عندما بدأ العبادي اصلاحه قامت مديرية التقاعد العامة وعلى الفور بوقف صرف تقاعد الكثير من العراقيين بحجة الإصلاح. رغم إعلان العبادي ولأكثر من مرة إن التقاعد خط أحمر لا يجوز المساس به. فالكثير من العراقيين لم يستلموا تقاعدهم منذ حزيران من عام 2015 بحجة الإصلاح!! ورغم إن الإصلاح لا يقوم على الحرمان و الاعتداء على حقوق المواطنين. فالتقاعد حق مكتسب لم يسبق لحاكم في تاريخ العراق الحديث أن قام بحرمان العراقيين من تقاعدهم! ليكون العبادي أول حاكم في تاريخ العراق الحديث يسلب العراقيين تقاعدهم!
لكن الغريب في الأمر هو موقف مديرية التقاعد العامة التي قامت على الفور بوقف صرف التقاعد في مخالفة صريحة للقانون!! فحقوق العراقيين يكلفها قانون التقاعد و قرارات المحاكم العراقية و قرار العبادي عبارة عن قرار تنفيذي لا يرقى لمستوى القانون.وكأن التقاعد مُلك صرف للعبادي أو إقطاعية من أقطاعياته. وكأن العبادي سيد و المتقاعدين عبيده!!
و لكن السؤال الذي يثور أين ذهبت التخصيصات المالية التقاعدية؟ إن صرف التقاعد توقف في منتصف السنة المالية لعام 2015 و بشكل مفاجئ. فأين ذهبت باقي التخصيصات المالية المحددة لدفع الرواتب التقاعدية إلى نهاية السنة المالية؟ أين ذهبت مليارات الدولارات المخصصة للمتقاعدين العراقيين؟ وعلى ماذا صرفت؟ بقيت محجوزة في الخزائن والعراقيون محرومون منها لمجرد أن العبادي يفهم الإصلاح على أنه الاستيلاء على حقوق المتقاعدين.
إن إجراءات العبادي فتحت الباب لنوع جديد وسهل من الفساد. فالأموال مخصصة و تم إطلاقها ولأن أصحابها حرموا منها فهي أموال لا صاحب لها. لقد قام مدير التقاعد بالإضافة الى الحلقة المقربة منه بالاستيلاء على هذه الأموال. إن مديرية التقاعد معروفة بفسادها و محاربتها للمتقاعدين و كأنهم يستجدون منها المال.
مديرية التقاعد تستمع بإذلال المتقاعدين بدءً من سوء المعاملة و التطاول على المتقاعدين وصولاً الى التزوير و حرمان المتقاعدين من اموالهم وتأخير صرفها بل و أحيانا كثيرة الاستيلاء على راتب أو أكثر من رواتب المتقاعدين.
و لكن إصلاحات العبادي تركت المليارات بعهدة مديرية التقاعدية دون حسيب و لا رقيب و لا مطالب. فالمحرومون عليهم التوجه إلى القضاء في إجراء يستغرق سنوات ورغم حصول الكثير من المتقاعدين على أحكام قضائية في موقف يُحتسب للقضاء. لكن مديرية التقاعد تمتنع عن صرف التقاعد لسبب بسيط هو أن مدير التقاعد و عصابته يستولون على التخصيصات التقاعدية.
لماذا لا تحترم مديرية التقاعد القانون؟ فإي قرار وزاري لا يرقى لمستوى القانون. لماذا هذا الخنوع و الخضوع للعبادي؟ بل الكثير من المتقاعدين حصلوا على أحكام قضائية تمكنهم من تقاعدهم. لكن إصلاح العبادي قاد إلى فتح باب جديد للفساد و هو الاستيلاء على تخصيصات الشيوخ و المرضى و النساء و الارامل و المطلقات و الاطفال. تخصيصات بمليارات الدولارات.
متى يتم وقف الحرب على المتقاعدين العراقيين؟ ألا يكفي الإجراءات الروتينية القاتلة التي تطبقها مديرية التقاعدية حتى تصرف رواتبهم من مطالبة بمعاملات و وثائق لا أول لها و لا آخر وصولا إلى تأخير صرف الراتب و الاستيلاء على جزء منه و الآن الاستيلاء عليه بالكامل!!
هل هذا هو الخط الأحمر الذي تعهد العبادي به؟ هل هذه هي الاصلاحات العبادي؟ الاستيلاء على تقاعد العراقيين و حرمانهم من حقوقهم؟ إلآ يخجل العبادي عندما يكذب على العراقيين و يتعهد بحماية تقاعدهم ليقوم في اليوم التالي بإصدار قرار لحرمانهم منها ثم يوعز إلى كلابه في دائرة التقاعد بالاستيلاء عليها!! لماذا ينظرالعبادي للمتقاعدين على أنهم هدف سهل يمكن الانقضاض على أمواله بكل بساطة وعلى المتضرر اللجوء إلى القضاء الذي لا تمتنع مديرية التقاعد عن تنفيذ أحكامه!! إي رجولة ووطنية ودين هذا الذي يجيز الاستيلاء على أموال الشيوخ و النساء و الاطفال؟!
يبدو أن إصلاحات العبادي ما هي إلا خدعة سينمائية هدفها الاستيلاء على أموال المتقاعدين و حرمانهم منها. تُرى ألا يخجل العبادي عندما يتفوق المقبور صدام عليه؟ المقبور صدام لم يحرم العراقيين من تقاعدهم في فترة الحصار رغم انعدام تصدير النفط!! إي عار هذا على العهد الديمقراطي الإصلاحي الانتخابي الذي يكتبّر و يتجّبر على المتقاعدين؟ على الشيوخ و النساء و الأطفال ليأخذ اللقمة من افواهم و يضعها في كروش الفساد التي جمعت مليارات الدولارات من الرشوة و الاختلاس!! هنيئاً للعبادي و لدائرة تقاعده بتفوق المقبور صدام عليهم! موقف سيذكره التاريخ بحروف من نور.
مقالات اخرى للكاتب