الأسلام هو الأخلاص في العبادة لله و يُعرَّف الإسلام لُغوياً بأنه الانقياد التام لأمر الآمر و نهيةٌ بلا اعتراض، وقيل هو الإذعان والانقياد وترك التمرّد والإباء لعناد كما جاء في (قواعد العقائد للغزالي 236).
وأما معناه حسب المصطلح الديني، فهو الدين الذي جاء به سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام والشريعة التي ختم الله تعالى بها الرسالات السماوية. وقد قام محمد عليه الصلاة والسلام بتبليغ الناس عن هذا الدين وأحكامه ونبذ عبادة الاصنام وغيرها مما يعبد من دون الله. والإسلام هو التسليم للخالق والخضوع له، وتسليم العقل والقلب لعظمة الله وكماله ثم الانقياد له بالطاعة وتوحيده بالعبادة والبراءة من الشرك به سبحانه.
والرسالة الأساسية التي يقوم عليها الاسلام هو توحيد الله عز وجل بالعبادة والبراءة من الشرك بالله ومن عبادة كل ما سواه.
والإسلام ليس حصرياً على شعب دون شعب، أو قوم دون قوم، بل هي دعوة شاملة للبشرية كافة بغية تحقيق العدل والمساواة للبشر كافة. فالإسلام يقوم على على أساس الفطرة الإنسانية والمساواة بين مختلف أفراد المجتمع الإسلامي فلا يفرٌق بين الضعيف والقوي والغني والفقير والشريف والوضيع منهم، كما لا يفرق الإسلام بين الأمم والشعوب المختلفة إلا من باب طاعتها لله تعالى والتزامها بالتقوى .
وتُعَد التقوى هي الأساس الذي يقَوَم به عمل الأنسان وألتزامه بتعاليم الأسلام وأِتباعه لمكارم الأخلاق والتسامح وحب الآخرين . ولنا في هذا شواهد كثيرة آيات بينات من القرآن الكريم أِذ يقول في بعضها .
{ ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى } [ لقمان /22]
{ ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين (130) إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين (131) } [ البقرة ] ..والإسلام بهذين المعنيين الاستسلام لله ، وإخلاص العبادة له ـ هو دين الله تعالى في جميع رسالاته إلى خلقه { إن الدين عند الله الإسلام } [ آل عمران /19]
هكذا عرفنا الدين الأسلامي . وفي نفس الوقت عرفنا ديانات أخرى توحيدية تعترف بوجود الله و نزلت فيها الكتب السماوية وهي حسب ترتيب نزول المعلوم منها على حسب زمن الرسل، فقد أنزل الله تعالى على إبراهيم عليه السلام الصحف، وعلى داود عليه السلام الزبور، وعلى موسى عليه السلام التوراة والصحف، وعلى عيسى عليه السلام الإنجيل، وعلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم القرآن.
هذه المقدمة تشير الى ان الله سبحانه وتعالى قد انهى مايريده من عباده من تعاليم وضوابط ومكارم أخلاق والعيش الآمن بالحياة عبر خاتم الكتب القرآن الكريم وكلنا كمسلمين نعرف ما مطلوب منا فعله من اجل ان تنطبق علينا صفة الديانة الأسلامية .
وكان الحال عبر العصور مابعد الرسالة صراعات وحروب معرفة لكن مجملها يعرف ان الأسلام هو دين السلام والتسامح وكأن تلك الصراعات تعلن عن نفاق واضح من مشعليها ومتبني افكارها . وفي عصرنا الحديث نجد ان معادلات غريبة وجديدة بدت واضحة للعيان . فلاغرابة انك تجد الظلم والجور في بلاد يقال عنها انها بلاد المسلمين وهذا الظلم ناتج عن غقوق واضح من حكام المسلمين وخاصة العرب منهم فهم يعشقون السلطة والتسلط وجمع اموال المسلمين ونهبها وكأنها أرث لهم ولعوائلهم وهو ما لم يكن موجوداً في بلدان غير المسلمين وتلك مفارقة .
القيادات العربية في مجملها تعتمد على القمع من اجل ادامة سطوتها وحكمها وتوريث الحكم لديها في احيان كثيرة بينما بلاد الغرب من غير المسلمين يطبقون تعاليم انسانية تعطي الدافع للأنسان حتى يبدع من خلال حفظ كرامته واعتباره قيمة عليا رغم ان هذا المفهوم هو في لب التعاليم الأسلامية لكنه انتهى واندثر وما نلاحظه ونلمسه اليوم في العراق يعد دليلاً واضحا على ان من يدعي الأسلام من الحكام ماهو أِلا منافق ويتخذ من عملية تخريب الأسلام والأساءة اليه سياسة واضحة له مستغلاً سذاجة الكثير من الناس . فهو يشعل الفتنة الطائفية بأستمرار من اجل ديمومة حكمه وليستمر في سياسة نهب الثروات وقتل الشعب من خلال حروب داخلية يفتعلها الحاكم وهو يدعي الأسلام دون حياء .
يوم بعد آخر تتكشف الحقائق وتتضح الصور على ان من يحكم العراق هم عبارة عن مجموعة فقدت الضمير وأبدعت في قتل الناس وتفريقهم وأجبار الشباب على الهجرة الى الشتات في بلاد غير المسلمين من اجل طلب الأمن والأمان والحصول على مايحفظ كرامتهم الأنسانية . ولتنطبق هنا مقولة الشيخ محمد عبده عندما ذهب لمؤتمر باريس عام 1881 ثم إنتهى المؤتمر و عاد عند العرب
فقال قولته المشهورة :
(( ذهبت للغرب فوجدت إسلاماً و لم أجد مسلمين
و لما عدت للشرق وجدت مسلمين و لكن لم أجد إسلاماً ))
وعلى هذا نجد التطور والتقدم والحداثة في تلك البلدان المتمدنة .. بينما نجد الفوضى وعدم الشعور بالمسؤولية والتراجع والتخلف في بلدان أخرى ..
فلا تلوموا الإسلام لأنه بريء من بعض البشر بل لوموا المسلمين الذين لا يطبقون مفاهيمه وقيمه السليمة.
إن من أَهم أسباب التخلف والتراجع والخراب والفوضى في العراق على مدى السنوات التي اعقبت الأحتلال الأمريكي عام 2003 هي عدم الشعور بالمسؤولية الأخلاقية والوطنية، ووجود خلل كبير في النظام السياسي العراقي الجديد والقوانين المعمول بها والتي تعتمد على المحاصصة السياسية والطائفية في التعامل مع الناس ماجعل العراقيين مقسمين حسب نظرة الساسة الجدد على درجات وتلك كارثة لاتقل خطورة عن جرائم الأتجار بالبشر بل هي سياسة ايضاً تشبه تلك الجرائم وقد راحَ ضحية لها الملايين من العراقيين قتلاً بدم بارد ونزوح وتهجير الى بلاد غير المسلمين .
ولهذا فان اي عملية لأستعادة الأمن في العراق لايكتب لها النجاح دون التخلص من تلك الأحزاب التي شوهت صورة الأسلام وأعطت انطباعاً خاطيء على انه دين يقبل بكل ماحل بالعراق … وتلك كارثة ينبغي معالجتها . والله من وراء القصد .
مقالات اخرى للكاتب