رغم أنها إجرت عملية تحويل جنس وأشارت المدعية الى أن الاعتماد على المعيار البايلوجي لتحديد الجنس وأستثناء بقية العوامل يشكل انتهاكا للمادة 12 . ولكن الحكومة البريطانية ردت بأن المادة 12 وكذلك المادة 8 لا تتضمن نصا يتيح لمتحولي الجنس بالزواج من شخص له نفس جنسهم الأصلي قبل التغيير وأن هذا الأمر ذو طبيعة ملزمة وفقا لما يراه مجلس اللودات أضف الى ذلك أن القول بأجازة مثل هذا الزواج سيؤدي الى نتائج غير مرغوب بها ولذلك فأن إجراء أي مراجعة دقيقة وسابقة لأي تغيير في هذا النطاق تكون على درجة كبيرة من الأهمية وأن هناك حاجة ملحة لأجرائها .
لقد وجدت المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان أن إجراء أي تغيير في الجنس لغرض الزواج من جنس أخر لا يشكل انتهاكا للمادة 12 من الاتفاقية وأن الاحكام التي صدرت من القضاء الأنكليزي كانت تستند على أساس أن الحق في الزواج يشير الى الزواج بمعناه التقليدي أي علاقة بين شخصين مختلفي الجنس بيلوجيا ولكن اعتماد الرأي القائل بأستمرار تبني مبدئيا بيلوجيا صرفا في القانون الداخلي لتحديد جنس الشخص لأغراض الزواج لا يتلائم مع ما ترك للسلطات الداخلية للدول المتعاقدة لتتولى تنظيمه وفق قوانينها الداخلية . أن ممارسة حق الزواج وأستنتاج أن القوانين الداخلية في هذا المجال تؤكد بأنه لا يمكن عدها بمثابة قيود تحد من حق الأشخاص في إجراء عمليات تحويل الجنس لغرض الزواج . ولقد أشارت المحكمة أيضا الى العبارات الواردة في المادة 12 والتي تهدف لحماية حق الزواج كقاعدة للأسرة . ولكن المحكمة ركزت على العبارات الواردة في المادة 12و أشارت في صدر المادة الى حق الرجل والمرأة في المساواة في الزواج وأشارت في عجز المادة الى الحق في تأسيس وأنشاء أسرة ولكن ليس هناك ثمة ترابط بين الحقين أو بعبارة أخرى ليس الحق في تكوين وأنشاء أسرة شرط وقيد على الحق في الزواج بل أن كلا منهما حق قائم بذاته فقد يتزوج الرجل من المرأة ولكن لا يرزقان بأطفال فالحق في الزواج يبقى قائما يصرف النظر عن نتيجة هذا الزواج وهو أنشاء أسرة . وأضافت المحكمة الأوربية أنه إذا كان من المسلم به أن الحق في الزواج تنشاء عنه نتائج أجتماعية وأقتصادية وقانونية وشخصية وأنه بناء على ذلك يجب أن يترك للقوانين الداخلية للدول لتتولى تنظيمة ولكن ترك عملية تنظيم الحق للقوانين الداخلية لا يعني بأي حال من الأحوال أطلاق يد تلك القوانين لتفرض عليه قيودا تخرجه من محتواه . وإذا كان من الصحيح القول أنه لا محل للأجتهاد أمام النصوص التي كانت قائمة في حينها والتي تتحدث بشكل لا يقبل الجدل عن أن الزواج علاقة بين رجل وامرأة ولكن الأصح أن تطور دراماتيكي هائل قد حدث في هذا المجال ولذلك فالمحكمة ترى أن الاعتماد على الفحص الباليوجي بمفرده سوف لا يلغي الاعتراف القانوني الذي ناله الشخص بعد إجرائه عملية جراحية لتبديل جنسه بل يعد ذلك أيضا انتهاكا للمادة الثامنة الخاصة بالحق في الخصوصية وقد أشارت المحكمة بوضوح الى صياغة المادة التاسعة من الميثاق الاوربي للحقوق الأساسية لسنة 2000 التي لم يرد فيها ذكر لتحديد جنس من يتمتع بحق الزواج ولم تشترط أن تتم هذه العلاقة بين رجل وامرأة وبناء على ذلك وجدت المحكمة الأوربية أن الحكم الصادر من القضاء الأنكليزي في هذه القضية يعد انتهاكا للمادة 12 من الاتفاقية الأوربية . 
