لاتزال الأنباء متضاربة بشأن أمكانية تولي رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لولاية ثالثة من عدمه حيث
تتفق غالبية الكتل السياسية العراقية على رفض الأمر وتبدو حظوظه قليلة في الفوز بهذا المنصب نتيجة لذلك ، وبمعزل عن المناكفات والصفقات السياسية التي تقف وراء رفض هذه الكتل فكرة اعادة أنتخاب المالكي فأن رفض هذه الولاية بات أمرا وطنيا ملحا لعدم امكانية بقاء الرجل لأربع سنوات أخرى بعد ثمان سنوات ذاق بها العراقيون الويلات من الطائفية والارهاب والفساد وبات فيها الانسان العراقي عاجزا عن التفكير في المستقبل أو بالاحرى خائفا منه وغدا فيها العراق على حافة التقسيم ولكن السؤال الذي يبقى ملحا هو هل ستنتهي أزمات العراق بمجرد رحيل المالكي وهل بات الرجل فعلا هو أساس المشكلة العراقية ؟
مما لاشك فيه بأن السيد المالكي يتحمل الجزء الأكبر من المسئولية السياسية والقانونية عن ما أل اليه الوضع العراقي فالرجل الذي حصل على منصب رئيس الوزراء لولاية ثانية أثر حيلة قانونية من المحكمة الاتحادية تمكن من خلالها من الألتفاف على نتائج الانتخابات ومكنته من الأستئثار بالسلطة واقصاء شركائه السياسيين وتولى فيها قيادة وزارات الدفاع والداخلية والأمن الوطني والمخابرات و ربط الهيئات المستقلة (شبكة الاعلام العراقي والمفوضية العليا للانتخابات) بالأمانة العامة لمجلس الوزراء ليصبح بذلك الحاكم الأوحد الذي تسببت سياساته الحمقاء بأطلاق العنان للميليشيات واستشراء الفساد المالي والاداري في كل مفاصل الدولة في عهده دونما رقيب أو حساب وبسفك دماء العراقيين بشكل يومي و سقوط مايقارب من ثلث الأراضي العراقية تحت سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية المتطرف وسط أنهيار تام للجيش العراقي لهذه الأسباب وغيرها فلا مجال ممكن للسيد المالكي لتولي رئاسة الوزراء مرة أخرى ولو كان أئتلافه قد فاز بالانتخابات الأخيرة (تثار حولها الكثير من الشبهات والشكوك) فلا يعقل أن يتم التضحية بالبلد من أجل شخص أو حزب ، ولكن الحقيقة المره تقول
بأن تنحي المالكي قد يكون بارقة أمل لكنه ليس الحل بحد ذاته فأزمات العراق أعمق من أن يحلها تنحي الرجل .
ان أزمة العراق الحقيقية تتمثل في العملية السياسية الحالية التي أنهت مفهوم المواطنة وأستبدلته بالطائفة ووزعت المناصب بين الطوائف مقدمة العرف على الدستور (يشوبه هو الأخر شوائب عديدة و يحتوي على تناقضات مريبة) مما أدى الى استفحال الصراع بين الطوائف على السلطة والنفوذ وأدت الى ظهور أمراء طوائف لارجال دولة وأستتبعه بالضرورة تدخل أقليمي لدعم هذه الطائفة أو تلك على حساب الأخرى بشكل بات يهدد وجود الدولة العراقية الواحدة ويضع الشعب العراقي أمام مفترق طرق مظلمة بأتجاه مستقبل مجهول ومخيف .
أننا نجدد الدعوة هنا لأن يكون مستقبل العراق في المقام الأول خصوصا مع أتضاح الحقيقة التي تقول بأن لاخير للعراق في ظل هذه العملية السياسية ولما كان الأعتراف بالخطأ فضيلة وهو أفضل من الأستمرار فيه فأنا نسأل ما الذي يمنع من الأعتراف بأن هذه العملية السياسية قد بنيت على أساس خاطئ (وهو أمر طبيعي في ظل وجود قوات احتلال أنذاك ) وأن العراق وشعبه يستحق ماهو أفضل منها لأنقاذ الوطن وحقن دماء مواطنيه ، لذا ينبغي على العقلاء والمخلصين الدعوة لوضع خارطة طريق تتيح قيام حوار وطني ومجتمعي شامل لايستثني الأ الارهابيين المتورطين بالدم العراقي وتمهد لقيام نظام سياسي جديد قائم على أساس المواطنة والعدالة والمساواة والا فأن العراق ذاهبا الى التقسيم لامحالة .
مقالات اخرى للكاتب