منذ الثمانينيات من القرن الماضي والعراق يشهد أزمة متصاعدة في موضوع تجهيز الطاقة الكهربائية وتفاقمت الازمة بعد 2003 وفشلت وزارة الكهرباء والحكومات المتعاقبة في ايجاد حل جذري وحقيقي لهذه الازمة.
بعيدا عن الارقام والاحصائيات لابد للحديث بايجاز عن جوهر المشكلة الذي يكمن بانخفاض مقدار الانتاج مقابل مقدار الحمل او الطلب.
يقدر أقصى طلب للقدرة الكهربائية الان بحدود (18 الى 20 الف ميكافولت أمبير) وهذا الطلب يتصاعد بسرعة في العراق بسبب طبيعة المجتمع الشابة التي تحتاج للمزيد من وحدات السكن ووسائل العمل والانتاج بينما تحقق أكبر انتاج وهو بحدود (13 الى 14 الف ميكافولت أمبير) هذا العام.
ان زيادة الانتاج تتطلب انشاء المزيد من محطات التوليد ومحطات النقل والتحويل وخطوط النقل للجهود 400 كي في و132 كي في .
لقد اعتمدت الوزارة على تنصيب الوحدات الغازية الجديدة بعد 2003 وهذه تحتاج الى الغاز او الديزل وتم تحوير البعض منها للعمل على الوقود الثقيل وباعتقادي ان هذه المحطات لايمكن اعتبارها محطات لتغذية قاعدة منحنى العمل حيث تنجح الوحدات البخارية في تأمين بين نصف الى ثلثي مقدار الطلب بشكل دائم بسبب تنوع الوقود الذي يمكن استخدامه.
ان اهم المشاريع التي نفذت حديثا هي محطة الزبيدية الحرارية ولابد لنا من العمل على انشاء ثلاث محطات بخارية على الاقل في وسط وجنوب العراق خلال الثلاث سنوات القادمة للوصول الى تغطية مناسبة للطلب.
ان وزارة الكهرباء قد عجزت عن تحقيق هدفها في انتاج ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية بالمواصفات القياسية وتجهيزها للمواطن على مدار الساعة رغم اعلان الحكومة عن تخصيص مبالغ ضخمة لقطاع الكهرباء وربما كانت هذه التخصيصات حقيقية او كانت مجرد ارقاما ضاعت في مشاريع وهمية.
ان على الحكومة الان وضع خطط وطنية استراتيجية لتأمين الطاقة الكهربائية ورفع الحيف الواقع على المواطن منذ اكثر من ربع قرن وان فشلها في ذلك يعد خيانة للوطن والمواطن.
ان الحلول العملية تكمن في استقدام شركات ذات خبرة من ألمانيا واليابان والصين وروسيا والهند وكوريا الجنوبية وهذه الدول من المستوردين للنفط العراقي والطلب منها لتنفيذ مشاريع بطريقة تسليم المفتاح ومن خلال المقايضة بالنفط الخام وعلى مدى ثلاث سنوات كمرحلة اولى لتنفيذ المشاريع أدناه:
1- ثلاث محطات بخارية متكاملة كل منها لاتقل سعتها عن 1200 ميكافولت أمبير اثنان منها في البصرة شمال وجنوب شط العرب ملحق معها محطات معالجة المياه لتغذية المدينة بالماء الصافي وكما مطبق في الكويت ودول اخرى على ان يحدد موقع المحطة الثالثة بالاتفاق مع وزارة الموارد المائية.
2- انشاء وحدات انتاجية جديدة ووحدات معالجة المياه والتبريد بدلا من تلك المتقادمة في الناصرية والمسيب والهارثة والنجيبية وبغداد وغيرها حيث تعرض العديد منها للقصف وتمت صيانتها ولم تصل الى طاقتها التصميمية بهدف الاستفادة من الموقع والشبكة الحاليين.
3- انشاء محطات التحويل وخطوط النقل للجهود 400 و132 كي في وبما يؤمن مصادر التجهيز المطلوبة.
4- ايقاف والغاء مشاريع انشاء محطات التحويل 33 الى 11 كي في ومعدات الجهد المتوسط 11 كي في واعتماد مغذيات التوزيع 33 كي في في مراكز المدن مع استخدام المحولات والمحطات الصندوقية 33 كي في الى 400 فولت على ان يتم نقل محطات التحويل 33/11 كي في والمغذيات والمحولات والمعدات الاخرى الى الاقضية والنواحي كمرحلة اولى.
ان استخدام مغذيات 33 كي في له ميزات كبيرة في تجهيز مراكز المدن وهو يوفر ممستوى اكبر من الوثوقية مع تقليل الخسائر والكلف.
اننا ومن خلال خبرتنا في الجانب الاكاديمي والعملي مستعدون لمناقشة هذه المقترحات مع الجهات الفنية المسؤولة من غير اصحاب المناصب والمسؤولين في وزارة الكهرباء او من خلال تكليفنا بادارة مجموعة فنية من أصحاب الخبرة والكفاءة لوضع هذه المقترحات موضع التنفيذ خدمة لبلدنا ولتخليص أهلنا والجيل القادم من العذاب والاحباط بسبب هذه الازمة المزمنة.
مقالات اخرى للكاتب