وتتضمن الشريعة الاسلامية نظاما متكاملا يقدس رابطة الاسرة والزواج اذ جعل الإسلام الزواج وسيلة لربط الرجل بالمرأة ، وقضى على فوضى الجاهلية في الأمور الجنسية ، ورفع من شأن المرأة وأبعدها عن أن تكون مجرد متعة .
قال تعالى : (( ومن آياته ان خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة )) . ( سورة الروم ـ آية 21 ) .
فقال (( لتسكنوا اليها )) أي لتطمئنوا . . . ولم يقل (( لتتمتعوا . . . أو لتتلذوا )) فالمرأة وسيلة للطمأنينة والراحة والود الذي يجعل الرابطة قوية بين الرجل والمرأة . 
ومن أثار عقد الزواج في الشريعة الإسلامية حق الطاعة للزواج على زوجته قال تعالى (( واللاتي تخافون نشوزهن : فعظوهن ، وأهجروهن في المضاجع ، وأضربوهن ، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا )) . ( سورة النساء ـ الآية 34 ) ، والطاعة في الآية مطلقة . ومقتضى إطلاقها وجوبها في كل ما يأمر به الزوج وينهى عنه ، ويرغب فيه وينفر منه ، ومقتضى ذلك تحقق النشوز في كل خروج عن الطاعة .
ونحن نعلم أن الشارع المقدس لم يرد الإطلاق ، فقد حددت السنة دائرة حق الطاعة بتحديد ما تجب الطاعة فيه ، وهو ما يتحقق النشوز الطاعة فيه ، وليس مطلق عدم الطاعة .
أن التكليف الأصلي الذي ينشأ من عقد الزوجية هل هو وجوب الطاعة أو حرمة النشوز ؟ .
فإن كان التكليف الأصلي هو وجوب الطاعة ، فمقتضى الأصل العلمي عند الشك هو الإحتياط بالطاعة في كل ما يشتبه أنه فرد من الواجب ويصدق عليه عند العرف أنه طاعة.
ولا يرد على هذا أنه من الشك في الأقل والأكثر ، وفيه يكتفي بالإقتصار على الأقل ، لجريان البراءة في هذا المورد من الزائد على القدر المتيقن الذي هو الأقل .
وذلك لأن الواجب هنا ليس إنحلاليا ليكون من موارد الأقل والأكثر الذي تجري البراءة من الزائد على القدر المتيقن منه ، بل الواجب تحصيل عنوان بعينه ، فالشك في كل مورد يكون من الشك في المحصل الذي يجب فيه الإحتياط لتحصيل اليقين بفراغ الذمة .
وإن كان التكليف الأصلي هو حرمة النشوز ، فمقتضى الأصل العملي عند الشك هو البراءة الشرعية والعقيلة ، إذ في كل مورد من موارد الطاعة يشك في تحقق النشوز المنهي عنه بترك الطاعة فيه ، فالشك فيه من الشك في أصل التكليف ، في مورد وضعه بيد الشارع ، وفي رفعه منه وتيسير ، فأركان البراءة الشرعية والعقلية موجودة ، فتجري في مورد الشك على هذا التقدير .
ولا يقال هنا : إن في جريان البراءة بالنسبة إلى الزوجة خلاف المنة بالنسبة إلى الزواج .
فإنه يقال : إن البراءة لا تضيق على الزوج سلطة قائمة ، ومن ثم فلا تدخل عليه نقصا ، بل تمنع عن توسعة سلطانه على الزوجة ، وهذا ليس ضررا فليس مخالفا للمنة بالنسبة إليه .
هذا بالنسبة إلى الزوجة في مقام الشك .
وأما بالنسبة إلى الزوج ، فلا فرق في مقتضى الأصل بين كون التكليف الأصلي هو وجوب الطاعة وبين كونه حرمة النشوز .
