المجتمع العراقي يشكو من الحكومات والسياسيين،ويشكو من كثرة الفساد، ومن المسؤولين السرّاق،ومن عدم الأمن،والبطالة،والفقر،وغيرها،ولكنه
لا يغيّر هذا الواقع السيئ.
السبب في ذلك،يعود الى عدم احساسه وشعوره بالمسؤولية، والمجتمع عندما يكون هكذا، فسيعيش هكذا،ويموت هكذا، والدليل في ذلك الأنتخابات،فهو يعود في كل مرة وينتخب الفاسد!.
يحكى:(ان رجلاً حكيماً كان يعيش في أحد أقطار الشرق… لم يكن يبخل على أي قاصد له،في إسداء النصح له وإرشاده إلى طريق الخلاص من الهموم والكآبة والقلق،وكان الناس يقصدونه من كل مكان طالبين العلاج على يديه،وأكثر أولئك الزائرين… قد شفوا… ولكن بعضهم كان يعود بعد اللقاء،وهو على حالة من الشقاء او أضلّ سبيلا!
ذات صباح كان الحكيم الفيلسوف جالساً…دنا منه شاب ورجاه ان يسمح له بمقابلته،فسمح له بذلك ودار بينهما الحوار التالي:
الشاب:عذراً سيدي.أرجو أن تسمح لي بهنيهة من وقتك…لقد تناهى الى أسماعي صيتك العريض ومقدرتك على معالجة العواطف المكدودة واستطاعتك جلب السعادة الشخصية، فهب لي شيئاً مما عندك.
الحكيم:أبسط شكواك يا ولدي فأنا مصغٍ اليك،ويسعدني ان أمد لك يد العون لو أستطعت.
الشاب:قل لي إذن، ما علة إحساسي بالتعاسة الشديدة؟فأنا شاب موفور الثراء…ولكنني لا أحس بالرضى من نفسي،ان لي زوجة طيبة وأسرة كبيرة،ولكننا دائموا الخصومة…إنني أتمتع بصحة طيبة،ولا أعاني ألماً أو وجعاً،وبالرغم من كل هذه الأمور فإنني دائم الشعور بالتعاسة،فهل تستطيع أن تدلّني على سبب ذلك؟
الحكيم:جوابي هو كالتالي:إنّك تعِس لأنك لا ترى الحياة رؤية صحيحة.
الشاب:ولكن ذلك لا يمكن ان يكون، فأنا أرى الحياة رؤية صحيحة،إنني أراك أمامي وأرى الاشجار والنهر…أفلا أرى الحياة رؤية صحيحة؟
الحكيم:بلى،ولكنك لا ترى إلا ما تسهل رؤيته،وتحوّل بصرك عما هو مهم أن تراه؟
الشاب:ولكنني أبصر ما يبصره أكثر الناس،أفلا يكفي ذلك لأن أكون مبصراً للحياة على حقيقتها؟
الحكيم:كلا،فأقوالك تدلّ على أنك لا ترى إلا ما تراه أكثر الناس،ولكن لكي تكون سعيداً فإن عليك أن تفهم كنه ما تقع عيناك عليه.
الشاب:اؤكد لك يا سيدي أنني ارى الحياة رؤية صحيحة،أليست هذه شجرة؟الا يجري النهر؟
الحكيم:لقد صار بمقدوري الآن أن أجيب على سؤالك الأصلي...إن سرّ شكواك يرجع أولاً:الى كونك لا ترى.وثانياً:الى أن قناعتك هي أن ما تراه هو حقيقة الحياة!
الشاب:ما أزال غير قادر على فهمك!
الحكيم:إن ذلك يعني أنك لا تريد أن تفهمني،إن العناء هو الثمن الذي ينبغي عليك دفعه لكي تظل قابضاً على يقينك،ولذلك فإن مراعاتك الصواب والحق في حياتك،هي أهم من سعادتك...)
الأستياء من الحكومات والواقع السيئ،والشعور بالتغيير نحو الأحسن،يحتاج إلى إرادة، والإرادة يجب أن تتحول الى عمل، وإلاّ مجرد الإحساس فقط،معناه الرضى والقبول بكل السلبيات.
مقالات اخرى للكاتب