كل عام في هذا الوقت، نتساءل أين يتجه الإعلام الكردي، ننظر إلى أول صحيفة كردية "كردستان" التي تمر هذه الأيام الذكرى المائة والخامس عشرة لصدورها في القاهرة، ونسأل إلى أين يتجه الإعلام الكردي؟ مع كل عام جديد يكون الجواب أسهل وأوضح: أن نصبح جزءا من الإعلام العالمي الحديث. لكن تحقيق هذا التحول يثبت صعوبته أكثر وأكثر في كردستان.
كان الإعلام الكردي تاريخيا جزءا من المشهد السياسي. منذ صحيفة "كردستان" والإعلام الكردي جزء من سعي الكردي للحرية والهوية، وعلى مدى الـعقدين الماضيين من الحكم الكردي، كان الإعلام إما تابعا أو معارضا للأحزاب الحاكمة.
التحدي الرئيس للإعلام الكردي اليوم، هو أن يكسر تلك التقاليد السابقة، وأن يكون جزءا من الإعلام الحديث.
ينبغي على الإعلام الكردي أن يعكس بدقة القضايا التي تواجه التقدم في كردستان، وأن يوفر الأرضية المناسبة للنقاش، ويصبح أداة تدل الكردي على طريقه في العالم المتغير اليوم.
ولكي يحدث هذا، هناك حاجة إلى إصلاح جذري لواقع وسائل الإعلام. قول ذلك بالطبع أسهل من القيام به. فالتحديات كبيرة. باختصار:
العاملون في مجال الإعلام بكردستان اليوم يفتقرون إلى العديد من المهارات الأساسية إذا ما قورنوا بأقرانهم في البلدان الأكثر تقدما.
وبصرف النظر عن عدد قليل من الصحفيين المعروفين، فإن معظم الذين يدخلون إلى الوسط الإعلامي لم يكن لديهم خيار آخر. غالبية الجيل الجديد من العاملين في مجال الإعلام يتحدثون الكردية فقط، ويتعذر عليهم الحصول على فرص عمل في غير مجال الإعلام. كل هذه تشكل عقبات مهمة لكل من يريد أن يشكل وجهة نظر حيال القضايا اليومية العامة، لاعادة عرضها كخدمة إلى الجمهور.
لا تزال المؤسسات الأكاديمية الإعلامية الحالية تدرس لطلابها الطرق القديمة في الإعلام. كمدرب، أتلقى أحيانا أسئلة صادمة من بعض المتدربين الذين حصلوا على تعليمهم في المؤسسات الأكاديمية للإعلام في الاقليم وفي بقية العراق أيضا.
التحدي الآخر هو ان حجم الاستثمارات الخاصة في الإعلام ما زال دون المستوى المطلوب. الاستثمار الخاص الحقيقي في الإعلام، من شأنه أن يجبر وسيلة الإعلام على الالتزام بقيم الإعلام والصحافة المهنية، لأن هدفها سيكون جمع أكبر عدد من الجمهور. في كردستان، لا يزال الاستثمار السياسي في الإعلام طاغيا، وهذا عيب رئيس.
حجم الاستثمار الخاص في الإعلام يكون مؤشرا على مستوى صحة الحالة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للبلاد. نسبة الأموال المتاحة للاستثمار في وسائل الإعلام لا يزال بعيدا عن الطموح في كردستان.
بالاضافة إلى كل ذلك، فان الاطار القانوني للحصول على المعلومات وحرية التعبير، هو أبعد من أن يكون مؤاتيا لبيئة العمل الجيد للصحفيين. ونتيجة لذلك فان هناك صحافة نابضة بالحياة، ولكن ليست مهنية تجري في مواقع التواصل الاجتماعي.
إذا استمر الحال على ما نحن عليه، فان الإعلام يتجه نحو الانقسام إلى معسكرين: معسكر صحيفة "كردستان" غير الفعال والقديم، ومعسكر "تويترستان"، و"فيسبوكستان" معسكر فوضوي غير منظم خارج عن السيطرة.
الخصخصة الحقيقية للإعلام ستكون خطوة إلى الامام بالنسبة لكردستان.
مقالات اخرى للكاتب