وذلك لأن كل مورد يشك الزوج في كونه من حقوقه الواجبة الأداء شرعا ، يحرم عليه طلب الطاعة من الزوجة فيه ، ويحرم عليه ترتيب آثار النشوز على عدم طاعتها فيه .
وذلك لأن مقتضى الأصل الأولى في باب الولايات هو عدم ولاية أحد على أحد ، وعدم وجوب الطاعة على أي إنسان لإنسان آخر .
ولا يخرج عن هذا الأصل الأولى إلا بدليل مقيد معتبر شرعا ، يدل على ولاية إنسان على آخر في مورد بعينه أو مطلقا .
وفي مقامنا ـ بعد العلم بعدم إرادة الشارع الإطلاق من الآية سواء كان التكليف الأصلي هو حرمة النشوز أو كان وجوب الطاعة ـ يتعين على الزوج الإقتصار في أوامره ونواهيه لزوجته ورغباته منها على القدر المتيقن .
فلا يجوز له أمرها أو نهيها في الموارد المشكوكة ، ولا تجب عليها طاعة أوامره ونواهيه ورغباته في هذه الموارد .
الظاهر من الآية المباركة أن التكليف الأصلي المبين فيها هو حرمة النشوز وليس وجوب الطاعة .
فليس فيها أمر صريح أو ضمني بالطاعة ، لأنه لو كان للزم أن تخاطب به الزوجة ، وليس في الآية ذكر للزوجة باعتبارها مأمورة ، بل يفهم من الآية أنها منهية عن محرم .
والخطاب في الآية للرجال ـ الأزواج ، وهذا هو منطوقها الصريح : ( تخافون . . . فعظوهن واهجروهن . . واضربوهن . . فإن أطعنكم . . ) ، وذلك لبيان ما للأزواج أن يردوا به على نشوز الزوجات في ـ حالة الخوف منه بظهور إماراته ـ بالوعظ والهجر في المضاجع ، وبالضرب في حالة تحققه وتلبس الزوجة به .
فإذا إرتدعت الزوجة عن إرتكاب المحرم وهو النشوز ، لم يكن للزوج أن يعاملها بالوعظ والهجر والضرب ، بل تعود العلاقة بين الزوجين إلى حالة الإستقامة من الطرفين : ( فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ) .
وهذا يكشف عن أن التكليف الأصلي المبين في الأية هو حرمه النشوز وهذا يكشف عن أن التكليف الأصلي المبين في الأية النشوز لا وجوب الطاعة ,
وعلى هذا ، فما ورد في الروايات مما ظاهره وجوب الطاعة على الزوجة هو منتزع عن حرمة النشوز ، وليس تكليفا أصليا للزوجة بالطاعة .
كما أن من حقوق الزوج على زوجته حق الاستماع وقد ورد هذا التعبير على ألسنة الفقهاء في مقام بيان حق الزوج على الزوجة ، ولم يرد في الروايات الخاصة بالمسألة ، فالظاهر أن الفقهاء قد لخصوا كل ما ورد في شأن الجانب الجنسي من العلاقة الزوجية بهذا التعبير .
والظاهر من الفقهاء أن حق الإستمتاع واسع يشمل جميع مظاهر العلاقة الجنسية من النظر واللمس والتقبيل والمداعبة وما إلى ذلك إلى الوطء الكامل ( العملية الجنسية الكاملة ) .
فللزوج حق مطلق في هذا الشأن لا يقيده إلا المانع الشرعي .
وقد عبر الفقهاء عن هذا الحق للزوج على الزوجة ـ بالنسبة إلى الزوجة ب( التمكين ) ، فيجب عليها أن تمكنه من نفسها تمكينا مطلقا ليستمتع بها على النحو الذي يريده ، فلا يجوز لها أن تمنعه نفسها في هذا الشأن إلا إذا كان ثمة مانع شرعي من الإستمتاع بها . والمانع الشرعي على قسمين : قسم يتصل بتكاليف المرأة من الواجبات والمحرمات الشرعية ، وقسم يتصل بالقدرة الجسدية .
