يحكى إن رجلا كان يحب التجول في الغابة ، وذات مرة تأخر في تجواله وضل عن طريقه وصار الليل يطبق ظلامه ، عثر الرجل على كيس مملوء بالحجر ففكر بأن يأخذ كيس الحجر ليرمي به الحيوانات التي تعترض طريقه في الغابة ، وظل يمشي في الغابة ويرمي بالأحجار الواحدة بعد الأخرى حتى حل الصباح وأشرقت الشمس ونشرت ضياءها في الغابة … لم يبق في كف يده سوى حجارة واحدة، فنظر إليها قبل أن يرميها .. لم يصدق ما رأته عيناه ، فتعجب وقال : يا إلهي إنها ماسة !!! الكيس كان مملوءاً بالماس ورميت كل ما فيه في الغابة ؟؟!! ولم يبق بيدي سوى واحدة ؟؟؟!! يا لحظي العاثر .. لقد تعثرت قدمي بثروة كبيرة كانت ستقلب حياتي رأسا على عقب ، لو كنت منتبها ولم أرمها في جنح الظلام .
لم يكن الرجل حظه عاثراً .
والدليل الماسة الوحيدة التي بقيت في يده ، سطع النور عليها قبل أن يرميها وهذا لم يكن إلا مع المحظوظين إذ لابد للشمس أن تشرق لهم ولو بعد حين . أما غيرهم من التعسين قد يرمون كل الماسات ولا يأتيهم الصباح ولا تشرق الشمس عليهم.
العراق كنز عظيم ودفين يعرفه القاصي قبل الداني والعدو قبل الصديق والبغيض قبل الحبيب والمعادي قبل الموالي .. ولكن لا نعرف قيمته نحن حتى الآن .
سنين مضت ونحن لم نعرف شيئا عنه سوى إضاعة هذا الكنز وما يحتويه من ذهب وماس وياقوت وعقيق بل أضعنا فيه الغنى وأسرار الجمال بسبب جهلنا والظلام الذي نعيش فيه رغم هو أعز مانملك.
ليس مهماً ما ضاع من العراق طالما العراق باق والأخيار من أهله باقين يفكرون ويبحثون ولا يعرفون اليأس مع الحياة ، فغدا تشرق الشمس على أرضه ويشع نوره الماسي لينير لنا الحياة بأمل جديد وإن غداً لناظره قريب.
مقالات اخرى للكاتب