قاسمت زميلنا الفتى
حمزة عبد المؤمن فنجان قهوة بالمقهى المقابلة للمكتبات الثلاث، المجاورة بدورها للمسجد الكبير المجاور لمحطة الشلف.
هو طالب في السنة الثانية ماستر في فيزياء المواد ويعشق الأدب والقراءة والكتابة، وهذه ظاهرة لفتت إنتباهي منذ مدة، حيث أن أهل الأدب في الجزائر أكثرهم من أصحاب التخصصات العلمية الفنية كالفيزياء والرياضيات والعلوم الطبيعية وغيرها.
قال: لي صندوق أضع فيه مدخراتي ولا أمسه أبدا، وأشتري بالمبلغ المتحصل عليه كتبا من المعرض الدولي للكتاب، وهي فكرة تستحق كل الثناء والتقدير والتأكيد عليها ليستفيد منها المجتمع.
وبما أنه من مواليد سنة 1992، يطلب بإلحاح شديد معرفة ما حدث في تلك الفترة، فأغتنم الفرصة وأحدثه عن العشرية الحمراء التي مرت بها الجزائر، وأقول له.. كانت من أسوء المراحل التي مرت بها الجزائر. ومهمتنا أن لا تعود الدماء إلى أرض الجزائر ، ومن حسن حظ أن الجميع يرفض عودة تلك الأيام تحت أي إسم من الأسماء، فلا داعي أن تحيي آلاما لسنا بحاجة إليها، لأن كل أسرة جزائرية أصابها من الحزن والألم ما يكفيها اليوم أن تسعى بنفسها لكي لا تعود تلك الأيام. ومن حسن الحظ أني كتبت منذ أسبوعين وبالضبط بتاريخ: الأربعاء 05 ربيع الثاني 1438، الموافق لـ 04 جانفي 2017 ، مقال في ذات الشأن بعنوان "إلى الجزائريين الذين لم يعرفوا العشرية الحمراء"، وقد تم نشره في نفس يوم لقاءنا، فنصحته أن يقرأ المقال لعله يجد فيه ضالته من مجرّب عاش جمر تلك الأيام. وحدثته عن محاسن قانون الوئام الوطني الذي يهدف إلى طي صفحة العشرية الحمراء بغض النظر عن الأسباب والظروف. فليطوي كل منا تلك الصفحة، وليسعى أن لا تعود مهما كانت الأسباب، لأنه لولا طي تلك الصفحة ما قدرنا أن نجلس هذه الجلسة ونتحدث بحرية وثقة.
أحثه على القراءة للجميع، وضرورة الكتابة عن الرحلات وتدوين الأيام في نفس اللحظة التي حدثت فيها الأحداث، لأن الكتابة لا تنتظر الأيام وتخمد جمرتها بمرور الأيام، وأحسن ما في الحبر أن يخط ويكتب وهو تحت وقع الجمر. ونصحته بزيارة المكتبات للوقوف على جديد الأسماء، والعناوين، والتحقيقات، فإن ذلك يفيد القارىء فيما بعد.
أهداني كتاب "سياسة التسلط الاستعماري والحركة الوطنية الجزائرية 1830-1954"، للأستاذ والمؤرخ الجزائري يحي بوعزيز رحمة الله عليه، الذي كنت أتابعه وأنا طالب في الجامعة عبر إذاعة وهران على الساعة الرابعة صباحا لما يملك من معلومات ثرية، وأداء جيد، وحب للجزائر لمس الأعماق. ووعدته أن أقرأ الكتاب بعد أن أنتهي من جملة من الكتب التي اشتريتها من المعرض الدولي للكتاب. و"دراسات عربية" العدد 8 لسنة 1990، وكتاب "متعة الحديث" للأستاذ عبد الله بن محمد بن الداوود. وقلم حبر أزرق اللون.
نطوف بالمكتبات المجاورة، فيشتري كتاب "العفن " لمالك بن نبي الذي حدثني عنه من قبل، ونصحته أن يترك "العفن" في آخر مراحل قراءة كتب بن نبي، وعليه بكتاب "وجهة العالم الإسلام" الذي ألفه في منتصف الأربعينات أي في بداية حياته، وكتابه "مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي" الذي ألفه سنة 1972، ولم يغير ولم يبدل رغم مرور العقود من الزمن، وكتابه" الصراع الفكري" الذي يعتبر قاموس يهتدى به في كل حين.
ونصحته أن يدون ملاحظاته عبر هامش الكتاب الذي يقرأه، وأن جمال الكتاب في أن يتسخ بحبر القارىء ليعود إليه فيما بعد فيضيف أو يصحح.
أقول له: نتعمد التحدث عن الكتب التي قرأناها لنثير في القارىء حب القراءة والمطالعة، وأن يقرأ الكتاب من زاوية أخرى فتتعدد وجهات النظر للكتاب الواحد، فيستفيد صاحب الكتاب من النقد ويستفيد القارىء.
مقالات اخرى للكاتب