أما القسم الأول فهو في حالتين :
إحدهما ـ الحيض والنفاس ، فيحرم عليه خصوص الوطء ، ويحل له ما عدا ذلك من الإستمتاعات . ويحرم عليها تمكينه من الوطء ، ويجب عليها تمكينه مما عدا الوطء .
ثانيها ـ الواجبات العبادية ( الصوم الواجب : فريضة أو قضاء مضيقا ، وصيام الثلاثة أيام في الحد لمن وجبت عليه ، وحالة الإحرام بالعمرة والحج على تفصيل مذكور في محله .
ويحل له ما عدا الوطء من وجوه الإستمتاع ) .
ويلحق بهذا القسم فترة أداء صلاة الفريضة .
وأما القسم الثاني : 
فهو كل حالة صحية تجعل المرأة غير مؤهلة لممارسة العملية الجنسية ، بأن يكون في ممارسة الجنس ضرر أو حرج عليها ، فإن أدلة نفي الضرر والحرج حاكمة على أدلة حق الإستمتاع .
وفيما عدا الموانع الشرعية بقسميها ، يثبت ـ بمقتضى عقد الزوجة ـ لزوج على زوجته حق الإستمتاع الكامل في أي وقت يشاء الزوج وفي أية ظروف .وكذلك يثبت للزوج على زوجته بمقتضى عقد الزواج حق المساكنة ويعني هذا الحق أن على الزوجة أن تسكن حيث يسكن زوجها وأن يكون المسكن بحسب حاله وإمكانه ، وأن تساكنه فيه بحيث تحصل من لبثها في البيت مع زوجها ( حالة المعية ) فيصدق عليها أنها ساكنة مع زوجها . والأصل في كل ذلك قوله تعالى : ( سورة الطلاق ـ الآية 6 ) .
(( أسكنوهن من حيث سكنتم ، من وجدكم ، ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن )) .
فوجوب السكن عليها يدل عليه الأمر باسكانها ، وشأنية المسكن يدل عليها قوله ( من وجدكم ) واعتبار حصول حالة المعية يستفاد من معنى المسكن الزوجي الذي تدل عليه الآية ، مع صحيحة نتج العرف في هذا الشأن . واستفادة هذه الأمور من الآية الكريمة في المساكنة الزوجية بالنسبة إلى الزوجة الفعلية ، وإن كانت الآية واردة في سكن المطاقات ، من جهة أن وجوب إسكان المطلقة وسكيناها ، ثابت بطريق أولى للزوجة الفعلية . إذ لا نتعقل عرفا كون المطلقة تختص بهذا الحكم .
والظاهر ـ والله تعالى أعلم بحقائق أحكامه ـ أن ذكره في شأن المطلقة في العدة لدفع توهم أن الزوجة يسقط حقها في السكن وواجب السكن عليها إذا طلقت ، لإنفكاك علقة الزوجية .
وعلى أي حال ، فإن الأمور التي ذكرناها هي التي يتصرف إليها إطلاق العقد ـ بملاحظة الآية المباركة . إلا أن يخيرها الزوج في المسكن ، فلها ما تختاره ، أو تشترط في متن العقد السكن عند أهلها أو في مسكن مستقل عن الزوج ، فاذا قبل بالشرط تعين عليه الإلتزام به ، كما هو الحال فيما لو اشترطت غير ذلك من الخصوصيات في شأن المسكن أو غيره من الشروط الصحيحة . 
