بغداد – لفتت تحركات نائب الأمين العام للإتحاد الوطني الكردستاني التوافيقة الأخيرة لإنهاء الأزمة السياسية الحادة بين بغداد وأربيل، وتنقله بين بغداد وأربيل لنقل وجهات النظر التوافقية، أنظار الكثير من المراقبين والمتابعين وذلك بالتزامن مع تواتر أخبار تم تسريبها بدقة وعناية عن وجود رغبة مشتركة عراقية أمريكية لإستبدال رئيس الجمهورية جلال الطالباني المريض، بصالح الذي يحظى بمقبولية لدى كافة القوى السياسية.
مصادر سياسية عراقية لم يتم الإعلان عنها بالأسم الصريح سربت لوسائل الإعلام العراقية وجود رغبة مشتركة عراقية – امريكية باستبدال جلال الطالباني ببرهم صالح. وقالت تلك المصادر أن التقاء هذه الرغبة بين الجانبين لها اسباب مبررة مثلما هي مرجحة، منها أن الطالباني مريض، ولم يعد قادرا على ادارة حوارات صعبة بين الاكراد والحكومة، ولاسيما بعد استفحال الخلافات بين الحكومة المركزية وحكومة الاقليم.
وفي هذا السياق أشارت المصادر الى أن برهم صالح أكثر مقبولية من أي شخصية كردية أخرى لدى السياسيين العرب، ولدى نوري المالكي بوجه خاص، فهو تكنوقراطي، واقل تعصبا من مسعود البارزاني قوميا، واكثر تحررا من قبضة الأخير، فضلا عن أنه حيوي ويمتلك افكارا مهمة عن مرحلة اعادة البناء الحالية.
ودعا النائب السابق عضو التحالف الوطني القاضي وائل عبد اللطيف الى "اختيار رئيس جديد للعراق بدلا عن رئيس الجمهورية جلال الطالباني بسبب وضعه الصحي وغيابه المستمر عن مزاولة عمله".
وقال في تصريحات إعلامية اليوم السبت ان "الجالة الصحية وغياب الطالباني المستمر عن منصبه اثبت انه رجل مريض ولا يستطيع الاستمرار بعمله، وان اختيار بديل عنه هو أفضل الحلول لهذا الموضوع، دون فرض بديل عنه من نفس اللون او الطائفة".
واضاف عبد اللطيف ان "العراق حاليا يسير بدون رئيس للجمهورية ومن الناحية الدستورية ان نائب رئيس الجمهورية ليس لديه التفويض والصلاحيات الكافية لان يلعب دور الرئيس".
من جانبه حذر برهم صالح من أزمة "بشعة وخطيرة" في البلاد في حال عدم التوصل لحلول للازمات، معتبرا أن المحاصصة في البلاد منعت الانسجام في الأداء الحكومي والسياسي في ظل الأزمة التي تمر فيها العملية السياسية، فيما أكد أحقية إقليم كردستان بتوقيع العقود النفطية بحسب قانون النفط".
وقال صالح إن "تركيبة الحكم في هذا البلاد متعارف عليها باسم المحاصصة"، مبينا أن "من أبعاد هذه التركيبة أنها منعت الانسجام في الأداء الحكومي والسياسي ومنعت العراق عن أداء حكومي أفضل".
وتوقع صالح في حال لم يتم حل الأزمة السياسية أن "تطل أزمة في البلاد بشكل بشع وخطير"، محذرا من "تداعيات تكون اخطر على البلاد، ويجب الانتباه الى المتغيرات الإقليمية".
وأشار صالح إلى أن "الحكومة الاتحادية مطلوبة، إلا أن قوتها لا تأتي من المركز أو من مصادرة صلاحيات الناس"، مؤكدا أن "إقليم كردستان يفسر الأزمة النفطية مع حكومة بغداد، بأن لديه الحق بتوقيع العقود النفطية على أسس معينة وحسب قانون النفط".
وبرهم صالح سياسي كردي ولد عام 1960 في مدينة السليمانية في كردستان العراق، اعتقل من قبل نظام صدام حسين مرتين بتهمة انتماءه للحركة التحررية الكردية وامضى 43 يوما في معتقلات الامن حيث تعرض إلى التعذيب. أدى امتحانات الدراسة الاعدادية في المعتقل وتخرج بتفوق حاصلا على المرتبة الأولى في كردستان والثالثة على مستوى العراق بمعدل 96.5 بالمائة. غادر العراق متوجها إلى المملكة المتحدة لإتمام دراسته بعد الافراج عنه. وانضم سرا إلى صفوف الإتحاد الوطني الكردستاني (PUK) أواخر عام 1976، ومن ثم أصبح عضوا في تنظيمات أوروبا ومسؤولا عن مكتب العلاقات الخارجية للاتحاد في العاصمة البريطانية – لندن. تم انتخابه عضوا في قيادة الاتحاد في أول مؤتمر للحزب عام 1992، حيث تم تكليفه بمهمة إدارة مكتب الاتحاد الوطني الكردستاني في الولايات المتحدة الأمريكية، كما أصبح ممثلا لأول حكومة في إقليم كردستان لدى الولايات المتحدة الأمريكية.
شغل منصب رئيس حكومة إقليم كردستان للفترة من كانون الثاني 2001 وحتى منتصف عام 2004، وبعد سقوط نظام حزب البعث في العراق، تولى منصب نائب رئيس مجلس الوزراء في الحكومة العراقية المؤقتة عام 2004، ومن ثم وزيرا للتخطيط عام 2005، ونائبا لرئيس مجلس الوزراء عام 2006، حيث تولى مهمة الملف الاقتصادي رئيسا للجنة الاقتصادية.
اطلق عن الحكومة العراقية مبادرة العهد الدولي مع العراق والتي كانت ميثاقا للالتزامات المتبادلة بين العراق والمجتمع الدولي تهدف إلى مساعدة العراق في النهوض بواقع القطاعات الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية ومساعدة العراق في التخلص من الديون المتربة عليه جراء سياسات النظام السابق.
يذكر أن العلاقات بين الحكومة المركزية في بغداد وسلطات إقليم كردستان شمال العراق، تشهد أزمة تفاقمت منذ أشهر عندما وجه رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني، انتقادات لاذعة وعنيفة ضد نوري المالكي، تضمنت اتهامه بـ"الدكتاتورية"، قبل أن ينضم إلى الجهود الرامية لسحب الثقة من المالكي، بالتعاون مع القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي، ومجموعة من النواب المستقلين، والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر الذي تراجع فيما بعد.