بسم الله الرحمن الرحيم

قال سيدنا الشهيد الصدر في جوابه على سؤال حول التطبير والضرب بالطبول: (( لا اشكال فيها على الاظهر ... ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب)) وهذا جواب واضح وصريح في إباحة التطبير والضرب على الطبول عنده قدس سره. ولكن لنا نقاش حول جوابه هذا وماذا يعني فأقول:
اولا: ان سيدنا الشهيد لم يفت بالاستحباب على الاطلاق، وانما افتى بعدم الحرمة، وشتان بينهما. بمعنى ان التطبير فعل مباح غير مستحب. لان الاستحباب يحتاج الى دليل ولا دليل.
ثانيا: ان سيدنا الشهيد عاش في ظرف صعب وشديد، كان فيه البعث الصدامي يحارب كل شيء مرتبط بالامام الحسين عليه السلام، ففي رد فعل مناسب لهذه الحرب كان سيدنا الشهيد يحاول الحفاظ على كل فعل مرتبط بالامام الحسين عليه السلام ولو لم يثبت استحبابه كالتطبير. واما لو انحرف هذا الفعل وخرج عن جادة الدين فإنه يحاربه صراحة، كما حارب الطواف حول ضريح الامام الحسين وقول: لبيك اللهم لبيك، واعتبر ذلك من البدع المحرمة.
ثالثا: ان بعض فتاوى السيد الشهيد تابعة لظرفها الخاص بها، وهو ظرف التقية والبعث الصدامي الكافر، ولا دليل على استمرارها الى ما بعد ذلك، فكان (قدس) مثلا يجيز اعطاء الاموال للمدرس من اجل ضمان النجاح، فقال في جوابه على ذلك في مسائل وردود مسألة (282): بسمه تعالى: ((لا دليل على الحرمة... وانما الرشوة حرام في القضاء وفي الحاجات المحرمة وهذا ليس منها)). مع انه لا احد بحسب اعتقادي من الفقهاء الان يجيز ذلك. فهل يجوز الان اعطاء الاموال للمدرس من اجل النجاح؟؟؟
وكما كان (قدس) قد افتى بعدم جواز زيارة الامام الحسين عليه السلام في العشرين من صفر سيرا على الاقدام في سنة من السنين، نتيجة لظرف معين ثم أوجبها في الخامس عشر من شهر شعبان في السنة اللاحقة. مع ان العكس هو الصحيح. فهل ان زيارة الحسين عليه السلام محرمة في العشرين من صفر؟
وكما كان (قدس) يفتي بعدم جواز المبيت في الفنادق الكبرى في ليلة الزفاف، وجاء ذلك في مسائل وردود مسألة (249). فهل ان المبيت في الفنادق الكبرى محرم الان؟
وكما كان (قدس) يفتي بجواز شراء الدواء بسعر قليل وزهيد وبيعه على الناس بسعر مضاعف اضعافا كثيرة، فقال في مسائل وردود مسألة (160): (( لا اشكال من ناحية رفع السعر ...)) وهذا يعني انه يجوز بحسب فتوى السيد الشهيد لاصحاب الصيدليات شراء الدواء بسعر زهيد وبيعه باسعار مضاعفة.
وكما كان (قدس) يفتي بجواز أخذ أموال الدولة والتصرف بها، وهي فتوى مشهورة له، فهل يجوز الان أخذ هذه الاموال والتصرف بها؟
وعلى العموم، فلا يمكن التشبث بقول السيد الشهيد في مسائل وردود والاستدلال به على استحباب التطبير، لأنه (قدس) كان ينظر الى الظروف المحيطة بالفتوى لا نفس الفتوى. فاذا تغيرت الظروف تغيرت الفتوى كما تقدم اعلاه. ومن هنا يجب الرجوع الى الاعلم في هذا الوقت من اجل تحديد ما هو الحد الفاصل في الشعائر، وما هو الذي يخدم القضية الحسينية مما لا يخدمها.

• الخروج عن طاعة الصدر المقدس... كيف؟ وأين ؟ ومتى ؟ بقلم العلامة الشيخ احمد الشيباني
• الشعائر الحسينية ... والشعائر الشيرازية.. بقلم العلامة الشيخ احمد الشيباني