ولما كان الزواج هو أهم شيء وأخطره في حياة الرجل والمرأة فقد أعطيت فيه من الحقوق ماعطى للرجل وأدلتنا وبرهيننا من سنة سيدنا رسول الله - ص - وأقواله . . وحين يشيد رسول الله - ص - بالمرأة الصالحة ويدعو الى التنقيب عنها في كل مكان : لا يغفل أمرالرجل الصالح بل ويدعو المرأة وولي أمرها الى البحث والتنقيب عن الزوج الصالح والبعد عن الفاسقين والفاسقات ، ولم يلزم مطلقا امرأة بالزواج من رجل لاتطيقه أو رجل يعمل عملا غير صالح فيقول سيدنا رسول الله - ص - : (( اذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه الا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير )) رواه الترمذى عن أبى هريرة ، ولأ بي داود في المراسيل : (( اذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه )) ، ومراجعة يسيرة لكتب الحديث الصحيحة نجدها ملآى بالأحاديث الشريفة التي تحث على ان يكون زواج المرأة برضاها وتحظر أن تزوج البالغ العاقلة بغير رضاها ، فان كانت بكرا فاذنها صماتها كما نص الحديث الشريف المتفق عليه ، وان كانت ثيبا فلا بد من قبولها نطقا ولفظا باللسان لأن الحياء يغلب على البكر فتتعثر في الكلام أو تربأ بنفسها عن تصريح ، وأما الثيب فقد زال عذرها بعد التجربة الأولى او الثانية ، فقد ورد عن سيدنا رسول الله - ص - أن النساء يستأمرن في أبضاعهن وان الثيب يعرب عنها لسانها وأما اشتراك ولى الأمر في اختيار الزوج فمن باب الاستئناس برأيه لانه أعلم بأمور الناس وأكثر تجربة ، والمرأة أقل منه اطلاعا على الأحوال العامة ، وقد روى أن فتاة من الأنصار دخلت على عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها وشكت اليها أباها قائلة : إن أبى يريد أن يزوجني من أبن أخيه ليرفع بى خسيسته فأمرتها أن تنتظر قدوم الرسول - ص - وتبثه أمرها ، فلما حضر - ص - وقصت عليه الفتاة ما كان من أمرها ( جعل رسول الله - ص - الأمر اليها ) ، فقالت الفتاة : يارسول الله قد أجزت ما صنع أبى وانما أردت أن أعلم النساء أنه ليس الى الآباء في هذا الامر من شيء ، أي ليس لهم اجبار بناتهم على الزواج ممن لا يرتضينه ، رواه أحمد والنسائى من حديث بن بريدة ورواه ابن ماجه من حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه ولقد قرر الفقهاء أن ولى البكر اذا كان أبا أو جدا فأمره ماض لأنه بعيد عن الاتهام بسوء الاختيار ، وقرر الامام أبو حنيفة رضى الله عنه أن للمرأة أن تزوج نفسها متى شاءت بشرط أن يكون زوجها كفؤا لها كفاءة شرعية وليس لوليها حق الاعتراض الا اذا فقدت تلك الكفاءة وذلك حفاظا عليها وعلى حقوقها قبل من اختارته زوجا ، ومنع الاسلام عضل النساء أي منعهن من الزواج مطلقا وتلك كانت عادة جاهلية ، قال الله تعالى : (( ياأيها الذين آمنوا لايحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن )) ( سورة النساء ـ الآية 19 ) ، وقد روى البخاري بسنده الصحيح المتصل عن معقل بن يسار قال : (( كانت لى أخت تخطب الى ( أي يخطبها الرجال منى ) فأتاني ابن عم لي فأنكحتها اياه ثم طلقها طلاقا له رجعة ثم تركها حتى انقضت عدتها فلما خطبت الى ـ أي من رجل غير ابن عمها ـ أتأتى ـ ابن عمها ـ أي زوجها الأول ـ يخطبها فقلت : لا والله لا أنكحها لك أبدا ، قال ففي نزل قول الله (( واذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن اذا تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر ذلك أزكى لكم وأطهر والله يعلم وأنتم لا تعلمون )) ( سورة البقرة ـ الآية 232 ) .
