بما اكده مستشار علي خامنئي حول تنفيذ المالكي ما امره به ولي الفقيه و موافقته على التنحي من الترشيح لمنصب رئيس مجلس الوزراء، من اجل مصلحة الشيعة في العراق حسب قوله. اكتشف لنا جميعا ان التمحور هو من يامر و ليس الديموقراطية او الاصوات اوحقوق الكتلة الكبيرة او تنفيذ فقرات الدستور . فيمكن قراءة امور كثيرة اخرى من خلال ماوراء هذا الخبر العجيب الغريب .
لقد استبشر الجميع الخير و تفائلوا لدرجة كبيرة بمجي السيد العبادي، نتيجة الفروقات الفردية في التربية و المعيشة و الخلفية العائلية و الثقافية التي يتمتع به العبادي، الا ان الحذر كان على خلفيته الحزبية و مواقفه السابقة ما بعد سقوط الدكتاتور العراقي قبل اي شي اخر .
الخلافات الكبيرة بين مكونات الشعب العراقي لم تكن خافية على العبادي و كان هو بنفسه في خضم تلك الخلافات و كان في بعض منها جزءا من المشكلة ايضا، الا ان العالم توقعوا بان المنصب هو ما يفرض امور اخرى و للمسؤليات وفق المستوى المواقف و العمل و التوجهات ربما تختلف كثيرا عن بعضها، و نوع و درجة المنصب هو ما يجب ان يبني الموقف و الرؤية الصحيحة .
تعاطف و تعاون الجميع مع السيد العبادي و استبشروا خيرا منه، و كما هو حال العراقيين الطبيبين يتوقعون الخير دون ان يقراوا ماوراء العمليات السياسية التي تحصل، هم شعب كما كانوا اثناء السقوط و ما بعده من التفاؤل لكل تغيير يحصل في القمة . لو تكلمنا من منظور التمحور الشيعي السني و ما تهتم به ايران من دول المنطقة و تتدخل و تعتبرهم الحديقة الخلفية لحكمه، و هم كل من العراق و سوريا و لبنان و اليمن، كما قالوا انهم المسيطرون عليهم و هم ينفذون اجنداتهم من خلالهم .
لازالت المكونات الاساسية العراقية اضافة الى الشيعة، الكورد و السنة في حالة انتظار لما يبديه السيد العبادي من السياسة تجاههم على ارض الواقع، و يتمنون استئصال مشاكل كثيرة لازالت سارية، وينتظروا ان يفكر السيد العبادي من رؤية مصلحة و حقوق واجبات المواطنة لكل عراقي و ليس وفق الدرجات المذهبية و العرقية . و توقع الكثيرون بانه و ان جاء من خلال المرشح و المصفي الايراني الامريكي، و انما سوف يعتبر من سياسات المالكي الخاطئة من قبله و يتعض من نتائج ما افرزته اخطائه الشنيعة في تعامله مع المكونات و حقوقهم و ما يفرضه الدستور. اننا و ان انتظرنا لمدة اخرى الا ان الشعب في حال و ظروف معيشية لا يمكن ان يستمر على هذه الحال، فاذا فقد الامل في الاصلاح و تصحيح المسار فسوف يتخذ موقفا حاسما و ربما سيضر بالعراق اكثر مما احدثه داعش و استغل ما كان موجودا من واقع هش للمجتمع العراقي.
ان العبادي و منذ مجيئه حمل دعما داخليا و اقليميا و عالميا على امل ان يحسن من الاحوال و يصحح ما افسده سلفه المالكي و يعيد الواقع الى ما كان عليه على الاقل. فان فشل و مارس ما يهم التمحور الذي جاء به فقط فانه لن يعيد الا ما وقع فيه المالكي و سيتضر اكثر منه و يدخل العراق في نفق مظلم اطول مما ادخله المالكي من قبله .
اذا، امام العبادي الوقت القصير و الفرصة القصيرة وفق ما نقراه من المعادلات الموجودةداخل العراق و المنطقة، و ان انتظر الشعب قليلا كي يندحر داعش خلال العمليات العسكرية التي يمكن ان ينفذها الجميع على الاكثر، فانه لن يستفيد و لن يفيد الشعب العراقي و لن يضيف الى اللحمة الشعبية المنفرطة التي تمزقت الا التشتت و التفريق الاكثر لو بقى على ما هو يسير عليه بهدوء و بلا ضجة اعلامية الا انه يلتزم بما التزم به سلفه من ضيق الافق و العقلية و النظرة . و به لا يضيف الى نفسه و تاريخه و العراق شيئا يمكن ذكره، و يمكن ان يعيد اخطاء الماضي و ما بدرت من سلفه و سيتضرر الجميع و هو قبلهم، و لم يحصل الا على النتيجة ذاتها .
مقالات اخرى للكاتب