صفة ( خائن )، هي ابسط ما قد يشار بها الى من يصدق بحقه العنوان اعلاه.
وتحققها على ارض الواقع، مرهون بتوفر هذين الطرفين.
الاول :
دولة، او قوة خارجية تقصد ببلدك السوء، بغض النظر عن الدوافع وراء ذلك.
الثاني :
شخص او جهة ما من الداخل، يمهد لذلك السوء والعدوان، بالتنسيق مع الخارج.
والملاحظ في الخائن وعلى امتداد التاريخ، هذين الامرين :
الامر الاول :
التركيز على عنصر السرية المطلقة، باعتباره تصرفا مرفوضا لا محالة.
الامر الثاني :
كون الخائن مكروها لدى الجميع، حتى من قبل اسياده الذين ضحى بوطنه وشعبه من اجلهم.
ينقل عن هتلر انه سئل مرة :
( من احقر الناس بنظرك ؟… فقال : من ساعدوني على احتلال بلدانهم ).
كما ان قصة الجاسوس النمساوي الذي باع اسرار بلاده لجيش نابليون معروفة.
حيث القى له نابليون بقبضة من النقود في صرة لياخذها ثمن خيانته، وجزاء اتعابه.
فقال الجاسوس : سيدي العظيم، يشرفني ان اصافح قائدا عظيما مثلك.
فرد عليه نابليون : اما انا فلا يشرفني ان اصافح خائنا لوطنه مثلك …. الى اخر القصة.
وباختصار، فالخائن وفي كل العالم، لا يمكنه الجهر بخيانته امام الاخرين.
لانها وبحق، منتهى سفالة الانسان وانحطاطه.
وحتى في العراق، فبالرغم من ان شبهة العمالة والخيانة، كانت تلاحق - بشكل او باخر - كل الحكام المتعاقبين، منذ تاسيس الدولة العراقية مطلع عشرينيات القرن الماضي، وصولا الى حكومة البعث العفلقية في اخر المطاف.
الا انه، وبالرغم من ذلك، نراهم يتظاهرون بالتهجم على الاستعمار ولو بشعارات زائفة، بدل التصريح بالعمالة.
لكن مجيئ احمد الجلبي الى العراق على ظهر الدبابة الامريكية - كما يقال - وفي وضح النهار، قلب الموازين راسا على عقب.
فبغض النظر عن مدى صحة ما اشيع من انه هو الذي اقنع الادارة الامريكية بدخول العراق، واسقاط نظام الطاغية صدام حسين.
لكنه بالمقابل، اسس بتصرفه ذاك، لفلسفة حقيرة تغتال الحس الوطني. مفادها بداهة فتح الباب على مصراعيه امام المحتل، دونما خوف او وجل.
حيث جعل من الخيانة والعمالة فخرا لا فخر بعده، وسنة لمن سيخلفه.
لينعكس ذلك تبعا على سلوك حكام عراق اليوم.
اذ بهم يتسابقون لنيل شرف العمالة، والتبرك بلحس حذاء المحتل امام انظار الشعب.
فالخبر السار عندنا هذه الايام، الذي يرقى الى مستوى البشارة والفرحة، يكاد يتلخص في تصريح ما من كلاب البنتاغون والبيت الابيض.
كتصميمهم مثلا، وبذريعة محاربة داعش والقضاء على الارهاب.
ارسال المزيد من جنود الاحتلال الى العراق برا.
وتحليق اسراب الطائرات، لالقاء القنابل والصواريخ على رؤوس الابرياء جوا.
حيث ترتفع بالمقابل، زغاريد لصوص وجرذان الرئاسات الثلاث والمنطقة الخضراء، تعبيرا عن فرحتهم بهذا التدخل السافر من المحتل.
فاي مسوخ من الحكام لدينا من اشباه الرجال هؤلاء، الذين يرحبون بقاتل الشعب ومدمر الوطن ؟!!...
لا اظن اننا سنحظى في يوم من الايام بعراق حر ابي، وبين جنبينا خائن منافق يتنفس، ومحتل ماجور يخطط.
نختم الحديث بمحطة من رائعة الشاعر نزار قباني ( تناقضات )، حيث يقول :
( كيف تكون الخيانة حلا ….
وكيف يكون النفاق جميلا ).
مقالات اخرى للكاتب