والمتأمل في تعاليم الاسلام الصريحة الصحيحة في بدء العلاقة الزوجية يجده قد وضعها في أكرم موضع وأجله وحاطها بما يسعدها كل السعادة لانها منبت الأسرة الاسلامية ومنشؤها فهي مكان التراحم والمحبة والتواد والتعاطف في أسمى صوره وأعزها ، فالزوجان المتكافئان شرعا في كل شيء لا توجد بينهما ثغرة ينفذ منها خلاف أو يدب نفار أو يحل شقاق ، فأساسها التقارب في المنشأ والوضع الاجتماعي والثقافة ، وكما قويت تلك العوامل مع فورة الشباب وقوة البدن وسلامته كلما ازاداد التلاحم بين الزوجين واندمجا كلية في مسلك حياة متحد ، وتأمل مدرك لمعاني الآيات الكريمة الواردة في تنظيم أساس الأسرة يعطي تصورا كاملا لما يريده الاسلام لها من السعادة واقصاء عوامل الشقاق بعيدا عنها ، قال الله تعالى : (( ومن آياته ان خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون )) ( سورة الروم ـ الآية 21 ) . فجعل سبحانه الزوجة من جنس زوجها ليأنس اليها وألقى بينهما المودة والرحمة لتدوم حياة الأسرة على أحسن نظام وأكمله وأقواه ثباتا واطرادا ، فهي حياة مبنية دعائمها على الحكمة والمصلحة ، ولم توجد هكذا على هذا الوضع عبثا أبدا ، وانما خلقت لأغراض كثيرة متنوعة تحتاج لا دراكها الى اعمال الفكر مع الذكانة والعقل الراجح ، وقال جل شأنه : (( هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن اليها . . )) ( سورة الأعراف ـ الآية 189 ) . أي هو الله الذي خلقكم أيها الرجال والنساء من جنس واحد وجعل زوجة الرجل من جنسه فكانا زوجين ذكر وأنثى . . كما ورد في آية أخرى : (( ياأيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله أتقاكم ان الله عليم خبير )) ( سورة الحجرات ـ الآية 13 ) . 
فاتحاد المنشأ يوجد الحب المقوي للترابط الكريم ويزكي التراحم المتبادل الحارس لذلك الحب ، وينتج عن ذلك الاندماج الكياني والاتفاق العاطفي وتأصيل الأواصر لقاء يثمر بقاء الحياة ودوام الوجود واستمرار التجدد وفورة الحضارة ممثلا ذلك في الأ بناء الذين هم أعز وأثمن شيء يحرص عليه الآباء ، فاذا كان الوالدان متحابين على قلب انسان واحد ، نشأ الاولاد متحابين في هذا الوسط الهادئ المتكامل المتعاون الذي يضمن للوجود استمراره وتطوره الى الأفضل فالأسرة هي المكان المقرر المهيأ تهيئة طبية لتحصين الصغار ضد كل الأخطار التي تحيط بمجتمعهم ، ومساعدتهم على تكوين الارادة القوية الصامدة لصدمات المستقبل ، ومما لا ريب فيه أن مرجع نجاح كثير من قادة البشرية الى تكوين الأسرة تكوينا كريما متناصرا في كل مسالك الكمال ، متعاضدا في دفع الشرور التي تقترب من ساحة أسرهم وكثيرا ما كان اختلاف الوالدين مصدرا سيئا لسلوك الأطفال . 
فالزواج في الإسلام هو ميثاق ترابط شرعي بين الرجل والمرأة على وجه البقاء غايته العفاف والسكينة وتكوين خلية صالحة لمجتمع صالح وقد أقر القرآن الكريم حرية الزواج بواحدة فأكثر الى اربعة ، غير ان هذه الحرية ليست مطلقة وانما هي مقيدة بقيود ، أهمها : تطبيق العدالة في التصرف والمعاشرة مع الزوجة ، والمكنة البدنية للمعاشرة والمالية للانفاق ، وبخلاف ذلك يجب الاقتصار على واحدة كما نص القرآن على ذلك في قوله تعالى (( فانكحوا ما طاب لكم مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ان لا تعدلوا فواحدة )) ( سورة النساء ـ الآية 3 ) .
وكما ذكرنا الزواج ميثاق بين الزوجين بمقتضاه يكونان شركة روحية رأسمالها الحب المتبادل والاحترام المتقابل والسكينة والرحمة والمودة ، وارباح هذه الشركة هي تكوين جيل جديد صالح لعضوية المجتمع يساهم في تطوير حضارته باستثمار ما يرثه من الاباء والاجداد مما يتعلق بتطوير الحياة في جميع مجالاتها .
ومن هذا المنطلق يتبين لنا ان الغريزة الجنسية للبشرية لم تخلق لتكون غاية في ذاتها وانما هي وسيلة لغاية أسمى وهي بقاء سلالة بني الانسان ، لكن تفرعت عن هذه الغريزة ثلاث غرائز فرعية ، وهي :
1 ـ الغريزة الشهوانية الحيوانية والمادية بين الرجل والمرأة تلك هي الفتنة التي تجذب الذكر والانثى بعضهما الى بعض .
2 ـ غريزة العاطفة الزوجية المهذبة او الحب المعنوي بين الجنسين عن طريق الكيان الزوجي .
3 ـ غريزة الحب العائلي الذي يربط بين الزوجين من جهة وبينهما وبين الأولاد من جهة ثانية .
ومن هنا يتضح لكل ذي عقل سليم ان التعدد يكون لأسباب ، أهمها ما يلي :
1 ـ قد تصاب الزوجة بما يمنعها من القيام بالواجبات الشرعية كالمرض والشيخوخة ونحوهما ، بينما الزوج لا يزال يتمتع بالمكنة الذاتية التي تجعله لا يتحمل الحرمان من المعاشرة الزوجية ، فأمامه أحد الامرين : أما الانحراف الى السلوك الجنسي اللامشروع أو طلاق الزوجة المصابة بالمرض المانع من المعاشرة الزوجية ، وكلاهما مرفوض في ميزان الشريعة الإسلامية ، لذا يباح له الزواج بأكثر من واحدة لسد هذا الفراغ .
2 ـ قد يكون للزوج شذوذ جنسي بحيث لا يكتفي بزوجة واحدة وبوجه خاص ان للزوجة العادة الشهرية فخلال هذه العادة تكون المعاشرة محرمة حفاظا على صحة الزوجين كما قال سبحانه وتعالى (( ويسألونك عن المحيض قل هوأذى ، فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن ، فاذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين )) ،( سورة البقرة ـ الآية 222 ) ، ولذا أباح له الشارع الزواج من زوجة أخرى حذرا من الوقوع في الخطأ .
3 ـ قد تصاب الزوجة بالعقم ولا تصلح للإنجاب وقد قال تعالى (( المال والبنون زينة الحياة الدنيا )) ، ( سورة الكهف ـ الآية 46 ) ، ولتعويض الزوج عن حرمانه من هذه الزينة أقر القرآن الزواج بأكثر من واحدة .
4 ـ قد تكون طبيعة عمل الزوج أو مركزه الاجتماعي تتطلب اكثر من زوجة واحدة كما نشاهد هذه الحقيقة في الحياة العشائرية وفي المجتمعات المهتمة بالثروة الحيوانية والتنمية الزراعية ، وهذا من أحد أسباب إباحة الشارع لتعدد الزوجات لعدم كفاية زوجة واحدة أو زوجتين في مثل هذه المجتمعات .
5 ـ قد تقل رغبة الزوجة عادة في المعاشرة الزوجية بعد انجاب الاولاد بينما يبقى الزوج على نشاطه وحيويته الجنسية ، فله الزواج من زوجة أخرى .
6 ـ قد يقل عدد الرجال بالنسبة الى النساء بسبب ظروف الحرب أو طبيعة البيئة أو نحو ذلك ، فالعدالة تتطلب الزواج بأكثر من واحدة لانقاذ الارامل اللاتي فقدن أزواجهن بسبب الحروب او غيرها من حرمانهن من التمتع بالحياة الزوجية والمعاشرة بطريقة مشروعة بدلا من الانحراف الجنسي غير المشروع .
7 ـ قد يطلق الرجل زوجته لسبب ما فيتزوج من اخرى ثم يرى ان من المصلحة استئناف الحياة الزوجية مع الزوجة السابقة المطلقة فيرجعها بدون عقد اذا كان الطلاق رجعيا ولم تنته عدتها بعد أو بعقد جديد إذا كان الطلاق بائنا او العدة منتهية ، فاذا لم يسمح بتعدد الزوجات فيضطر ان يطلق الزوجة الجديدة حتى يستأنف العلاقة الزوجية مع مطلقته .
8 ـ حدد الشارع الحكيم الحد الاعلى للتعدد باربع لتجنب الافراط المذموم شرعا وعقلا لان هذا هو اكبر عدد يمكن معه تحقيق العدل بين الزوجات في الحقوق والالتزامات بعيدا عن الظلم المادي أو المعنوي بحقهن .
9 ـ أمر القرآن الكريم بالاقتصار على واحدة في جميع الاحوال اذا كان التعدد مؤديا الى الظلم بحق الزوجة السابقة أو اللاحقة او كلتيهما ، كما نص على ذلك القرآن في قوله تعالى (( فان خفتم ان لا تعدلوا فواحدة )) ( سورة النساء ـ الآية 22 ) أي اقتصروا على زوجة واحدة في حالة ظنكم بعدم استطاعتكم لتطبيق العدالة بين الزوجات في حالة التعدد .
أقر القرآن الكريم حق حرية الطلاق للزواج ثلاث مرات وللزوجة إذا فوضت به من قبل الزوج وللقاضي إذا كانت هناك ضرورة تقتضي ذلك .
والقرآن أقر حق حرية الزوج في تطليق زوجته غير ان هذه الحرية ليست مطلقة ، وانما هي مقيدة بان يكون آخر حل للمشكلة العائلية ، فالزواج ـ كما ذكرنا ـ ميثاق لا يشبه أي ميثاق او عقد آخر ، فمحل الزواج ليس حقا ماليا ماديا وانما هو حل تمتع كل من الزوجين بالاخر ، والاثار المترتبة عليه ليست حقوقا مادية وانما هي رحمة ومودة وسكينة ووئام وإنسجام وحب متبادل وشركة في السراء والضراء ، والغاية المقصودة من انشائه ليست كسب ربح مالي او درء خسارة مادية ، ولكن على الرغم من هذه الاهمية والخطورة للزواج فانه قد لا يحظى بنجاح فقد يخون البصر ويخدع الشعور في اختيار شريك أو شريكة الحياة ، فالاقتران قد يبنى على اختيار خاطئ أو تقدير غير سليم فتكشف الايام اثناء الحياة الزوجية لكل منهما ما لا يرتضيه الاخر من طباع وخلق بعد تيسر الفرص لان يرى كل صاحبه على حقيقته دون خداع ، وقد يطرأ بعد الزواج أمر خارج عن ارادتهما فيكدر صفوة الحياة الزوجية ، وقد يحدث الشقاق والتنافر بتداخل الاهل والاقرباء والاصدقاء باسم المصلحة أو النصح فينقلب أساس كيانهما الى معول هدام فتنقلب القلوب ويتحول الحب الى البغض والوئام الى الشقاق والمودة والسكينة الى الفوضى ، وقد تتسرب الشكوك من مسامات متنوعة فتزيل الثقة بينهما وتجسد الاوهام فتمنحها زورا وبهتانا معالم الحقائق فيتحول كل شيء في تفكيرهما الى عكسه فيفقدان الصواب في كل صغيرة وكبيرة .
وبعد هذا وذاك ليس من الحكمة ارغام طرف على قبول استمرار هذا الكيان الزوجي الهزيل الهش الذي يزيد يوما بعد يوم نحو التفاقم واستفحال الامر الذي قد يؤدي بهما أو باحدهما الى سلوك اجرامي او انحراف خلقي او نحو ذلك . ولكل هذا أصبح الطلاق أمرا ضروريا لجأت اليه الامم قديما وحديثا وأقرته الشرائع السماوية وأخذت به القوانين الوضعية ، والإسلام بحكم كونه دينا فطريا من الطبيعي ان يقر هذا النظام وفي نفس الوقت يعتبره أبغض الحلال عند الله . 
وقد عالج الدستور العراقي النافذ في المادة 41 منه حق الإنسان في الزواج معالجة مختصرة حيث نصت هذه المادة على ما يلي (( العراقيون أحرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية ، حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو أختياراتهم ، وينظم ذلك بقانون )).




مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.35891
Total : 101